|
| مقـالات
في عصر تتسابق فيه الأمم والبلدان على مصادر زيادة الدخل والثروة لما في ذلك من أهمية في حياتها وتطورها وتقدمها، ولذلك نرى ان الدول قد صارت تستثمر حتى أبسط ما لديها من أجل إظهار نفسها بالمظهر اللائق من أجل المنافسة في الأسواق الدولية.
في هذا العصر التنافسي أصبحت سوق السياحة ـ كما يطلق عليها ـ سوقاً من أبرز وأهم الأسواق، فهي السوق التي تمثل مصدراً أساسياً للدخل للعديد من البلدان، كما انها تشكل مصدراً هاماً او رافداً لا يستهان به في عدد آخر من البلدان.
في بلادنا الحبيبة مصادر الثروة والخيرات والرزق الوفير متاحة والحمد لله، وأينما وجهت نظرك او اتجهت وبحثت او عملت، فإنك لا محالة ستجد الثروات بأشكالها وأنواعها ـ والحمد لله ـ، وهذه نعمة كبيرة من الله تعالى يحسدنا العالم عليها، وعلينا شكر الله للحفاظ عليها.
لقد بقي قطاع السياحة بعيدا عن الناتج الاجمالي لهذه الديار المباركة. ولم يبدأ الاستثمار الحقيقي فيه الا متأخرا، ولهذا أسباب متعددة، مع ان هذا القطاع يمكن ان يكون من القطاعات الأساسية في حياتنا لخصوصيتنا المتمثلة بالتنوع المناخي، واتساع الرقعة الجغرافية، ووجود البحر والصحراء والسهول والجبال، ووجود القديم العريق جنباً الى جنب مع أحدث تقنيات العصر والبيئة المتنوعة، وغير ذلك كثير، والأهم من كل هذا وجود الحرمين الشريفين أقدس بقاع الأرض وأطهرها واللذين لا تتم العمرة والزيارة والحج إلا فيهما، والعمرة دائمة متواصلة على مدار العام، وكل هذه مجالات استثمارات لاغبار عليها يمكن تنظيمها، وتوسيعها، وتقديم افضل الخدمات بما يحقق أكبر جاذبية وبأفضل الأسعار وأروع الخدمات، وهذا ينتج دخلاً هائلاً ـ بإذن الله ـ ويصل الانتعاش لكل أبناء الأمة.
طبعا الأمر لا يأتي من أمور ارتجالية وأفكار مجردة، بل لابد من دراسات واحصائيات وأعمال كبيرة لانجاز ذلك وفق أحدث وأدق المعايير المعمول بها دولياً، وبما يتناسب مع خصوصيتنا المباركة.
أيضا هناك قضية كبرى ألا وهي عملية تشجيع السياحة الداخلية لما في ذلك من فوائد اجتماعية ودينية وأخلاقية واقتصادية بشكل لا يخفى على أحد، وبهذا نحمي بلدنا ونحصنه، والسياحة الداخلية لأبناء البلد بالدرجة الأولى، ويجب تشجيع الضيوف عليها، لأنها تعرفهم بهذه البلاد، وتساهم بالحركة السياحية في البلد، ويمكن تنظيم برامج رحلات وزيارات مدروسة ومخططة بشكل يناسب الجميع لاعطاء هذا الجانب ما يستحقه من الدراسة والتحليل.
وضمن اطار العمل المدروس والمنظم والمخطط له وقع بين يدي كتاب من اعداد الأخ الاستاذ ناصر بن عقيل الطيار بعنوان «أثر السياحة على اقتصاديات المملكة العربية السعودية» والكاتب اكثر من معروف في مجال السياحة والسفر، وهو ذو باع طويل في هذا المضمار، وخبرة ادارية، بالاضافة لشهاداته الأكاديمية وخبرته المهنية.
اعتبر الكاتب ان السياحة أحد الأنشطة الطبيعية المهمة للانسان لدافع الرغبة في ارتياد مناطق جديدة، والاستمتاع بجمال الطبيعة في تلك المناطق، ولتحقيق منافع اخرى دينية واقتصادية واجتماعية وثقافية وصحية، وذكر ان قطاع السياحة قد شهد خلال السنوات الأخيرة الماضية اهتماماً كبيراً وملحوظاً، وأصبح عنصراً مهماً في دعم الاقتصاد للدول، وأشار لدورها في القضاء على البطالة، وخلق التنمية المتوازنة بين المدن والأقاليم، وتشجيع الاستثمار، وقيام كثير من الصناعات الاخرى المهمة التي يتوقف قيامها على نشاط السوق السياحي. ان هناك ضرورة لتنوع حصاد الدخل، وإعادة هيكلة الاقتصاد بأخذ نصيب من سوق السياحة الاقليمي والعالمي.
لقد باتت السياحة كما يقول المؤلف من الصناعات المهمة، ولم تعد تقتصر على المفهوم الترفيهي، او تعرف بالكماليات نسبة لارتباطها بكثير من احتياجات الانسان الضرورية.
واضاف ان لها أثرا في تبادل الثقافات بين الشعوب، وعملية نقل التكنولوجيا المتطورة، وأثر في نفسي ذكر الكاتب ان استثمار السعوديين بالمشاريع السياحية بالخارج قد بلغ 700 مليار ريال!! وان المملكة تستنزف سنويا على السياح السعوديين بالخارج مبلغ 60 ملياراً !! أليست بلادنا ومواطنوها أحق بهذا؟! لقد استند البحث لمفاهيم ومنهجية وفرضيات علمية وأكاديمية، واستعرض الدراسات السابقة، وأفرد الباحث فصلاً لتاريخ السياحة وأهميتها عبر العصور وانواعها ودوافعها وبواعثها وأهميتها، بالاضافة لكم قيم وهائل من الاحصائيات والمخططات والجداول ذات الدلالات الواسعة، وعرج على البيانات الأساسية للسياحة بالمملكة الحبيبة.
وفي الفصل الرابع حدد الفوائد الاقتصادية والاجتماعية للنشاط السياحي في المملكة، وبعد ذلك ذكر أثر النشاط السياحي على الدخل القومي في هذه الديار، وأنهى المؤلف كتابه باستعراض لنتائج الدراسة وتوصياتها، بالاضافة لتوثيقه بالمراجع العربية والأجنبية.
الكتاب من الكتب النادرة في هذا المجال، وبالاضافة لجمالية عرضه، واستعراضه اشتمل على منهجية البحث العلمي وأكاديميته، وهو كتاب تستحقه اي مكتبة سواء للمهتمين بهذا المضمار او لعموم الناس، وخصوصا ان الهدف ليس الكتاب بحد ذاته، وإنما ما يفتحه من آفاق استثمارية واسعة تخدم الشخص المعني، وتخدم البلاد والأمة ككل، تصفحي للكتاب شدني لتسطير هذه الكلمات، علها تكون في سجل منفعة الأمة والمجتمع.
والله ولي التوفيق
alomari1420@yahoo.com
|
|
|
|
|
