| الاقتصادية
عندما صدر قرار مجلس الوزراء الموقر رقم (50) في عام 1415ه والقاضي بالزام كافة المؤسسات والشركات التي لديها عشرون عاملا فأكثر بسعودة (5%) من مجموع العمالة الموجودة لدى كل مؤسسة بصفة سنوية، كنا نتمنى ان تلتزم كافة المؤسسات بذلك وأن تعمل على إحلال شباب الوطن بدلاً من العمالة الوافدة التي غصت بها مختلف الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية والخدمية وفي نفس الوقت كنت أتوقع أن تواجه القلة من المؤسسات الصناعية بعض الصعوبة في تطبيق ما قضى به القرار، خاصة في بعض الانشطة التقنية المتخصصة والتي يقل توافر الكفاءات الوطنية المؤهلة (في ذلك الوقت)، إلا أنه لم يرد في الحسبان أن تصل اللامبالاة والاستهتار والضرب بالوطنية عرض الحائط من قبل بعض أصحاب المؤسسات الوطنية إلى الحد الذي يقدمون فيه على تسجيل أسماء مواطنين بشكل وهمي في سجلات المؤسسة تزويراً وذلك تهرباً من تنفيذ قرار السعودة والرفع بتلك المعلومات المزورة للجهات المختصة وإليكم ما حصل:
نشرت صحيفة الوطن في عددها الصادر يوم الأربعاء 26 من ذي الحجة 1421ه أن قسم التفتيش في مكتب العمل والعمال بمنطقة مكة المكرمة ينظر في قضية مرفوعة من قبل اثنين من المواطنين (أخوين) ضد إحدى المؤسسات الوطنية حيث يتهمانها بأنها قامت بتسجيل اسميهما في سجلاتها بشكل وهمي تهرباً من تنفيذ قرار سعودة الوظائف والذي يقضي بإلزام المؤسسات والشركات الوطنية بسعودة (5%) سنوياً من مجموع وظائف العاملين فيها.
وفي اعتقادي أن المخالفة التي اقترفها صاحب المؤسسة يجب ألا يتم التعامل معها على انها مخالفة لقرارات السعودة فحسب وإنما يجب التعامل معها على أنها جريمة تزوير ولا شيء غير ذلك، فصاحب المؤسسة (المجرم في اعتقادي) لم يتردد في تقديم معلومات مزورة مغلوطة للجهات الحكومية المختصة حيث استطاع من خلالها الاضرار بالمصلحة العامة من خلال قيامه بتقديم تلك الأسماء الوهمية على وثائق المؤسسة الرسمية زعماً منه بأنهم موظفون لديه وتهرباً منه من التقيد والالتزام بالقرار الصادر من قبل مجلس الوزراء الموقر بسعودة (5%) من مجموع العمالة لديه.
تقضي المادة (الخامسة) من نظام مكافحة التزوير الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (550) وتاريخ 3/11/1382ه وتوج بالمرسوم المكي رقم (53) وتاريخ 5/11/1382ه بايقاع العقوبة بالسجن من سنة الى خمسة سنوات على كل من أثبت وقائع وأقوال كاذبة على انها وقائع صحيحة او قام بوضع أسماء غير صحيحة أو غير حقيقية في أوراق رسمية، كما تقضي المادة (السادسة) من نفس النظام على فرض غرامة مالية من ألف إلى عشرة آلاف ريال على كل من يرتكب أي الجرائم آنفة الذكر.
لذا فإن ما تقضي به هاتان المادتان من نظام التزوير يقودنا الى حقيقتين هامتين:
الأولى: عدم جواز النظر في هذه القضية من قبل مكتب العمل والعمال بمكة المكرمة وذلك لعدم نظام وجود علاقة العمل أساسا بين الأخوين وبين صاحب المؤسسة وبالتالي فإنه لايوجد في نظام العمل والعمال قواعد يمكن الاستفادة منها في فض مثل هذا النزاع وبالتالي فان الجهة المخولة او المختصة بالنظر في هذا النزاع هي وزارة الداخلية، فالقضية قضية تزوير وليست من قبيل القضايا العمالية.
الثانية: فيما يتعلق بالعقوبة الملائمة التي يمكن فرضها على مثل تلك المخالفات نجد بأن مساعد مدير عام مكتب العمل في مكة المكرمة قد أشار في معرض حديثه لصحيفة الوطن إلى أن أي مؤسسة تتورط في مثل هذه المخالفات سوف يتم معاقبتها من قبل مكتب العمل بحرمانها من خدمات المكتب حيث سيتم حرمان المؤسسة من تجديد رخص العمل وطلبات الاستقدام وفي اعتقادي انه طالما ان تلك المخالفة يمكن تصنيفها من قبيل جرائم التزوير لذا فان العقوبات بالسجن لمدة سنة إلى خمس سنوات والغرامة المالية بمقدار ألف إلى عشرة آلاف ريال على صاحب المؤسسة قد تكون هي العقوبات النظامية التي يتوجب تطبيقها في هذه الحالة.
اعتقد بأن التكييف القانوني للفعل الذي ارتكبه صاحب المؤسسة لا يتوجب أن يقتصر تصنيفه على أنه من قبيل المخالفات وإنما يتجاوز ذلك الى اعتباره جرماً وبالتالي فان تطبيق عقوبتي السجن والغرامة المنصوص عليهما في نظام التزوير ستكون رادعاً لكل من تسول له نفسه تقديم معلومات مزورة للسلطات لا يتضرر منها سوى الوطن والمواطن.
|
|
|
|
|