| الاقتصادية
الجريمة حدث لا أخلاقي، وفعلة ترفضها المبادئ والقيم الأخلاقية، وتنبذها كافة الأديان والمجتمعات، لأن وقوعها يعبر عن ظهور مفسدة تلقي بظلالها على روح وقلب حياة مطمئنة أراد لها العزيز العظيم مودة ورحمة، فقد قال خير من قال في محكم كتابه «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة..» الاية، فلا وجود لمن أراد ان يسفك دماء أبرياء أو يزهق أرواحهم لهدف من الأهداف الدنيوية، قد يكون ذلك مقابل حفنة من الأموال التي لا تساوي شيئا عند إبقاء حياة الإنسان مكرمة معززة، والذي كرمه رب العزة والجلال على كافة خلقه. وإن ما حدث من جرائم وقعت في بلدنا الآمن إبان الفترة الماضية، وكان أبطالها عناصر قد يستغرب البعض منا حدوث مثل ذلك الجرم منهم، وبالذات من أشخاص يحملون مؤهلات علمية رفيعة المستوى، فلو قيل إن ما قد حدث هو فعل رئيس فني تخدير أو مستشار تسويق أو منسق حوادث مستشفيات، لكانت توقعات الجميع تشير الى ان مثل هؤلاء هم آخر من يفعل ويقوم بمثل هذه الأفعال المشينة، ولكن ما هي ردة الفعل ياترى إذا قيل ان من ارتكب وأحدث هذه الجرائم هم أولئك، حملة الشهادات العليا التي أوصلت بهم شهاداتهم العلمية الى تلك المناصب أو المسميات من الوظائف ذات المستوى الرفيع في مجال التوظيف!!
إنني أحببت من خلال تلك المقدمة الكتابة عن خطورة ما قد ينجم جراء التعامل مع بعض من العمالة الوافدة، وجراء الثقة المفرطة في التعامل معهم هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى القسوة في التعامل معهم والتي مؤداها حدوث عواقب وخيمة لا تحمد عقباها، ولأن الثقة المفرطة ومنح مساحة كبيرة من حسن النية من قبل أرباب العمل تجاه بعض هذه العمالة، ذلك غالبا له أثره السلبي على الطرف الآخر من الأسر التي تعمل لديها أو من أصحاب العمل الذين منحوهم صلاحية التصرف في كافة أعمالهم وأنشطتهم التجارية، فليس من الواجب أبدا إطلاق الصلاحية المطلقة من لدن أرباب العمل عامة في الاستئمان على أعمالهم تجاه من يعملون لديهم سواء في البيت أو المنشأة إلا في حدود معينة وتحت إشراف ومراقبة، وقد حدث من الحوادث ما لا حصر له جراء هذه الثقة التي ليست في مكانها، وقد أوصلت أرباب العمل الى نهاية مدمرة بسبب ذلك الإفراط، كما أن سوء التعامل مع العمالة الوافدة مؤداه تلك النتائج السلبية.
إن الأهم في هذا الطرح هو الإشارة الى ان الاعتقاد العام بأن غالبية الجرائم التي تحدث ان لم تكن جميعا تأتي من فئة معينة من العمالة الوافدة وذات المهن الدنيا على وجه الخصوص، فذاك اعتقاد قد لا يكون في محله ويجب التحفظ تجاهه تصورا واعتقادا، لأن ما حدث مؤخرا يؤكد لنا خلاف ذلك، حيث ان ما حدث فعليا هو ان هذه الأفعال أتت من فئة تعد في مصاف القدرات البشرية العالية المستوى علميا وثقافيا ووظيفيا وللأسف الشديد!! فهذا يجعل الجميع يراجعون حساباتهم لتقييم هذا الأمر، ومن ذلك الاعتقاد المأثور خاصة، والمضي في أخذ الحيطة باستمرار من أي فئة من العمالة، كما أن الحذر يجب ان لا يكون تجاه جنسية معينة، فقد لا يكون من المتوقع لدى عامة الناس أن يقوم بفعل جرائم التفجيرات هذه جنسيات يندر منها القيام بمثل هذه الأفعال في بلدان عربية على أدنى توقع، إما لقلة تواجدهم فيها أو لاعتبارات أخرى، إلا أن ما حدث قد حدث، ولهذا وجب أخذ الحذر والحيطة على الدوام، ولكي نكون منصفين فإن هذه العمالة أتت بناء على رغبتنا ولتشاركنا البناء في بلدنا ومجتمعنا الواعد، ونحن نشهد لها على ما قامت وتقوم به من أعمال جليلة من خلال وقوفها جنبا الى جنب مع عمالتنا الوطنية، إلا أن ما هو مطلوب الاتيان به هو عدم منح الثقة المفرطة فيهم، فقد لوحظ وللأسف الشديد، أن بعضاً من الأسر من يعهد للعمالة المنزلية صلاحية فتح وغلق أبواب المنزل من خلال إعطائهم مفاتيح أبواب المنزل، ولا شك ان هذا الأمر يمثل مشكلة بل قضية لها عواقبها المريرة في أي لحظة، فعلينا ان نعهد إليهم بالقيام بأعمال معينة ومحددة خصوصا داخل منازلنا وتحت إشراف ومراقبة منا، وفي الوقت نفسه يجب أن يدرك الجميع أن لهذه العمالة انتماءاتهم الدينية والعرقية، فضلا عن العادات والتقاليد التي يتسمون بها والتي مؤداها التأثير على عاداتنا وتقاليدنا التي نتسلح بها اجتماعيا، ونفتخر بها لأن قوامها دين الإسلام الحنيف، فلا يجب منح الفرصة لأنفسنا أن نتأثر بذلك كي لا نكون ضحية للآخرين. وفي داخل منشآتنا علينا ان نسعى في كل صغيرة وكبيرة تحقيقا لأهداف منشودة ) اجتماعية وأمنية واقتصادية(، وقبل الختام لا يفوتنا هنا أيضا الاشادة وتقديم الشكر الجزيل لمن قدم إلينا من العمالة الوافدة وعاش ببلادنا ولا يزال أو رحل الى وطنه، وكان مثالا يحتذى به، ولهؤلاء كامل التقدير والثناء حينما وعندما كانوا ويكونون سفراء لبلادهم.
|
|
|
|
|