| عزيزتـي الجزيرة
شكراً سمو الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة.
شكراً سمو الأمير مقرن بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة.
على مواقفكما المشرفة ومساندة التعليم والوقوف بجانبه ودعم العاملين فيه حسيا ومعنويا.
نعم الجلد عقوبة تربوية أكدها صاحبا السمو الملكي قولا وعملا حيث امر سمو الامير عبد المجيد بن عبد العزيز بمعاقبة الذين اعتدوا على حرمة احدى المدارس في المنطقة الغربية كما امر سمو الامير مقرن بن عبد العزيز بمعاقبة الطلاب الذين اعتدوا على مدرسيهم وذلك لاشعار من تسول له نفسه كسر النظام والتعدي على الآخرين وانتهاك حرمة المؤسسات التربوية والتعليمية بأن الجهات المختصة تقف مع التعليم وتسانده وتقف في وجه الذين يخرجون على النظام ويتطاولون على الآخرين واشعارهم بأن هؤلاء وأمثالهم لن يجدوا فرصة لعرقلة مسيرة التعليم والاساءة الى مؤسساته التربوية والتعليمية.
ونحمد الله ان مثل هذه الحوادث قليلة الا انه يجب الوقوف بكل قوة وحزم لمن أراد التشويش وايجاد البلبلة وزرع الخوف في نفوس العاملين الذين هم اشد حاجة الى التشجيع والتقدير والاكرام لانهم يمارسون اشرف رسالة وهي رسالة التعليم رسالة الرسل عليهم الصلاة والسلام في تعليم الناس الخير وتعليمهم أمور دينهم. وتهذيب اخلاقهم وسلوكياتهم وتربيتهم التربية الاسلامية الحقة.
ان الجلد كما اشار سمو الامير مقرن بن عبد العزيز عقوبة تربوية مصدرها الكتاب والسنة ومن يقول خلاف ذلك فقد جانب الحقيقة وعليه الرجوع اليها لمعرفة ذلك من النصوص الشرعية التي تعتبر مصدر التربية الحقيقية.
قال تعالى )العين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص(، وقال تعالى : )ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون(.
وقال صلى الله عليه وسلم «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر»..
يخطئ كثيرا من يقول: ان التربية الحديثة لا تقر الضرب لأننا مسلمون لا نعتقد ان هناك تربية قديمة وتربية حديثة فالتربية واحدة قديمها وحديثها وهي ما كانت وفق تربية ديننا الاسلامي الحنيف الذي اعطانا من مشكاة النبوة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة احسن تربية وابلغها قال تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم )وإنك لعلى خلق عظيم( فكان خلقه عليه الصلاة والسلام القرآن الكريم.
ولكن يمكن القول بتغيير اساليب تطبيق التربية بالتدرج وتجربة العديد من الاساليب التي تتناسب مع من تطبق عليه مع التدرج في العقوبة.
)ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن( وقال تعالى: )ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك(.
وتطبيقا لمضمون هاتين الآيتين يمكن دراسة الحالة واستخدام النصح والارشاد واللين والتوجيه الحسن والاعتماد على الحكمة والموعظة فيمن يستفيد من هذه الخطوات التربوية الرائدة.
ولكن هل كل الناس يتلاءم معهم اسلوب اللين والحكمة والقول الحسن بالطبع لا. فان هناك فئات من البشر لا يفيد فيهم هذا المنهج ولا يتلاءم مع طباعهم. ثم هل يتلاءم هذا الاسلوب على من اعتدى وتطاول واخل بجوهر النظام. هل يستعيد هذا الاسلوب لاصحاب الحقوق حقوقهم ويرفع عنهم المهانة والاهانة والظلم.. بالطبع لا.
ولكن هناك حلولا جذرية اخيرة يلجأ اليها لعلاج الكثير من الامور التي لا يفيد فيها اسلوب اللين والقول الحسن.
ان ما يحصل من الطلاب داخل المدارس وخارجها ارى من وجهة نظر شخصية تصنيفه الى صنفين:
1 مشاكل تعليمية تختص بالمنهج والواجبات والحضور والانصراف والتأخر والرسوب المتكرر. وانتهاج بعض العادات السيئة.. وخلاف ذلك من الامور الاجتماعية التي تؤثر على سلوكيات الطالب واخلاقه وتعرقل مسيرة دراسته كل هذه الامور وما شابهها يمكن علاجها داخل المدرسة تربويا بتضافر جهود العاملين في المدرسة بدءا بمدير المدرسة ووكيله والمعلم والمرشد الطلابي وغيرهم.
