| مقـالات
لا جدال في أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تضطلع بدور هام وحيوي في مجال العمل الاجتماعي في المملكة. ورغم الصعوبات الجمة التي تعترض مثل هذا النوع من العمل مثل نقص الامكانات المادية وقلة العناصر المؤهلة وشح المعلومات عن المحتاجين وعدم دقة البيانات،
إلا أن الوزارة ووكالاتها المتخصصة لا تألو جهدا في تطوير هياكلها ومؤسساتها المختلفة.
إلا أن الملاحظ والمتابع لأحوال المجتمع لدينا لا شك يدرك صعوبة هذه المهمة بسبب التطور السريع والفائق لنواحي الحياة في بلادنا لدرجة أن الفرق بين مجتمع اليوم ومجتمع الأمس القريب أصبح شاسعا جدا وهو في سبيله للتوسع أكثر وأكثر.
لذلك فلا بد أن نعيد النظر في أسلوب عملنا الاجتماعي بين كل فترة وأخرى لتغطية النقص وردم الهوة التي تنفتح على مصراعيها هنا وهناك.. فالفئات المحتاجة للدعم والرعاية في مجتمعنا أصبحت عديدة ومتنوعة. وأسلوب الدعم والرعاية لم يعد كما كان في السابق، فأصبحت هناك حاجة ملحة لابتداع أساليب جديدة ومبتكرة لرعاية هذه الفئات.
ورغم غياب الاحصائيات الدقيقة، إلا أن لا أحد يشك في ارتفاع نسبة من أسميهم بضحايا التغير الاجتماعي..
وبدون الدخول في التفاصيل والأسباب والمسببات والحدود الطبيعية وغير الطبيعية والظاهرة والأسباب العارضة وغيرها. فإن المراقب ولا شك يدرك أن المجتمع تغيَّر وأن الناس تغيّرت وأن الروابط الاجتماعية والأسرية بدأت توهن وأن البيوت أصبحت صناديق مغلقة وأن الكثير من الأمور تفشت وأن حالات الطلاق ازدادت وأن أعداد المسجونين في الحق العام أو الخاص تضاعفت وأن الراتب لم يعد يكفي متطلبات الحياة التي تضاعفت هي أيضا، وأن شركات التقسيط لم تترك لأحد ما يكفيه لعشرة أيام في الشهر ناهيك عن ثلاثين يوما!! والأسوأ من ذلك أن البطالة أطلت برأسها غير المبارك فغصت البيوت بالمتعلمين المتعطلين عن العمل الذين لم يجدوا وظيفة من الجنسين.
لكل هذه الأمور فإني أدعو وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لتكثيف جهودها والارتقاء بخدماتها ومحاولة الاستفادة من علماء الاجتماع المتخصصين في الجامعات السعودية كمستشارين متفرغين أو غير متفرغين للمساعدة في وضع الخطط لتطوير الخدمات الاجتماعية والتخطيط السليم لهذه الخدمات بما يتواكب مع التطور الحاصل في مناحي الحياة في مجتمعنا.
وأقترح على الوزارة أن تعمل على فتح عيادات اجتماعية يعمل فيها مستشارون اجتماعيون تكون مهمتهم تقديم النصح والاستشارة لأصحاب المشاكل الاجتماعية وما أكثرهم في مجتمع اليوم لأن الملاحظ أن الكثيرمن الفئات المحتاجة للرعاية قد تكتفي من هذه الرعاية بمجرد تقديم النصح والمشورة فقط وان ترك صاحب المشكلة يتكلم عن مشكلته والإنصات له باهتمام يمثل جزءا من حل مشكلته. وقد ينفع توجيه بسيط فيما قد لا ينفع فيه المبلغ الكبيرمن المال.
ومما يساعد على إيجابية هذا الاقتراح أن الناس لم يعد يبوحون بمشاكلهم ومكنونات صدورهم حتى لأقرب الأقربين، بينما يمكنهم فعل ذلك أمام شخص يعتبرونه مؤهلا لتقديم النصح لهم أو مساعدتهم والأخذ بيدهم.
إن المتأمل في ظروف مجتمعنا جيدا يدرك أن معظم مشاكلنا ذات طبيعة اجتماعية فمشاكل الزواج والطلاق ومشاكل البطالة واختيار مجال العمل المناسب وطريقة الإنفاق وأسلوب العيش تعتبر كلها ذات جذور اجتماعية. والحل في نظري يكمن في تطوير الخدمات الاجتماعية والاهتمام بالجانب البحثي وجانب الرصد وتجميع البيانات والتحليل الدقيق عبر الدراسات المتخصصة والبدء بالعمل المؤسسي المنظم والاستعانة بذوي الخبرات والتخصصات المناسبة وتطوير العمل التطوعي. فالتغيير سمة من سمات الحياة فلا بد من المواكبة وإلا أصبحنا نلهث وراء المشاكل بدلا من الاحتياط لها وحلها بشكل وقائي قبل أن تستفحل.
والله الموفق
|
|
|
|
|