| الريـاضيـة
أتته (البطولة) منقادة
اليه تجرر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له
ولم يك يصلح إلا لها |
هذا الوصف.. وبعد تحوير بسيط في البيت الأول.. هو اصدق وصف يمكن ان ينطبق على الهلال ومشاركته في بطولة النخبة السابعة للأندية العربية، والتي اختتمت مؤخراً في سوريا وحاز الهلال كأسها في مشهد تاريخي.. لا يتكرر.. وسيظل عالقاً في الأذهان.. مادامت ذكرى هذه البطولة قائمة وصداها.. يتردد..
** ويقولون:
(اعطني حظاً... وارمني في البحر)... ويرى البعض ان هذا ينطبق ايضا على الهلال في هذه البطولة.
وإذا كنا.. أو كان البعض يؤمن بالحظ ودوره في بعض النجاحات في هذه الحياة.. أو العكس فإنما يجب ان نؤمن به أولاً وأخيراً.. وقبل هذا كله.. الارادة الالهية.. والقضاء والقدر.. وان كل شىء مقدر ومكتوب.. وانه لو اجتمعت الانس والجن على ان ينفعوك.. أو يضروك بشيء لم يرده الله لك.. ما استطاعوا الى ذلك سبيلاً...
بعد الايمان بهذا.. فإذا كنا نؤمن أو نرى ان الحظ قد يلعب دوراً ما.. في بعض النجاحات التي يحققها البشر.. أو تصنعها الكيانات.. أو العكس فإننا يجب ان ندرك أيضاً ان الحظ وحده.. لا يمكن ان يحقق شيئا.. ما لم يكن مدعوماً أو مسانداً بجهد ما.. وعمل مخلص بناء..اذاً.. فالنجاح في بعض الاحيان هو مزيج من هذا.. وذاك.. ولكنه لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يكون نتاج الحظ وحده... ربما تكون هناك حالات شاذة والشاذ لا حكم له لكنها في مجملها مرتبطة بذلك النوع من الاعمال التي لاتحتاج في اساسها لمزيد من الجهد والبذل.
ويتضاءل دور الحظ.. كلما كان العمل.. أو النجاح يتطلب المزيد من الجهد والعطاء.. والتخطيط السليم للوصول إلى الهدف..
وعالم الكرة.. أو المجنونة.. كما يحلو للبعض تسميتها لتقلباتها وخروجها عن المألوف في بعض الاحيان من حيث التوقعات.. تتضح هذه النظرية ان جاز تسميتها كذلك بشكل.. أو بآخر..، وفي تقديري انه في هذا العالم.. أو على هذه الساحة... يمكن تطبيق تلك المقولة.. أو النظرية.. بصورة أكثر وضوحاً وقربا من الواقعية.
صحيح انه في بعض اللقاءات الكروية يخسر الفريق الافضل.. ويخرج الادنى عطاء متوجاً بالنقاط.. لكن هذا لايمكن نسبته إلى الحظ.. بقدر ما تتداخل عوامل اخرى في المحصلة النهائية.
فالوصول إلى الهدف بمفهومه العام.. والواسع (TARGET) يتطلب اعداد الخطط.. والبرامج ومن ثم تنفيذها، كما ان الوصول الى الهدف بمفهومه الشائع (GoAL) يتطلب اعداد اللاعب بدنيا وذهنيا.. ونفسيا.. وكذلك الخطط اللازمة للتعامل مع الحدث.. ومع المواقف التي تطرأ آثناء الحدث.
فتسجيل الاهداف.. وإضاعتها.. وكذلك ضربات الجزاء جميعها يمكن ان تندج تحت هذا الإطار.. إذ انها كثيرا ما ترتبط بالقدرة على التعامل مع الموقف والتصرف حياله.
وعلى هذا الأساس.. يمكن ان ننظر إلى بطولة النخبة العربية السابعة.. وما انتهت اليه من نتائج..
فالهلال.. لم يخدمه الحظ.. لولا توفيق الله سبحانه وتعالى.. ثم تعامله (أي الهلال) مع الاحداث والفرص المتاحة بصورة سليمة.. فإذا كان اخفق في ذلك في مباراتي الجيش والنصر.. فقد ابدع في مباراة الصفاقسي باستغلال جميع الفرص المتاحة والمواقف التي حدثت.. وتعامل معها ليصل إلى هدفه..
والنصر لم يقدم البطولة للهلال.. بقدر ما خسرها.. نتيجة عدم قدرته في التعامل مع الفرص المواتية.. سواء بمضاعفته النتيجة امام الصفاقسي (اكثر من فرصة ضاعت بسبب الاستعجال وعدم التركيز ابرزها لماطر وابن سليمان) كانت كفيلة بإعفائه من ضربة الجزاء امام الجيش وهذه الأخيرة ايضا كانت (القشة).. عندما لم يتعامل معها بصورة صحيحة..! والتعامل الذي اعنيه هنا.. ليس التعامل اللحظي.. بقدر ما هو التعامل بمفهومه الواسع من خلال تهيئة اللاعب المناسب.. واتخاذ القرار المناسب في تلك اللحظة.!