2 مشاكل امنية عدوانية تمس الآخرين في اخلاقهم واجسامهم كالتي اشرنا اليها فهذه ارى من وجهة نظري اعتبارها قضايا امنية لا تملك فيها المدرسة الا اساليب الصلح بين الاطراف ما امكن.
اما فيما عدا ذلك فلن تستطيع المدرسة انصاف المظلوم او المعتدى عليه سواء أكان طالبا ام معلما لعدم استطاعتها على ذلك.
فهي غير مخولة وكيف تنصف من ضرب او كسرت يده او تعرض لمختلف العقوبات سواء كانت المشكلة داخل المدرسة او خارجها.
انه يجب تصنيف هذه المشاكل الاخيرة امنيا واحالتها الى الجهات الامنية ولو كانت داخل المدرسة فما الذي يمنع من ذلك ونحن نرغب في انصاف المظلوم وردع المعتدي وان ترك المعتدي او عمل بعض الحلول الضعيفة التي لا تستند على دليل تجعله يتمادى في خطئه وسيقترف ذلك واكبر منه.
انه من وجهة نظري لا يضيرنا بشيء عندما نحيل قضية معينة من المدارس او ادارة التعليم الى الجهات الامنية لوضع حد للخطأ وكشف ملابسات الموضوع حيث لديها القدرة على ذلك.ان اجهزة الدولة الامنية والتعليمية وخلافهما بعضها يكمل بعضا وان القضايا الامنية والاعتداءات على الآخرين تخرج عن نطاق المدرسة حتى ولو كان حدوثها داخل المدرسة.
نعم ان الجلد والضرب عقوبة تربوية وهناك ايضا خلاف ذلك من العقوبات الرادعة المستمدة من ديننا الحنيف فجلد الزاني وجلد شارب الخمر. وجلد المعزر به كلها عقوبات اصلاحية تربوية.
ان قتل القاتل عقوبة تربوية أريد بها حياة وصلاح المجتمعات )ولكم في القصاص حياة(.
ان الاعتداءات المتكررة بين الطلاب انفسهم او بينهم وبين معلميهم، وان تجمع اعداد كبيرة من الطلاب ولو لم يعنيهم الامر وخروجهم على انظمة المدرسة وتمردهم على الامن وجرأتهم على الاعتداء على الآخرين كلها أمور تدفعنا إلى التساؤل: لماذا اجتمع هذا العدد مع ان وجه الخلاف لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد؟
ان هذا الموقف يدفعنا الى التمعن والوقوف عنده طويلا للتفكير ومراجعة انفسنا وانظمتنا التعليمية والتربوية للنظر في مدى جدواها وما مدى الكمال والقصور فيها وبالثغرات التي يجب سدها وتغطيتها.
ان ما يحدث احيانا من الطلاب من تصرفات غير مسؤولة تعتبر جرس انذار للمسؤولين عن التربية والتعليم لاعادة تقييم الوضع داخل المدارس والتفريق بين الخطأ المدرسي والعنف الذي يندرج تحت مسمى الجنوح الامني.ان حدوث الاخطاء الامنية داخل المدارس ودفع مسؤوليها لايجاد حلول لها فيه احراج للعاملين ودفعهم الى مجابهة الخطأ والمخطئين في امور جنائية امنية لا يمكن ايجاد حلول لها خارج الاجهزة الامنية كما انه لن تتوافر لدى الاطراف المعنية قناعات خارج الجهات الامنية المسؤولة التي تتبع الحدث وترصده وتعمل على استكماله وتسجيل السوابق على اصحابه )إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن(.
وهنا ايضا نتساءل. ما العقوبات التربوية التي يمكن ان نعامل بها من اعتدى على غيره بإطلاق نار او ضرب او سرقة او اعتدى على ممتلكات الآخرين..؟ ان عقوبة هؤلاء وامثالهم يجب ان تنبثق من التربية الاسلامية فالسجن عقوبة تربوية والجلد والضرب عقوبة تربوية وقطع اليد او الرجل عقوبة تربوية واحيانا يكون القتل عقوبة تربوية، فإن العقوبات في الدين الإسلامي منها ما تعود تربويا على صاحبه ومنها ما يعود اصلاحيا وتربويا على مجتمعه الصغير والكبير.
«ان من امن العقوبة أساء الأدب» والاخطاء والمخالفات الامنية يجب ان يكون علاجها امنيا كما يجب ان تكون العقوبة بقدر الجرم فليست هناك عقوبات تربوية شفوية لمن اعتدى وضرب واخل بالامن وانتهك حرمات وحقوق الآخرين، لقد اوجد الله العقوبات الزاجرة لمن يستحقها وما دون ذلك حسب الخطأ المقترف، واحترام وتقدير من ارتكب جريمة جهارا نهارا مع سبق الاصرار والترصد سيدفع صاحبه الى اقتراف المزيد اذ في ذلك دعوة له ولأمثاله على كسر الانظمة والاستهانة بها وبحقوق وكرامة الآخرين.
