| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة
تحية طيبة..
ان نحتاج إلى التعليم فلاشك ان ذلك شيء ضروري جداً للإنسان ويعتبر الآن ضرورة من ضروريات هذا العصر التقني المتسارع في العلوم ولا يقل أهمية بالنسبة للفرد عن حاجته للطعام والشراب فكما الطعام غذاء للجسد يمده بالطاقة فالعلم أيضاً غذاء للعقل البشري، والجاهل كما يقال عدو نفسه، والعلم يرفع مقدار الإنسان في المجتمع كما قال الشاعر:
العلم يرفع بيتاً لا عماد له
والجهل يهدم بيت العز والشرف |
وشتان ما بين الجاهل والمتعلم فالفرق بينهما أشبه ما يكون بالفرق الشاسع ما بين السماء والأرض، وقد عرف الناس ذلك من القدم فاهتموا بالتعليم إلى درجة كان البعض منهم يقطع المسافات الطويلة للوصول إلى عالم وفقيه للأخذ منه والاستزادة من العلوم، ولكن دعونا نتساءل قليلاً: هل التعليم أهم من التربية؟ وهل يجب ان يكون التركيز على التعليم أولاً ثم التربية ثانياً؟ بالنسبة لي لا اعتقد ذلك ابداً، فالتعليم شيء يكتسبه الإنسان بسرعة من شتى جوانب الحياة ومن داخل بيئة الفرد التي يعيش فيها وكذلك ممن حوله من افراد المجتمع بحيث اصبح التعلم الذاتي في عصر التطورات الحضارية التي نعايشها الآن أسهل من تقشير برتقالة وذلك في زمن انتشرت فيه الفضائيات المتنوعة وتوسعت مجالات الاتصالات وأصبح الطفل بمجرد ان يجلس أمام شاشة التلفاز فإنه يكتسب قدراً لا بأس منه من الثقافة المعلوماتية المختلفة التي هي بلاشك ليست كلها من التي نستطيع ان نقول عنها انها مفيدة له في هذه السن وانما قد تكون مساوئها اكثر من نفعها وبخاصة في ظل عدم الرقابة من الوالدين، وكذلك يستطيع الطفل ان يتعلم من الأقران أو بالقدوة بحيث يتأثر بمن حوله في المجتمع والشارع والمدرسة، والإنسان قادر على اكتساب التعلم الذاتي إذا كان هو يريد ذلك وقد ثبت لي قطعياً من خلال تجربة لم يقصد قائلها القيام بها وإنما لاحظها دون تعمد منه بأن وجد بطريق الصدفة ان ابنه ذا الأربع سنوات قد استطاع حفظ سورة "الفاتحة" كاملة من اخيه في الصف الأول لكثرة ما سمعه يرددها على مسامعه عندما كانت الأم تحاول تحفيظه إياها.. نعم التعليم سهل ان يكون في كل مكان وزمان بشرط ان يكون لدى الشخص القابلية للتعلم والاكتساب وزيادة التحصيل، ولكن هل يهمنا فقط ان نخرج اطفالاً متفوقين علمياً وفاشلين تربوياً، بالتأكيد لا اعتقد ذلك فالتربية تأتي اولاً وأخيراً في المقام الأول ومتى تربى الطالب تعلم والتربية هي الأساس في بناء مجتمعات نظيفة خالية من المشاكل والانحرافات ولذا يجدر بنا ان نولي التربية جل اهتمامنا وان يكون كل تركيزنا منصباً عليها بحيث نبدأ بها من المنزل ثم نتعاون مع المدرسة لاستكمالها من خلال التعليم نفسه، بحيث نوظف العلم لتطبيق هذه المبادئ التي يجب علينا ان نغرسها في نفوس أبنائنا على أساس العقيدة الصحيحة وبطريقة التربية الحديثة التي وضعها العلماء وأصحاب التجارب السابقة حتى لا يكون تعاملنا محاولة تصحيح أوضاع خاطئة بطرق أكثر خطأ منها بحيث تصبح كما يقال "أراد ان يكحلها لعلاجها فزادها عمى على عمى".
محمد بن راكد العنزي طريف
|
|
|
|
|