جاءت تقول أيا عمّاه ما الخبرُ
ماذا جرى لبلادي.. هل بها ضررُ؟
هذي الجموع أيا عمّاه كيف أتتْ..؟
هل ساقها حزنُها أم قادها الخطرُ
إني أحسُّ بخوفٍ كاد يقتلني..
قل لي بربِّك علَّ الخوف يندحرُ
اقصص عليَّ أيا عمّاه في عجلٍ
فإن قلبي بنار الهمِّ يستعرُ
صمتتْ وفي عينها أكوام أسئلةٍ
وفي شفاها ذبولٌ شابه كدرُ
في ثوبها رقعة صفراء واضحةٌ
وفي يديها شقوق البؤس تنتشر
لما نظرت إليها أطرقت خجلاً
وبان في شعرها رملٌ به غَبَرُ
فقلت من أنتِ؟ قالت: بنتُ قريتكم
يتيمةٌ أشتكي فقراً وأعتصرُ
فقلت لا تحزني يا أختُ وابتسمي
الجوع ولّى وليلُ الفقر منتحرُ
هذي الجموع أتت تُعلي أيا أملي
رمز الإخاء وفي أجفانهم صورُ
صور المحبة ترويها مخضبةً
بعطف من أخلصوا لله واصطبروا
هذي الجموع تريد الخير يا أملي
وتنشر الجود لا تُبقي ولا تَذَرُ
تعاقدوا أن يزيلوا البؤسَ من بلدي
وأن تفيض أياديهم لمن فقِروا
وأن يُعينوا مساكيناً وأيتاماً
وأن يكونوا النجومَ الزُهرَ تنتشر
صغيرتي إن هذا الجمع منعقدٌ
من أجلكم فعقود البِرِّ تنتثرُ
هذا هو النهر.. نهرُ الخير يا أملى
يجري ليسقي ربوعاً ما بها مطرُ
هذا هو الفخر أن نرقى بأمّتنا..
وأن نكون رفاقاً لا كمن كفروا
هذا هو العزُّ أن نحمي أخوّتنا..
وأن نجود بمالٍ لا كمن بطروا
هذا هو المجدُ أن نرعى عقيدتنا
وأن نسيرَ بدربٍ ما به حُفَرُ
صغيرتي ودِّعي الأحزان وابتهجي
مستودع الخير فيه النور والدُّرَرُ
تجدين حلوى وألعاباً وأطعمةً
وثوبَ عيدٍ جديداً ما به كِسَرُ
فاستبشري بعد هذا اليوم وابتسمي
وقولي يا ربِّ وفِّق كل من حضروا
صغيرتي أيقني بالله واحتسبي
فاليُتم ليس بعيبٍ لا ولاَ قذَرُ
هذا النبيُّ إمام الناس قدوتُنا
عانى يتيماً وعاش الفقر يفتخرُ
يدعو الإله بأن يحشره في زُمَرٍ
مع المساكين للجنّات يبتدروا
لكنه شيَّد الإسلام في ثقةٍ
وصار يمضي لدين الله ينتصرُ
لكنه أخرج الإنسان من ظُلَمٍ
وكان ليناً ككل الناس يعتذرُ
إنَّا سنمضي على الآثار يا أملي
نُعلي الإخاء فهذي القدس تنتظرُ
قالت وقد أمسكتْ كفي مقبلةً
يا فرحتي بلقاكم أيها الدُّرَرُ
ثم استدارت وقالت في سعادتها
مستودعُ الخير غرسٌ والرُّبى ثمرُ
ياربِّ فاحفظ رجال الخير في بلدي
واجعل ذنوباً لهم ياربِّ تُغتفرُ
الشعر يعجز عن تسطير ملحمةٍ
من جودِ قومي ولكن هذه عِبَرُ