| عزيزتـي الجزيرة
إن الجهود الترويجية التي ينفذها صناع التبغ تستهدف الشباب بالدرجة الأولى باعتبار ان بقاءها في ميدان العمل يعتمد على سوق المستقبل الذي يكونه هؤلاء الشباب.
إن فئة الشباب هم أكثر شرائح المجتمع متابعة لما يدور في الإعلام، وهم بيئته الفعلية فالدارسون في الثانويات والجامعات كلهم من الشباب، فهناك ثمة حاجة ماسة الى برامج في التثقيف الصحي تدعو الى انتهاج نمط صحي بعيدا عن التدخين، ولو تأملنا في برامجنا الإعلامية خاصة المرئية منها التي تخص هذا الموضوع لوجدنا أنها لا تخدم المصلحة الوطنية حيث تعرض كثيرا من المسلسلات ويعرض فيها أبطال حلقاتها وهم يتناولون السجائر أو النرجيلة. فالبرامج الإعلامية من هذا النوع يجب ان تقوم على أساس المشاركة لا أن تكون برامج تلقينية وأن تحث على الاختيار الإيجابي بدلا من ان تثير مشاعر الخوف، فعلينا ان نأخذ بعين الاعتبار البيئة التي يعيش فيها الطلاب ونوجد مناخا دينيا واجتماعيا واقتصاديا يضمن تنفير الأطفال والناشئة من التدخين على ان يقترن هذا مع عمل تشريعي، ففي دولة فنلندا يوجد برنامج باسم مشروع كارلينا الشمالية للتدخل في الأمراض المرتبطة بأنماط الحياة، وقد شمل هذا المشروع برنامجا لمدة سنتين للتدخل في مجال التدخين بين طلاب المدارس، وكان هدفه زيادة الإحساس بأن التدخين أمر مرفوض من المجتمع. ومثل ذلك برنامج واترلو الكندي، فأين برامجنا..؟
يجب ان يقوم أهل الاختصاص بدورهم فيجب على طلبة العلم وأهله القيام بدورهم بالتي هي أحسن، ولقد تبادر الى ذهني حينما تولت رئيسة المنظمة عام 1998م في بداية فترتها الرئاسية معلنة عن سياسة المنظمة لمكافحة التدخين (بأنه يجب ان يحارب في جميع المجتمعات من منطلقات دينية)، كما أرى أنه يجب الاستعانة في ذلك بالمشاهير من نجوم الرياضة لجذب فئة الشباب لمشاهدة هذه البرامج.وتشير الدلائل الى ان برامج الوقاية من التدخين التي تعتمد على المدارس في الدول المتقدمة، يمكن ان تحقق نجاحا طيبا في تأخير الشروع في التدخين بين المراهقين على الأقل إن لم يكن في امتناعهم كلية عن التدخين، صحيح انه يظل من المحتمل ان يجرب الصغار أنواع السلوك المنطوي على المخاطرة بما في ذلك التدخين، إلا أنهم سيكونون أقدر على اتخاذ قرارات واعية في المستقبل بناء على تجاربهم الخاصة، ومن المسلم به ان تأخير الشروع في التدخين يقلل من احتمال ان يصبح المرء مفرطا في التدخين.
إن الذي حدا بي أن أجعل وزارة المعارف طرفا في القضية ولها ثقلها في التأثير، هي ان الدراسات والأبحاث والبرامج التي طبقتها الدول المتقدمة في مدارسها وحققت نجاحا كبيرا كما في الدول الاسكندنافية ومنها النرويج. ومن المعلوم ان من أقوى المؤثرات التي تمارسها المدرسة هي "الجماعة"، فهي سمة أساسية متأهله من سمات النمو والانتقال من الطفولة الى المراهقة الى النضج، ولذلك فإن أهمية هذه السمة في وضع الاستراتيجيات أصبحت مفهومة بوضوح، فهناك ثلاثة عوامل رئيسية لابد من إعطائها اهتماما أكبر في استراتيجية مخاطبة الطلاب وهي: قاعة الدرس (وتشمل الدرس والمنهاج) والجو المدرسي، والبيئة المحيطة (بما فيها الأسرة).
أما دور وزارة الصحة كشريك في هذه القضية فهي الراعي الأكبر لوضع البنية التحتية للدراسات والاستراتيجيات لقضية كهذه، ولعل أقرب مثال - وإن كان صغيرا - أقدر على التعبير الواضح هو هل عيادات مكافحة التدخين المنتشرة في المراكز الصحية وعلى سبيل المثال في الرياض معلومة لدى المواطنين؟ أنا لا أجزم بذلك فأنا واحد من المواطنين لا أعرف أماكنها فما بالك بالناشئة والعوام من الناس! إذن كيف يتم ربط حلقة الوصل؟
د. خالد الحزيمي
|
|
|
|
|