لقد اصاب صاحبا السمو الملكي كبد الحقيقة واصدرا توجيهاتهما السديدة لسرعة ايقاع العقوبات الزاجرة لمن يخل بالامن داخل المؤسسات التعليمية وخارجها، قال الشاعر:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا
مخل كوضع السيف في موضع الندى |
واستخدام اللين والكرم في وقت تحتاج فيه الى القوة مخل كاستخدام السيف لتدعو للكرم. نعم ان الجلد والضرب عقوبة تربوية لمن يستحقها ولكن يجب ان تعطى لاصحابها فليس كل أحد مخول بالضرب والجلد، فمن وجهة نظري الشخصية ارى ان تحال القضايا والمشاكل الامنية الى السلطات الامنية لاستكمالها والتحقيق فيها والبت فيها نظرا لما تملكه من سلطة وقوة على فرض الحق والانتصار للمظلوم تحت مظلة الشريعة الاسلامية ففي ذلك ترسيخ لهيبة المدرسة والعاملين بها وانتصار للحق وقضاء على المشاكل التي قد تستمر بين الطرفين كالنار تحت الرماد لا تدري متى تشتعل.
ان موضوع الاعتداءات الطلابية الامنية بينهم، او بينهم وبين معلميهم قد كثرت وتفاقمت وخرجت عن اسوار المدرسة وقدرات العاملين بها.
لقد آن الاوان ان تراجع وزارة المعارف بعض انظمتها وتعترف وتؤمن بالعقاب البدني والسلوكي والدراسي لمن يستحقه كعقوبة تربوية زاجرة وليس ذلك لكل احد، ويكفي في هذا الامر التوجيه باحالة المشاكل الامنية التي تحدث في المدارس الى الجهات الامنية وهنا نكون اعطينا القوس باريها وقضينا على المشاكل والتطاول من بعض الطلاب على غيرهم. ونقول ذلك من واقع التجربة والمعايشة للاحداث التي تحدث في سلك التعليم. وأقترح على وزارة المعارف اعادة درجات السلوك والمواظبة لانها من الكوابح التي تمنع الطلبة من ارتكاب اخطاء مشينة مخلة بالسلوك السوي.
كما اقترح تطبيق اساليب عقابية تربوية لما دون المشاكل الامنية يسير فيها العقاب تدريجيا فيعاقب من تكرر غيابه ويعاقب من اهمل واجباته ويعاقب من اخل بنظام مدرسته فيكون العقاب على قدر وجه التقصير.
اننا اذا عاقبنا الطالب على الامور الصغيرة بعد نفاد اوجه العلاج والاصلاح امتنع عن ارتكاب الامور الكبيرة والظواهر الغريبة وبالمقابل نكافئ الطالب المجتهد على اجتهاده وتفوقه وحسن اخلاقه وسلوكه فالثواب والعقاب متلازمان لمن يستحقهما وهذا اسلوب من اساليب التربية داخل المدارس وبذا نحصل على شباب فاضل تربى على الفضيلة وابتعد عن الرذيلة فلا ثواب للمخطئ والمصيب على السواء، والا ستختل المعايير التربوية وسنشاهد افرازات سلوكية غير محمودة بين الطلاب، ان الثواب والعقاب منهجان ثابتان في التربية الاسلامية «فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره».
مرة اخرى الجلد والضرب عقوبة تربوية لمن يستحقها وفق منهج التربية المستمدة من ديننا الاسلامي الحنيف فمن قال بغير ذلك فقد اخطأ الطريق السليم.
دعوة موجهة لوزارة المعارف لاعادة دراسة الثواب والعقاب في المدارس وفق خطة وآلية مستمدة من الكتاب والسنة ففيها تربية الروح والجسد وما يصلح الفرد والجماعة في الماضي والحاضر والمستقبل، فإعداد الطلاب في قطاع التعليم تشكل نسبة كبيرة من سكان المملكة ولابد لهذا المجتمع المدرسي من ضوابط لحفظ امنه وسلوكياته والا فستندم ولات ساعة ندم.شكرا لصاحبي السمو الملكي على مواقفهما ودعمهما لقطاع التعليم والمنتسبين اليه والمحافظة على مؤسساته التربوية والتعليمية من عبث العابثين.
والله الموفق والهادي الى سواء السبيل.
سليمان بن فهد الفايزي القصيم بريدة
|
|
|
|
|