|
| العالم اليوم
* واشنطن د ب أ:
ألمح وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد أمس إلى أن طاقم طائرة التجسس الأمريكية عجز عن تدمير البيانات والمواد الاستخبارية بالكامل قبل قيامه بهبوط اضطراري في الصين. وقال رامسفيلد إن طاقم الطائرة تمكن من تدمير «كم كبير» من تلك المعلومات الحساسة وأشاد بمجهوداته. وبذل وزير الدفاع الأمريكي جهدا كبيرا في التأكيد على اعتقاده بأن الاصطدام الذي وقع في مطلع نيسان (إبريل) الجاري بين طائرة الاستطلاع الأمريكية المتقدمة ومقاتلة صينية بمنطقة بحر الصين الجنوبي كان حادثا عرضيا.
إلا أنه أكد مجددا على وجهة نظر بلاده في أن الطيار الصيني هو المخطئ كما انتقد الطبيعة «العدوانية» للطيارين الصينيين في المنطقة الشهور الأخيرة. وقال رامسفيلد إن الطيارين الصينيين قاموا على مدى الشهور الثلاثة الماضية باعتراض طائرات الاستطلاع الأمريكية 44 مرة، وأن ستة من هؤلاء الطيارين اقتربوا لمسافة تسعة أمتار من الطائرات الأمريكية وأن اثنين منهما اقتربا لمسافة ثلاثة أمتار فقط.
وقال وزير الدفاع الأمريكي «إن قلقنا إزاء مسلك الطائرات الصينية دفعنا إلى تقديم احتجاجات رسمية في كل من واشنطن وبكين في كانون أول (ديسمبر) الماضي». وانتقد رامسفيلد مسلك بكين خلال النزاع الدبلوماسي الذي استمر 11 يوما والذي أعقب احتجاز أفراد طاقم الطائرة الأمريكية البالغ عددهم 24 والتي قامت بهبوط اضطراري في جزيرة هينان بجنوب الصين دون الحصول على إذن مسبق. وفي إشارة إلى حالات هبوط طارئ أخرى لطائرات أجنبية، قال وزير الدفاع الأمريكي: «في مواقف مماثلة، لم تقم الدول باحتجاز أطقم الطائرات ولم تحتجز الطائرات». يذكر أن الصين أفرجت عن الطاقم يوم (الخميس) الماضي وقبل أيام قليلة من حلول عيد الفصح الغربي الموافق اليوم لأحد. وكان الرئيس جورج دبليو بوش قد حث المشرعين الأمريكيين من «الصقور» وعقب عودة طاقم الطائرة مباشرة على ضرورة التعامل مع أبعاد قرار الصين باعتراض مسار المقاتلات الأمريكية في المياه الدولية واحتجاز طائرة التجسس مما مثل نوعا من «التحدي» السافر من جانب بكين لواشنطن. ويرى مراقبون أن هذا التصريح من جانب بوش هو بمثابة إعطاء الضوء الأخضر لاتمام صفقة تزويد تايوان بنظام صاروخي متقدم في المستقبل القريب. ومن المقرر عقد لقاء جديد بين الجانبين الصيني والأمريكي يوم الأربعاء القادم حول قضية طائرة التجسس التي مازالت رابضة بالأراضي الصينية وتنظر الإدارة الأمريكية الجديدة إلى الصين باعتبارها «منافسا استراتيجيا» لها في منطقة المحيط الهادي. وذكر رامسفيلد ومسؤولون آخرون بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) أن الطائرة الأمريكية كانت تطير باستخدام الطيار الآلي في مسار منتظم وخط مستقيم. ونفوا تأكيد طيار صيني ثان بأن الطائرة إي بي 3 تسببت في الحادث عندما استدارت فجأة. وقال مسئولو البنتاجون ان وانج اقترب من الطائرة الأمريكية ثلاث مرات وأنه اقترب في الأول لمسافة تتراوح بين متر و501 متر وأنه ضرب المراوح المثبتة في جناحي الطائرة الأمريكية في الثالثة.
وقد انشطرت الطائرة الصينية شطرين ثم هوت في البحر. وفقدت الطائرة الأمريكية أحد محركاتها وأصيبت بأضرار في الأجنحة وأحد مراوحها وفقدت مقدمتها التي تضم معدات أساسية. وأحدث الحطام المتطاير ثقوبا في جسم الطائرة والتف أحد الهوائيات حول الذيل. وتمكن الطيار شون أوزبورن بعد أن فقد كثيرا من معدات المقاتلة من إنقاذ الطائرة من السقوط واستطاع الطيران لمدة 15 دقيقة إلى جزيرة هينان الواقعة جنوب الصين وتمكن من القيام بهبوط اضطراري في إحدى القواعد العسكرية هناك. وخلال فترة الطيران القصيرة تلك أبلغ طاقم الطائرة ذويهم بأنهم يعملون على تدمير مواد ومعدات استطلاع سرية. وصرح جوف هاز لصحيفة التايمز بقوله «كنا نحطم أشياء ونخلط أشياء بأشياء بل وكنا نطوح بأشياء بعيدا».
