| مقـالات
** سعدت بتجاوب أمانة مدينة الرياض مع ما نشرته حول رسائل بعض سكان أحياء جنوب الرياض الذين يعانون من قرب مدافن النفايات من منازلهم وكذلك انتشار الروائح في أحيائهم.
ولقد كان توضيح مدير عام الإدارة العامة للنظافة في أمانة مدينة الرياض حاسما وإيجابيا. فلم ينف وجود الحالة إسوة بكثير من المديرين في الجهات الحكومية الذين يتخذون من وسيلة إنكار الخطأ الموجود طريقة سهلة وميسرة لنفيها وإحباط الكاتب وتشكيكه بالرسائل التي ترده وصحتها فيتجنب فيما بعد طرح هموم القراء لأنهم قد يحرجونه مثلما فعلوا معه أول مرة.
لكنني أقدر لأمين مدينة الرياض تجاوبه، إذ وجه مباشرة الى إغلاق مدفن النفايات القريب من سكان حي المروة والذي كان موضوع الشكوى كما أن مدير عام إدارة النظافة بالأمانة بشّر بقرب تنفيذ شبكة تجميع غاز الميثان وذلك للقضاء على الروائح المنبعثة من الموقع وإن هذا أقصى ما كان يتمناه سكان ذلك الحي في رسالتهم. وهو تجاوب ولا شك مبهج ودال على أن أمين مدينة الرياض يملك القدرة على الإيجابية في التعامل مع الإعلام والاستفادة مما يعرضه ويتبناه من قضايا.
وبإمكان كثير من المسؤولين أن يجدوا في الإعلام ووسائله معينا لهم بعد الله على تلمس حاجات الناس وهمومهم ونقاط الضعف والجودة في دوائرهم. وبإمكان الكتاب والصحفيين أن يؤدوا دورا هاما في هذا الصدد فالإعلام الإيجابي هومرآة صقيلة تعكس الحقيقة وتسعى إلى إيجاد واقع أكثر جمالا. وتقويم بعض الخدمات وتبني بعض احتياجات الناس وهمومهم هو من واجبات الإعلام التي تساند المسؤول على أداء عمله.. وأجدها فرصة إثر تجاوب الأمانة أن أتحدث عما يمكن للكتاب والصحفيين ان يقوموا به من دور بكل تعقل وكل حكمة تجاه مجتمعهم وألا ينساقوا في هدم الجهود بجرة قلم وأن يكونوا أمينين مع الكلمة التي يدونونها ويقرؤها الملايين.
ويمارس بعض الكتاب فوقية صفيقة في حديثهم عن المسؤولين والوزراء والجهات التي تتبعهم وحواراتهم وتصريحاتهم ويمارسون لهجة تشبه لهجة التهديد التي لا تناسب الكاتب المتعقل وهي تقلل من رسالة الكتابة وجديتها واحترام الناس لها.
إننا لا نطالب بحصانة الوزير أو المسؤول ولكننا أيضا نريد لغة نقد تحترم المكانة والجهد والعطاء الذي بذله المسؤول ليكون مكان الثقة من قبل الدولة فيعين هنا وزيرا أو مديرا، فلابد من حد أدنى لمستوى النقد ولابد من خطوط حمراء تقف عند حدود النقد الشخصي وتظهر صارخة وثائرة فلابد أن نحمي ظهر المسؤول من سياط الكلمات الجارحة إذا أردنا للأجيال أن تحلم وأن تعطي وأن تبذل من أجل ان تصل الى المراتب العليا التي تخدم من خلالها مجتمعها ووطنها. إننا إذا جنحنا بأسلوب النقد الى التجريح الشخصي فإننا سنأذن بفوضى كلامية تنتهي بنا الى ما انتهى إليه الآخرون من وأد للحريات وخلافات ونزاعات تتجاوز الهدف العام وهو الإصلاح لتسقط في دائرة الشخصي الضيقة ، إننا نريد حرية مؤطرة بالاحترام.. بالرغبة الصادقة في الإصلاح وليس الرغبة المجنونة بلباس الشهرة على حساب هؤلاء المسؤولين.فأهداف الكاتب يجب ان ترتقي عن حدوده الشخصية وأن يتعامل مع اطروحاته على أنها قضايا تصب في نهر الوطن لا في قلب فلان أو علان.. إننا حين نحترم الآخر حتى ونحن نختلف معه فإننا ندلل على حجم الرقي الفكري الذي ننعم به وأسلوب النقد والبحث عن الاصلاح لا تشترط فيه اللغة المتطاولة والمدمجة بالتجريح الشخصي والفوقية الصفيقة بل تفترض فيه أعلى نسبة من الاحترام والوطنية الصادقة. ومرة أخرى أقدر لأمين مدينة الرياض تجاوبه الراقي والسريع مع ما طرحته «النهارات».
وأتمنى أن تكون هذه الزاوية «مساحة بيضاء تحمل نهارات جديدة لوطن يتجدد كل يوم بحبنا وإخلاصنا الصادق وبحثنا الجاد عن إصلاح مواضع القصور من منطلق كون المؤمن مرآة أخيه ومن منطلق أننا بشر سيظل عملنا مهما اجتهدنا فيه قاصرا يحتاج في كل مرة الى إصلاح وتجديد فنحن بشر لا نملك ان نعطي أعمالنا صفة الكمال.. لكن المؤمن الحقيقي والمواطن الصالح هو من يجدّ في سير عمله ويحث الخطى باتجاه الكمال الذي لن يبلغه حتماً.
fatmaalotaibi@ayna.com
ص ب 26659 الرياض 11496
|
|
|
|
|