| عزيزتـي الجزيرة
إذا ما تتبعنا ما يفعله علماؤنا في العصور الماضية وفي العصر الحديث، نجد من ذلك التتبع والاستقراء وقد يكون ذلك الاستقراء ناقصا أن علماءنا عندما ينظرون تجاه الأعمال الأدبية بقصد الدراسة والتحليل والحكم عليها، يتناولون الأعمال النقدية للأوائل فينقدون نقدهم ويحللون ويقومون بتأليف الكتب في ذلك، وليتهم مع ذلك يقومون بنقد أي عمل أدبي، ولكن ذلك لم يكن، وكأن المسألة أصبحت نوعا من أنواع التجارة، بحيث يقوم الشخص بتأليف كتاب، أي كتاب، ويطلب من ذلك الربح المادي فقط، وهذا التصرف من هؤلاء قد يكون إيجابيا أحيانا وقد يكون سلبيا أحيانا أخرى، فهو إيجابي، لأن قائل النص عندما يعلم ان هناك نقادا يتتبعون نقد من نقد نصه الأدبي وقومه يطمئن لعمله والحكم الموجه نحوه من عدم الجور والظلم، وقد يكون ذلك الشيء سلبيا إذا نظرنا إليه من زاوية أخرى ولعل ذلك لا يحصل ، لأن فعل النقاد الذين يقومون برصد الملاحظات على أعمال النقاد السابقين وتحري الهفوات عندهم وعدم ذكر أي حسنة من حسناتهم، لأن أولئك النقاد القدامى بمجرد عملهم هذا فإنه يعد حسنة لهم، أما فعل الذين يقومون برصد الملاحظات فقط فقد يؤدي الى إفساد حكم من سبقهم من النقاد، أو يظهر لدى القارئ أن عمل أولئك ناقص ولا قيمة له، ولعل أقرب مثال على ذلك كتاب طبقات فحول الشعراء ل) محمد بن سلام الجمحي) إلا أن العلماء الذين من بعده استدركوا عليه بعض المآخذ، ولو ان بعض هؤلاء العلماء ألّف كتابا يجاري فيه كتاب ابن سلام لأمكن احترام أقوالهم، ولكن بعد ذلك كله فإنني أقول: إن محمد بن سلام أو غيره من العلماء ممن قام أو حاول أن يقوم بأي عمل فإنه يشكر على ذلك ولابد لذلك العالم ان يقع في خطأ ولا أحد معصوم من الخطأ، ولكن لا نعظم الصغيرة حتى تصبح كبيرة ويؤدي ذلك الى التقليل من شأن ذلك العالم الجليل، فنحن نستفيد من أعمال سابقينا إذا ما أردنا القيام بأي عمل مماثل ولا نكون عقدة لغيرنا فلا نثور ولا نتحرك حتى نرى غيرنا يقوم بعمل معين فنقعد له بالمرصاد، ولا ينبغي ذلك بين أبناء المسلمين ولربما وقع ذلك من أعداء هذه الأمة مثلما وقع للخليل بن أحمد (رحمه الله) من اتهامات تجاه كتابه العين وغيره من العلماء.والله تعالى أعلم..
حمد حميد الرحيمي
كلية العلوم العربية والاجتماعية بالقصيم
|
|
|
|
|