| مقـالات
ذكرت في المقالة السابقة أن فترة الستينات الميلادية قد شهدت أحداثا عربية/ عربية لعبت دوراً بالغاً في قولبة وتشويه الصورة العربية بطريقة أكثر حدة وايلاما مما لعبه اليهود في هذا المضمار، وذلك في حال أخذنا في الحسبان حقيقة أن اليهود اعداء ألداء وديدن العدو - أي عدو - تسخير كل ما في حوزته في سبيل تحقيق الانتصار في المعركة وفي الحرب على حد سواء. هذا وقد ذكرت حقيقة تاريخية مفادها ان انتصارات بني يهود على مسارح القتال قد واكبها كذلك انتصارات إعلامية )ذكية( على مسارح الإعلام العالميةمما أدى الى إلحاق المزيد من الهزائم النفسية بالعرب وأضاف إلى نفسياتهم العليلة اعتلالا واعتلالا . بعبارة أخرى، ان توالي أحداث ترنُّح العرب أمام عدو وافد غريب محتل من جهة واغتيال )شخصيتهم Character( عالميا من جهة أخرى، قد ألقى بهم الى تهلكة الإحباط فولوج متاهات التنفيس المرضي عن الذات المهزومة - أو المفقودة - عن طريق امتطاء صهوة عقلية: )وأحيانا على بكر أخينا..!(، وهذا ما حدث بالفعل، بل هذا هو ما يفسر تميز فترة الستينات الميلادية بكثرة الخلافات العربية/ العربية الأمر الذي يوحي للمتمعن بأن ارتفاع معدلات الخلافات العربية/ العربية يرتبط ارتباطا وثيقاً بارتفاع معدلات هزائمهم العسكرية والنفسية على أيدي اليهود. هناك )زمانا ومكانا( استطاع العقل الصهيوني الخبيث المدلس من أن يُقنع العقل الغربي )الضعيف!( بأن ما يفعله اليهود بالعرب لا يتعدى كونه امتدادا لصراع حضاري تاريخي ضد )بدائية عربية تاريخية!( لها وجود وتواجد في قاموس )الوجدان الغربي!( منذ الحروب الصليبية الظالمة. وهكذا وفرت سياسات )جلْد الذات العربية لذاتها( التبرير اللازم لتصديق ما يشيعه اليهود عن العرب، وبما أن من لا يرحم نفسه فلن يرحمه عدوه، فقد واصل بنو صهيون بث الأمثلة الحية - على موت العرب حضاريا - عبر الهواء )النفسي( المباشر من )استديوهات( أحداث بدايات ونهايات الستينات الميلادية.. كأيلول الأسود وترهات شعارات من قبيل نفط العرب للعرب.. ليزداد الاسقاط )فالسقوط(، وتنبثق منظمات ومنظمات تدَّعي تحرير الأرض من الفنادق لا الخنادق، وتدعو الى الجهاد تحت أسنة )معازف( المسارح، ومن على ساحات المنظمات التقدمية )الى الخلف( اليسارية الى حد )الاعسار الفكري(، القومية الى درجة لم تقم بعدها للعرب قائمة، بل الى الدرجة التي أصبح لدى ساسة الصهاينة الوقاحة للإيحاء للعالم أجمع بأن ما يفعلونه بالعرب - عسكريا واعلاميا - يُعتبر )رحمة بالعالم( وانقاذا له من وحشية العرب استدلالا - ومعهم الحق كأعداء - على أن ما يفعله العرب بالعرب لا يُقارن بما يفعله اليهود بأعدائهم الفلسطينيين.
في هذه الأجواء )الزمنية( الذليلة قدمت الى هذه الدنيا أجيال واستيقظت أجيال لتجد إرثا حضاريا مشوها، وعدوا غريبا منتصرا، وأرضا سليبة وعقولا مستقلبة وحينئذ بزغت - كردة فعل - حركات عنف دموية باسم تحرير الأرض بمسميات مثالية هي الأخرى لتلحق بنا ضررا أشد وأنكى مما فعلته أحداث الستينات الميلادية بتاريخنا وحضارتنا وعقيدتنا الاسلامية. إنها حركات امتشقت السيف باسم استعادة الأمجاد فردته الى نحور أهلها مُجهزة في النهاية على أمة عانت من الهزال الحضاري ما عانت فحزَّت من أوردتها ما غفلت عن حزِّه القومية العربية المزعومة الأمر الذي أضاف إلى ألم تشويه الحضارة العربية على يد القومية العربية، ألم تشويه العقيدة الاسلامية السمحة...
ختاما، دونكم أسئلة ألم طرحها لا يضاهيه سوى ألم إجابتها:.. هل يُلام غرب زماننا هذا على اعتقاده بهمجية العرب وصدام حسين يقطع ألسنة وأيدي شعبه المكلوم، هذا إذا لم يشملهم بعطفه وكرمه فيرحهم بقطع رؤوسهم..؟!.. بل هل يُلام الغرب على اعتقاده بهمجية المسلمين في ظل ما يفعله ارهابيو الجزائر قتلا للأبرياء وبقرا لبطون النساء الحوامل..؟! بل ما رأيكم في موقف )حقيقي!( بطلته امرأة غربية سرح الله سبحانه قلبها للاسلام فقررت اعتناقه بيد أنها )غيرت رأيها في آخر لحظة!( وذلك على اثر مشاهدتها لتلفازات العالم تمطر العالم بتفاصيل أول قرارات اتخذتها حركة طالبان الأفغانية بُعيد تسنمها السلطة في أفغانستان.. قرارات مزعومة فحواها تحريم الاسلام لدراسة المرأة وتجريمه لعملها.. وحينها لم تترد وسائل الاعلام الغربية بتلقف هذا الخبر وبثه في كافة أرجاء سديم هذا الكوكب بصور خلفية - مُهندسة نفسيا! - لأعداد هائلة من )الطبيبات( الأفغانيات وهن يفترشن الأرض في بيت طيني متهالك في أجواء يخيم عليها الحزن والأسى وذلك بعد أن تم طردهن.. ومن أين؟.. من المشافي حيث كن يطببن ويعتنين بمرضى المسلمين من العجزة والأطفال وغيرهم من ضحايا الحرب الأهلية المجنونة هناك..!!
.. لطفك يا ذا اللطف..
ص.ب 454 رمز 13511 الرياض
|
|
|
|
|