***
هذه اللحظة.. ابعدت النصر.. وباعدت بينه وبين البطولة.. بعد ان كان قاب قوسين أو أدنى منها.
وقربت الهلال.. وطوت المسافة بينه وبين البطولة.
فكأنما سعت اليه البطولة.. بينما هو قد سعى اليها..
أو.. ان كلا منهما سعى للآخر.. بخطى حثيثة.. فالتقيا في منتصف الطريق..
والهلال.. والبطولات.. صنوان.. أو صديقان..
بينهما.. علاقة مميزة..
تحكمها الالفة.. والمحبة..
وتقوم على الاحترام المتبادل..
لا تكلف فيها.. ولا تزلف..
ولا زيف.. أو تملق..
لا يمكن ان يهجر احدهما الآخر..
ولا يطيقان البعد عن بعضهما..
لهذا.. يبادر كل منهما لطرق باب (صديقه)
متى ما شعر بفقده.. وحنَّ اليه.. وكثيراً ما يحن كل منهما للآخر...
هكذا.. وبكل بساطة..
لا يحتاج لموعد مسبق.. ولا حتى الاتصال بالهاتف.. ولا إبلاغه بالمجيء..
لانه يدرك ان باب (صديقه) (مفتوح).. وقلبه (مفتوح).. وانه مرحب به ليلاً.. أو نهاراً..
بل في كل ساعة.. وفي كل لحظة..
ولأن (البطولة) تدرك عمق العلاقة.. ومعنى هذه العلاقة.. وابعادها..
تعرف (الشوق).. و(مكابدته..)
و(الصبابة).. و(معاناتها)..
فهي تتحول في كل مرة تلتقي هلالها.. إلى (عروس).. تنتظر (عريسها)..
فتتزين له.. وتتجمل..
وتنتقي من فساتينها.. الأجمل..
ومن حليها.. الأبهى.. والأفضل..
لكنها تظل محافظة على جوهرها..
وعلى حسن ذاتها..
ونقاء سريرتها..
لانها تدرك ايضا.. ان الجمال الداخلي هو الجمال الحقيقي..
مهما تغيرت الاسماء.. وتبدلت المظاهر..
وهكذا.. كانت البطولات مع الهلال.. وكان الهلال معها..
رواية حب.. تحكى..
وقصة عشق تروى..
تتوارثها الاجيال.. جيلاً بعد جيل..
ول(النخبة) حكاية مختلفة..
وقصة تستحق القراءة..
(غازلها) قبل سنوات فتمنعت..
وحاول معها.. فرفضت..
واقترب منها.. فأبعدت...
فتركها الهلال.. وابتعد...
وبالأمس.. ادرك الهلال سر ذلك..ويبدو انها اي (النخبة).. كانت ترى في تلك المرات.. ان الوقت لم يحن بعد للقاء..
وانها تحتاج لمزيد من النضج.. والارتقاء بمستواها لتكون في مستوى طموحات..
وتطلعات الهلال.. لتكون العلاقة مبنية على أسس سليمة وصحيحة.. من التكافؤ.. والقدرة على التعامل والتفاهم..
وكأنما ارادت.. ان يكون الهلال مستقرها الأخير.. فخططت لذلك.. منذ ان اعلن الاتحاد العربي لكرة القدم انها آخر بطولة نخبة..
في توجه لاعادة برمجة بطولاته.. لانها ترى ان (البيت الهلالي).. بما هو عليه من الترتيب والتنظيم.
وحسن الاستقبال.. وكرم الضيافة..
وكم البطولات.. وتميزها.. وتنوعها
ترى ان هذا.. يوفر الجو المناسب والملائم للعيش.. والاقامة الدائمة.. بعد التقاعد..
وهكذا جاءت في الوقت المناسب.. أو اختارها الهلال.. لاكمال العقد الهلالي.. أو دائرة البطولات الهلالية..
إذ لم يبق بطولة محلية.. او خارجية.. لم يلامسها الهلال.. ويحتضنها الهلال.. ويتعانق معها الهلال..لم تبق بطولة.. لم يتشرف بها الهلال..ولم تتزين باسم الهلال..وقصة الهلال مع البطولات تستحق الرواية..
وتستحق الاشادة..وتستحق التأمل.. في ابعادها.. ومعانيها.
*فهو ان لم يبادر بالفوز.. اختار الوقت المناسب لهذا الفوز.. ليعطيه طعماً آخر.. ونكهة مميزة..
وهكذا..
*إن لم تبدأ البطولات تاريخها ومسيرتها مع الهلال..
*أو تترب في كنف ورعاية الهلال.
*فهي تختار ان تكون نهايتها.. وتقاعدها في الهلال..
فهنيئا للهلال هذا الحب..
وهنيئاً للبطولات.. هذا الكرم..
وهنيئاً لبطولة النخبة وهي تنضم لنخبة البطولات.!
والله من وراء القصد..
البريد الالكتروني
raseel@L.a.com
|
|
|
|
|