|
| مقـالات
شخصية المدرس من العوامل الهامة في ضبط الفصل الدراسي وتوجيه سلوك الطلاب التوجيه السليم، وتهيئ الطلاب لاستقبال ما خطط له المدرس من موضوعات. ويغالط من اعتقد ان قوة شخصية المدرس تكمن في قدرته على تأديب الطلاب سواء بالعقاب البدني او المعنوي.
ان قوة شخصية المدرس تكمن في جوانب عدة منها ما هو فطري حيث تظهر قوة شخصيته في ملامح وجهه ونظراته وتصرفاته، ومنها ما هو مكتسب قوامها القدرة على التعامل مع المواقف حسب طبيعتها وما يتوقع من نتائجها وسرعة ايجاد الحلول السليمة لتلك المواقف او القدرة على تلافي وقوعها، والذي يجمع بين هاتين الخصلتين حتما سيكون ذا شخصية معتبرة ومتميزة.
من هذا المنطلق يمكن ان نشير الى ان قوة الشخصية لا تكمن في التسلط والعنف وفرض الرأي وتهميش الرأي الاخر.
الذي دعاني الى الكتابة في هذا الموضوع موقف لمدرس وطالب حدث في احدى المدارس، حيث اعتدى ولا اقول ضرب مدرس طالبا حتى ادمى وجهه، ولن اتطرق الى الحادثة هنا الآن لان الاجراء اتخذ بحكمة وبما يحفظ حق الجميع ولكن المهم بماذا برر المدرس فعلته، فكما قيل لي انه طُلب منه ان يكون قوي الشخصية حتى يضبط الفصل. وهيهات ان تفرض الشخصية بهذا الاسلوب ففرض الشخصية يكون من خلال مهارات حسية وحركية يتمثلها الشخص ويكسب من خلالها احترام وثقة الآخرين.
والمهارات الحسية في قوة الشخصية يكتسبها الفرد من خلال تمكنه من تحليل المواقف وقدرته على استرجاع الخبرات السابقة لايجاد حلول سليمة لتلك المواقف او تلافي وقوعه في اي موقف قد يهز شخصيته امام طلابه. والقدرة على التحليل مرتبطة بالخبرة المكتسبة كما هي مرتبطة بالكم العرفي الذي يسهم في انتهاج اسلوب الحوار والتفاوض والاقناع والقدرة على امتصاص الشد العصبي لدى الطرف الاخر، فالمرء يصعب عليه الامساك بالبالونة عندما تكون منتفخة ومملوءة بالهواء، ولكن يسهل عليه مسكها عندما ينطلق الهواء الذي بداخله اوتتهاوى الى الارض.
ان ربط سلوك الطالب بالقيم والاخلاق والعادات والتقاليد يضع الطالب في محك التوازن بين ما يجب وما هو صائر، والمدرس الذي يتمثل القدوة في سلوكه وتصرفاته يكون اكثر قبولا لدى الطالب في تطبيق محك التوازن والعودة الى المفروض والواجب، فالقناعة بما هو شاذ عن القاعدة لن تدوم طويلا لفقرها الى المبررات والحجج التي تضمن لها البقاء ومن ثم النفوذ، والمدرس الكيس هو الذي يستطيع خلخلة الحجج والمبررات الواهية للسلوك المعوج.
اما المهارة الحركية فهي مطلب من مطالب ضبط السلوك في الفصل وتتمثل في نبرات الصوت والنظرات وحركة الجسم، فالمدرس ناقل للمعرفة بصوته الذي يجب ان يتمثل المواقف اللفظية المميزة مثل نبرات الجمل الاخبارية ونبرات الجمل الاستفهامية ومداخل الحروف والجمل، والربط المتواصل بين المفاهيم العلمية بعضها ببعض من جهة وبين واقع الطلاب وخبراتهم السابقة من جهة اخرى مع الاهتمام بالوقفات عند الجمل المهمة وعرض المواقف النادرة والطريفة احيانا التي تتعلق بموضوع الدرس ما امكنه ذلك. كما ان اشراك الطالب بالرأي والتعليق والمداخلة في بعض مواضيع الدرس تجعل الجميع مهيأ للمشاركة ومنصرفا عما سواها.
ان التأتأة وعدم التحضير المسبق مما يضطر المدرس التوقف عن الكلام وتذكر الموضوع اثناء إلقاء الدرس امام الطلاب يجد فيه بعض الطلاب بغيتهم في نهج السلوك غير السليم.
اما ما يتعلق بحركة العينين فانه من اداب الحديث ان تشعر جميع من تتحدث اليهم بان الحديث موجه لهم وهذا ادعى الى الانتباه والانصراف عما يشغل الطالب وادراك موضوع الدرس، اضافة الى ان حركة العينين عندما توظف بمهارة جيدة تكون وسيلة تعليمية يمكن من خلالها ان يفسر الطالب بعض المجردات من الالفاظ التي يصعب تفسيرها. وحركة اليدين والجسم بشكل عام للدرس بصلة. كذلك حركة اليدين تفسر العديد من المجردات من الالفاظ وهذه تسهم في ضبط السلوك واشغال الطالب بما له علاقة بالدرس، وترك مالا يمت يسهم بدوره في توحيد المفاهيم في اذهان الطلاب وحرصهم على ذلك يجعلهم اكثر تركيزا على التمثيل الواقعي للمجردات، والحركة داخل الفصل الدراسي تساعد المدرس على اكتشاف جميع جوانبه ورصد سلوك كل طالب في مقعده. وقد تكون هناك بعض الجوانب الفلسفية لقوة شخصية المدرس داخل الفصل الدراسي ولكن لا اعتقد ان تلك الجوانب تبرر العقاب البدني لفرض الشخصية.
shear@anet.nat.sa
|
|
|
|
|