وقال شقيقه «لقد أبلغنا أنه فخور بأن الصينيين لم ينالوا أي شيء مهم». وأفرجت الصين عن 21 رجلا وثلاث سيدات (الخميس) بعد نزاع دبلوماسي استمر 11 يوما مع واشنطن بشأن احتجاز الطاقم والطائرة. وانتقد رامسفيلد احتجاز الصين للطاقم وطائرتهم التي يقدر ثمنها بحوالي 80 مليون دولار. وفي إشارة إلى حالات هبوط طارئ أخرى لطائرات أجنبية، قال وزير الدفاع الأمريكي «في مواقف مماثلة، لم تقم الدول باحتجاز أطقم الطائرات ولم تحتجز الطائرات». وأمضى الطاقم ثاني يوم له في هاواي حيث تواصل سؤاله بشأن ملابسات الاصطدام. ومن المقرر أن يغادر الطاقم هاواي صباح (السبت) أمس عائدا إلى بلاده حيث يعد له استقبال حار في قاعدة ويدبي في واشنطن باعتبار أفراده «أبطالا». كان قد تم الإفراج عن طاقم طائرة التجسس بعد أن أعربت الولايات المتحدة عن بالغ أسفها لفقدان الطيار الصيني وانج الذي يبدو أنه قد لقي حتفه، ولدخول الطائرة الأمريكية المجال الجوي الصيني دون الحصول على إذن بذلك. هذا وقد انضم أفراد الطاقم إلى أسرهم أمس (السبت) الذي يوافق عشية عيد الفصح الغربي. وتواصل الصين تحميل الولايات المتحدة المسؤولية عن الاصطدام فيما تعهد مسؤولون أمريكيون بينهم الرئيس جورج دبليو بوش بمواصلة مهام الاستطلاع الجوي قبالة الصين. ويتم تنفيذ هذه الطلعات عدة مرات في الشهر الواحد. وقال رامسفيلد «اننا وبوضوح سنواصل مهام الاستطلاع الجوي. إننا نحتاج للقيام بهذه المهام من أجل أمن قواتنا وأمن حلفائنا». وأعلنت كل من الصين والولايات المتحدة أن الحادث لم ينته. ولا تزال الطائرة الأمريكية رابضة في الصين. وأعرب خبراء عن اعتقادهم بأن بكين تقوم بفحص بيانات ومعدات الطائرة ذات التكنولوجيا العالية.وتستأنف المحادثات بين البلدين يوم (الاربعاء) القادم بشأن عودة الطائرة وسبب وقوع الحادث وسبل منع تكراره. يذكر أن رامسفيلد الذي يعتبر من الصقور المطالبين باتخاذ موقف متشدد تجاه بكين امتنع عن الإدلاء بأية تصريحات خلال الأزمة بأوامر من الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش حتى لا يتم إثارة غضب عتاة الصقور بالصين. وعقب وصول أفراد الطاقم المفرج عنهم بجزيرة هونولولو أدلى بوش بتصريح متشدد حث فيه الصقور من المشرعين الأمريكيين على التعامل مع أبعاد قرار بكين باعتراض مسار طائرة الاستطلاع الأمريكية في الأجواء الدولية واحتجاز طاقمها وهو ما يمثل «تحديا» لواشنطن. وذكر مراقبون أن هذا الخط المتشدد من جانب بوش يمكن وصفه بمثابة الضوء الأخضر للكونجرس لكي يوافق خلال الشهر الحالي على تزويد تايوان - التي تصر الصين على اعتبارها إقليما منفصلا عنها - بصفقة نظام صاروخي متقدم تعارضه بكين بشدة. وفي لندن نقلت شبكة بي. بي. سي الإخبارية البريطانية عن خبير غربي قوله إن اليابان وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول الغربية الحليفة التي تزودها واشنطن بمعلومات عن أنشطة الصين العسكرية باستخدام هذا الطراز من طائرات الاستطلاع ستضطر إلى تعديل نظام الشفرة الخاص باستقبال تلك المعلومات بعد قيام بكين على الأرجح بفك تلك الشفرة الخاصة المسجلة بأجهزة الطائرة الأمريكية.
|
|
|
|
|
