| مقـالات
من هو المسؤول عن تشويه صورة العروبة والإسلام في أذهان الغرب؟ وهل تعتقد أنهم اليهود فقط؟.. حسناً، لليهود جهود وجهود في تشويه صورة العرب بيد أنهم ليسوا وحدهم في هذا المضمار، فثمة )تاريخ عربي( لعب دورا وأيّما دور في تشويه العرب بطريقة أكثر حدة وأشد إيلاما مما لعبه اليهود وذلك في حال تذكرنا أن اليهود أعداء،
وديدن الأعداء تسخير كل أسلحة النصر معركة وحربا، فالصراع صراع وجود )والحرب خدعة(، ولهذا فصبُّنا جام غضبنا على اليهود ليس في الحقيقة سوى هروب من قِبَلنا )منّا(.. فنحن الذين شوّهنا أنفسنا بأيدينا حيث إننا )مع التصرف هنا(:
نعيب )يهودها( والعيب فينا
وما )ليهودها( عيبْ سوانا |
إن استعراض أي فترة حديثة أو معاصرة من تاريخنا الحديث/ المعاصر كفيل بمِّدنا بالقناعة بأننا قد ظلمنا أنفسنا حيث شوهدنا عقيدتنا السمحة وماضينا التالد بحق وحقيق، فعرقلنا مسيرة وتقدم حاضرنا غير )الطارف!( البتة. تمعن بما جرى في الستينات الميلادية وانظر كيف تشتت العرب وانقسموا الى شيع وفرق وأحزاب يقتل بعضها الآخر تحت مسميات سامية المضامين! ك)القومية، والتنوير، والنهضة، والإحياء، والبعث، والوحدة..(، بل انظر كيف أننا باسم الوحدة العربية اعتنقنا أيدلوجيات مستوردة ممسوخة أقل ما فعلت بنا أنها أضلّتنا السبيل إلى حد أننا لم نستطع أن نتفق على تعريف أقل بدهيات وجودنا ألا وهي )عروبتنا( بدليل ما حدث ويحدث الآن من فرقة وتناحر واقتتال تحت )مظلات ومضلات( مفهوم العروبة المطاطي المستهلك، ولك مثال كافٍ شافٍ فيما هو الآن جاثم على صدر العراق: ذلكم النتاج النتن لتلك المرحلة التاريخية النتنة التي مرت بالأمة العربية فأسقتها المرارة التي لا تزال تتجرعها حتى الآن دافعة بسببها ثمنا باهظا: وجودا وكرامة.
لقد شوّهت الذات العربية ذاتها إبّان فترة الستينات الميلادية وحينها لم يتردد العدو الصهيوني ومعه كل الحق في استغلال فرص وجني ثمار هذا )الرزق الحلال!( ليقدمه إلى الغرب هنيئا مريئا على طبق من ذهب إعلامي هدفه الأول والأخير التشويه والتنفير. إنه من سوء حظنا أن الفترة التاريخية المشار إليها وأقصد الستينات الميلادية قد شهدت بروز العديد من الظواهر الجديدة ) الشاحذة لانتباه وفضول وتقبُّل( إنسان منتصف القرن العشرين الميلادي التي من ضمنها وصول الحرب الباردة الى أقصى درجات الاحتقان، واتساع نطاق سباق التسلح الدولي، وتقدم الاختراعات التكنولوجية ، وارتفاع معدلات المعيشة والرفاء على الأقل في الغرب وتطور تقنيات البث التلفازي، جنباً إلى جنب مع بلوغ الصراع العربي/ العربي، والصراع العربي/ الصهيوني، ذروتهما في آن زمني واحد، بل إن العرب إبان هذه الفترة قد فقدوا من الأرض ما لم يفقدوه سابقا أو لاحقا مما دفع بهم إلى الانكفاء على الذات بحثا عن الذات المفقودة أصلا الأمر الذي ضاعف من كمية ونوعية التشويه العربية )للذات( العربية،
وخلق الفرصة المواتية لبني صهيون لينسجوا من )الواقع( ما هو قريب من الواقع. فلا غرو إذن أن الكثير من مفاهيم التشويه التي راجبت وتروج الآن عنا في وسائل الإعلام الغربية قد ترعرعت من رحم خلافاتنا العربية/ العربية في الفترة التاريخية المعنية: مفاهيم من قبيل عرب النفط. وشيوخ الثراء. وبدو الخليج، ونفط العرب للعرب،
وثنائية الثراء والغباء المزعومة بين جنوب متخلف وشمال متقدم، وحضارة النهر، وتخلف الصحراء، بل )الكاديلاك!( السوداء!، والخيمة والأربع رهائن: أقصد زوجات.. إلخ.
في المقالة القادمة إن شاء الله تجيب شدو عن السؤال التالي: إذا كانت أحداث فترة الستينات الميلادية العربية/ العربية قد شوهت العرب، فماذا يا ترى فعلت فترة الثمانينات الميلادية..؟!
للتواصل: ص.ب: 454 رمز 11351 الرياض.
|
|
|
|
|