| عزيزتـي الجزيرة
بعد الانتهاء من ساعات العمل اليومية يجمع الموظف سواء في القطاع الحكومي أو الخاص بعض أوراقه الخاصة للذهاب بها الى البيت، وبعد ان يدخل على زوجته ويتناول وجبة الغداء «الكبسة» ويختمها بكوب من «اللبن» يذهب فورا الى غرفة النوم ليأخذ قسطا من الراحة وبعدها يتصفح الجرائد اليومية وخلال فترة العصر يتلقى اتصالا من أحد الأصدقاء ليبلغه بأنه معزوم ويرجو أن يلبي دعوته وبالفعل يغتنم الفرصة ويذهب مع زوجته الى بيت صديقه ويتناولون العشاء التقليدي «المفطح» ويحتسون كوبا من الشاي وعند الساعة التاسعة يستأذن بالانصراف ويقول له صاحب البيت «بدري يا أبو محمد» يرد عليه أبو محمد قائلا: «تعرف بكرة دوام والمدير متشدد على الحضور» فيصاحبه الى باب المنزل وبعدها يركب أبو محمد السيارة مع زوجته للذهاب الى بيتهما وعلى الفور يلقي أبو محمد جسده على الكنبة ويلتقط جهاز الرموت ويتنقل من قناة الى أخرى دون وعي وكأنه طفل يلعب بلعبته وما أن يرى رمز القناة حتى يتوقف وفي تمام الساعة التاسعة والنصف يبدأ مسلسله المفضل على إحدى القنوات العربية التي يظهر فيها أجمل مفاتن المرأة وما يمتلكه هذا البلد من ثروات بشرية ناعمة وبعد انتهاء المسلسل وما يلقاه أبو محمد من تهزيء من أم محمد يتوجه الى قناة أشبه بقناة )TNT( من ناحية المفعول والأثر ويشاهد المعارك الطاحنة بين الأقارب ابن العم على ولد الخال والشقيق على شقيقه وهكذا دواليك وبعد انتهاء المصارعة التي لا تسفر وسوى عن أحقاد وضغينة بين الأشقاء يتوجه الى قناة تعاني من حرب أزلية فإذا هذه المفاجأة حيث يشاهد مسرحا ممتلئاً عن بكرة أبيه بالمتمايلات والمتمايلين على أنغام وصوت يبث الحماس الوطني فيها والدفاع عن حقهم المهضوم وإذا ما أشرقت الشمس عليهم كأن شيئا لم يحدث وتعود الأمور الى نصابها.
وفي هذه اللحظة يبدأ عقل أبو محمد بالتفكير والبحث عميقا في داخل نفسه ويقول ما هذا الى أين وصل العرب، ويتذكر حين قيل في الأثر «ويل للعرب من شر قد اقترب» ويحاول أبو محمد جمع أفكاره ولكن دون فائدة ما أن تدخل فكرة حتى تخرج أخرى من شدة التناقض، بعض القنوات تعرض برامج لا تعرف الهدف منها ولكن «التافهين» يعتبرونها من أنجح البرامج على الإطلاق ويا للسخرية وما تزال تخالف الواقع وتغالطه وأصبح شغلهم الشاغل جذب السياح قدر الإمكان عن طريق هذه البرامج. ويزداد تعجب أبو محمد أكثر عندما يستمع الى إذاعة عربية في طرحها لبعض الإعلانات التي تؤديها بعض فاتنات الصوت بطريقة تتلاعب بمشاعر المستمعين إلى أين يذهب العرب؟
إلى أي مستوى خلقي وتربوي وصل العرب؟
جميع القنوات المرئية والمسموعة لا تطرح سوى الأغاني لكل من ينهق مثل الحمير وصوته نشاز، ومسلسلات لا تخلص منها بفائدة تذكر إنما إضاعة الوقت فيما لا يفيد. وأخيرا غرقنا في بحر الغرب العميق وللأسف لا نعرف السباحة ومن حولنا الأمواج المتلاطمة تقذفنا يمينا ويسارا فلو نظرنا الى أطفالنا وما يدخله العدو المتخفي خلف الرسوم المتحركة من أفكار مستحيلة وتبسيطها لهم من أجل التأثر بها وجعلها جزءا منهم.
غازي محمد القحطاني
|
|
|
|
|