| مقـالات
لا أظنه خُدع شعب في العصر الحديث بمثل ما خُدع العرب في عملية السلام مع اليهود، ومع هذا ما زال من بين العرب من يعلّق آمالاً كالسراب على امكانية السلام مع اليهود المحتلين لفلسطين منذ عام 1948م، فاليهود يقتلون الأطفال والنساء ويهدمون المنازل ويتركون أهلها في العراء، ويدنسون القدس، وكلما عاهدوا عهداً نكثوه من كامب ديفيد الى اتفاق أوسلو الى الاتفاقيات الثنائية، وكلما زاد قومنا هرولة نحو السلام الزائف أعطاهم اليهود ظهورهم إمعاناً في الإذلال، ومع كل هذه الدلائل التي تسطع كالشمس في رابعة النهار يردد قومنا عبارة «الخوف على السلام» كلما ارتكبت اسرائيل مجزرة حتى اختفى ما كان يرفع سابقاً مثل تحرير فلسطين، وحق العودة للمشردين، وحماية الفلسطينيين، وصار أقوى حجة يرى قومنا أنها تجذب لهم تعاطف العالم هو الخوف على عملية السلام.
طائرات وصواريخ ومشاة وجواسيس مما يسمى بالمستعربين كل ذلك كان من أجل مطاردة رجل واحد هو البطل الفلسطيني المجاهد «أبو الهنود» في عمليته البطولية التي انتصر فيها على كل ذلك، ومع كل ذلك كل ما ردده بعض العرب الخوف على عملية السلام.
وعندما جاء خرتيت اسرائيل «شارون» قبل ان يصبح رئيس وزراء بجيش يحرسه ودخل المسجد الأقصى ثار أبناء فلسطين في انتفاضة الأقصى المباركة فلقنوه درساًَ في الجهاد لن ينساه، ولكن عمله هذا أهله لأن يصبح رئيسا للوزراء ولهذا لا غرابة ان يدمر مدن فلسطين، ويقتل الأطفال، ويحصد أرواح الأبرياء، لكن بعض قومنا لم يبك لذلك بل أخذ يردد الخوف من مجيئه على عملية السلام . كأن ما سبقه برد وسلام.
«نتن يا هو» و«يهودا باراك» و«أريل شارون» كلهم قلب واحد في جسوم متعددة، الشيء الذي تفاضلوا فيه هو ان كل واحد منهم فاق سلفه في تقتيل الفلسطينيين وتدميرهم، ثم عدم الحديث عن السلام وإنما كل حديثه عن أمن اسرائيل، وهو من وجهة نظرهم كلهم لا يتحقق الا بإراقة دماء الفلسطينيين، ولم يتباكوا مرة واحدة على عملية السلام، ولم يكرروا مرجعية أوسلو، فالمرجعية عندهم هي أمن اسرائيل، وقد نجحوا في إخراج العرب من شعب مجاهد الى شعب يكرر عملية السلام مع أنه حتى لو صح هذا السلام فالذي استفاد منه حتى الآن هم اليهود لا العرب، وذلك باكتسابهم اعتراف بعض العرب بهم وبوجودهم الظالم على فلسطين.
من هنا فان الذين استغربوا تصريحات اليهودي «عوفاديا يوسف» زعيم حزب شاس مخدوعون، لأن اليهود على قلب يهودي واحد فلا فرق بين هذا ورؤساء وزراء اسرائيل السابقين وزعماء الأحزاب الآخرين، فكلهم يعملون باستراتيجية واحدة واذا كان زعيم شاس قد تكلم بلسانه فان شارون ومن قبله قد طبقوا ما قاله بأسلحتهم فأبادوا العرب بالصواريخ ليس مواجهة للجيوش العربية بل للأفراد وساكني المخيمات وقاطني الأحياء الشعبية.
الشيء الذي ميز تصريحات اليهودي العربي عوفاديا يوسف هو انه أفصح ان حقد اليهود العرب تجاه العرب أكثر من غيرهم من يهود أوروبا، فهو قد طالب بابادة العرب كلهم، ووصفهم بالمجرمين الملاعين وبضربهم بالصواريخ مثل ما وصفهم سابقا بالأفاعي والخنازير والحيوانات، ولو كان المقياس باللسان لانطبق ذلك عليه ولكن مقياسه الدين لا الدم العربي .
يهود العرب في اسرائيل من عراقيين ـ ومنهم عوفاديا يوسف ـ ومغاربة ويمنيين ومنهم الوزراء أشد فتكا وحقداً على العرب من اليهود الآخرين، وان كان كلهم يحمل قلباً من صخر يتصدع شفقة على يهودي مجرم ويدعو لابادة الأطفال العرب الأبرياء والفلسطينيين العزل.
انهم كلهم يهود لا يعيشون الا على دماء الأبرياء ولكن يهود العرب أكثر إجراما، فهل يفيق العرب أهل الجهاد من مخدر عملية السلام التي خدرتهم لسنوات وعسى ان يفيقوا قبل ان تباغت الصواريخ كل العرب في كل المدن العربية وها هو اليهودي العربي الذي يعرف خطط اليهود قد قالها.
للتواصل ص ب 45209 الرياض 11512
الفاكس 4012691
|
|
|
|
|