|
| عزيزتـي الجزيرة
لقد كانت معاناة تخرج من قلب يفيض بالأسى، وينعصر ذلك الجسد فتنبثق تلك الدموع الحارة التي تنزف بالألم، وإذا ما نظرت إليه لتجد الحزن مقبعا عليه والهم واضح من شفتيه فما هي تلك المعاناة؟ إنها معاناة طالب أصبحت له المدرسة المعضلة التي لا حل لها، أصبحت المدرسة كالحيوان المفترس الذي يريد ان ينقض عليه وصارت كالحلم المزعج الذي يراوده في كل ليلة فإذا ما أصبح واستعد وتهيأ للدراسة جاءه ذلك الكابوس واقفا أمامه. فما سبب تلك المعاناة؟ لقد تعددت الأسباب ولكن السبب الذي أنا بصدده هو ما يفعله بعض المعلمين من معاملات شرسة مع الطلاب وحاشا أن أعمم في القول ولكن أقول بعضهم، فقداستخدم بعض المعلمين تلك المعاملة التي تذهب من شخصيته وتجعله فظا غليظا، والرسول صلى الله عليه وسلم الذي استجابت له مشارق الأرض ومغاربها كان مثالا يقتدى به ومسلكا يتبع في سيرته قال تعالى: «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك.. الآية» والغليظ هو من قلت شفقته وعزت رحمته كماقال الشاعر:
|
يبكى علينا ولا نبكي على أحد
لنحن أغلظ أكبادا من الإبل |
وتفسير الآية بأنك يا محمد كنت رفيقا بهم تعاملهم بالرفق واللطف ولو كنت خشنا في معاملتك وحاشاه صلى الله عليه وسلم لتفرقوا وذهبوا تاركينك وشأنك ومع هذا فما كانت النتيجة كانت صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين قال عنهم: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.. الحديث) ولقد كانت المعاملة الحسنة من أهم وسائل انتشار الدين الإسلامي حيث كان المسلمون قديما يفدون ويتاجرون مع الذين لا ينتسبون للإسلام بصلة فبسبب الأخذ والعطاء وتلك المعاملة التي يعاملهم المسلمون بها صارت عاملا من عوامل انتشار الإسلام، فالمعلم بإمكانه أن يربي وأن يعلم بطريقة سهلة ومعاملة حسنة، وخذ مثالا بين معلمين، معلم يستخدم الشدة والعنف وترهيب الطلاب وغيرها من أنواع الخشونة لكي يعلم ويربي فتلاحظ ان الطلاب في حالة خوف عند دخوله الصف وتجد أنهم يرتجفون ويحاولون ان يفهموا ولكن دون جدوى، فإذا ما سألهم عن الفهم أجابوا بنعم خوفا منه. ومعلم يستخدم اللين والعطف والأخذ والعطاء والابتسامة في وجوههم فتلاحظ أنهم يشتاقون لدرسه فإذا ما شرح بدأ التفاعل فيهم وأخذوا يسألونه عن الأشياء التي يصعب فهمها وهكذا فشتان بين هذا وذاك فالمعاملة الحسنة تجلب الاستجابة عند السامع. وجملة القول ان الشدة وحدها من قبل المعلم لا تكفي كما ذكرت ولكن لا يمنع أن يجمع المعلم بين الشدة في الأمور التي تستدعي الشدة نوعا ما وبين اللين إذا وجدت الهيبة وهكذا فإن المعاملة الحسنة عامل أساس من عوامل التربية والتعليم فالمعلم الذي يريد ان يعلم وأن يربي فلابد أن يجعل المعاملة الحسنة هي طريقته التي يسير عليها وهدفه أينما سار.
فيجب ان يجعلها الشخص نصب عينه في كل مكان سواء كان معلما أو غير ذلك فهي تجعل الشخص محبوبا لدى الجميع.
وأخيرا فإن المعلم إذا استخدم اللين فهذا مطلوب وإذا استخدم الشدة والعنف فاعلم ان المدرسة ستصبح معاناة للطالب.. والله أعلم.
عبدالله محمد العمر
كلية اللغة العربية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
|
|
|
|
|
