| عزيزتـي الجزيرة
التربية هي ذلك المفهوم الذي يعني تغيير وتعديل السلوك الخلقي إلى الطريق الصحيح فالتربية أمر مهم في حياة الإنسان المسلم حتى ينشأ النشء على المنهج الإسلامي القويم،
وللتربية مجالات عدة وأنشطة متعددة لعل من أهمها مجال خصب التربة مضمون النتائج بإذن الله ألا وهو مجال التربية في المدرسة ذلك المجال الذي لو استغل كما ينبغي لخرج جيل مترب بطريقة سليمة.
وهذا المجال يقع بالدرجة الأولى على عاتق المدرسين كلهم ولا يختص بمعلم دون آخر فهم فيه سواء .
فليس مختصا بمعلم الدين فقط بل كل معلم على عاتقه تربية طلابه أياً كان تخصصه. نعم معلم الدين أولى من غيره
ولكن .. هل يستطيع ان يواجه تلك التيارات التي تحاول تغيير فكر ابناء المسلمين وصرفهم عن دينهم؟ هل يستطيع أن يواجهها لوحده؟
الجواب كلا لأنه بمفرده لايستطيع أن يفعل شيئاً لأن اليد ا لواحدة كما قيل لا تصفق ولله در الشاعر حين قال:
متى يبلغ البنيان يوماً تمامه
إذا كنت تبني وغيرك يهدم |
فإذا كان معلم معين هو الذي يربي ويزرع التربية في نفوس طلابه فمتى سيحصد ثمار زرعه وغيره كثيرون يهدمون ويحاولون قلع النبتة من جذورها؟ فإذا كان الأمر كذلك فكيف نلزم معلماً معيناً بالتربية؟
ولكن هناك سؤالاً يطرح نفسه بقوة ألا وهو: كيف يستطيع المعلم أن يجمع بين مادته ومنهجه العلمي وبين التربية فمثلاً معلم اللغة العربية ملزم بشرح قواعد وأسس لتعليم الطلاب اللغة العربية والوقت غير كاف لأن يجمع بين الاثنين فكيف نطالبه بالتربية؟ أ
قول: ليس هناك تعارض بين التربية وبين المنهج، فالمعلم الناجح يستطيع الجمع بين الاثنين؟ تقول كيف؟
أقول لك: إذا كان معلم اللغة العربية يشرح موضوعاً في مادة القواعد وليكن الفاعل أو المفعول فلابد وأن يستعين بالأمثلة لكي يتمكن الطلاب من فهم الموضوع فمن خلال هذه الأمثلة يستطيع أن يربي طلابه على الأخلاق الحسنة والقيم الحميدة فبدلاً من أن يقول لهم كسر زيد الزجاج أو رمى زيد الحجر في الشارع يقول: أكرم زيد والده وأماط بكر الأذى عن الطريق وحفظ زيد القرآن فيربط بين الأمثلة وبين الأخلاق الحسنة ويحثهم عليها ويحرص على أن يطبقوها في حياتهم اليومية. وهكذا أي معلم لابد أن يربط بين مادته العلمية وبين التربية ولايستسلم لشبه المحبطين والمغررين الذين يحصرون التربية في تخصص معين فالمدرس صاحب رسالة هادفة في هذه الحياة فهو يقوم بوظيفة الرسل ولهذا قال شوقي:
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا |
فمتى ماقام المعلم بدوره في التربية على أكمل وجه خرج لنا جيل صالح بإذن الله ومتى ما أهمل المعلم ذلك كانت تلك هي الطامة الكبرى والمصيبة العظمى فيخرج جيل فارغ يكون عالة على دينه وأهله ومجتمعه.
ولا أظن أن هذه النقطة غائبة عن المعلمين ولكن من باب التذكير كما قال تعالى )وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين( والله تعالى أعلم.
عطا الله بن جضعان العنزي
بريدة فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية/ كلية اللغة العربية.
|
|
|
|
|