| الاخيــرة
قامت هذه الدولة في نشأتها الأولى على اتفاق تم بين الأمير والشيخ مكون من بندين بلغة مبسطة قال فيه الأمير: «أبشر ببلد خير من بلادك وبالعز والمنعة» فردّ الشيخ: «وأنا أبشرك بالعز والتمكين إذا عاهدتني على كلمة التوحيد التي دعت إليها الرسل كلهم». هذه العلاقة التعاهدية التاريخية كانت أساس بناء أكبر دولة إسلامية عصرية، واستمرت على ذلك في أدوارها الثلاثة إلى يومنا هذا، مؤكدة منهجها الثابت في الحكم، وقيامه على أساس متين لا تزعزعه الأهواء ولا تبدله الأيام والأعوام، فالإسلام هو خيارها الوحيد، وهو مبدأها ومعتقدها ومنهجها وطريق حياتها، لا تساوم عليه، ولا تزايد به، ولا ترفعه شعاراً وهمياً كما فعل آخرون في مرحلة الإفلاس السياسي، بل الدين هو روح هذه الدولة ومصدر شرعيتها. وقد وصمت البلاد بالرجعية لتمسكها بهذا النهج، ولم يزدها ذلك إلا تمسكا بتطبيق الشرع وإصراراً على نشر الدعوة.
ولقد حظي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه البلاد برعاية خاصة من الدولة منذ تأسيسها، وذلك ما دعا الملك عبدالعزيز يرحمه الله إلى تأسيس هيئة مستقلة جوهر عملها مبني على قاعدة الامر بالمعروف اذا ظهر تركه، والنهي عن ا لمنكر اذا ظهر فعله، وقد سجلت لأهل الحسبة نجاحات كبيرة في مكافحة الجرائم الاخلاقية والمخدرات والمسكرات، بالتعاون مع الاجهزة المعنية، ولقد أبلى أهل الحسبة بلاءً حسناً مشهوداً لهم فيه بالفضل، لانهم يعملون بدافع عقدي يرجون من ورائه رضوان الله، وتطهير المجتمع من براثن الفساد. وليس بمستغرب ان ما يقومون به من اعمال لا يرضي اهل الشر والهوى والفساد، فترى منهم من يحاول التقليل من جهود أهل الحسبة، أو استغلال الأخطاء الاجتهادية للبعض، والمبالغة في تكبيرها، ناهيك عن التجني عليهم، واختلاق القصص الملفقة والأقاويل الكاذبة، غير مقدرين الدور الجليل الذي يقوم به أهل الحسبة في حماية أعراض المسلمين من شر الذئاب البشرية، والحفاظ على الناشئة، وتوجيههم التوجيه الصحيح، والرقابة الشرعية في الأسواق لإزالة المنكرات الدخيلة في بعض المنتجات الاجنبية..
إن أهل الحسبة هم عين الرقيب في المجتمع، فبينما نحن مشغولون بهمومنا الدنيوية هناك من يقوم نيابة عن المجتمع بحراسة الفضيلة وحمايتها..
أفلا يستحق هؤلاء الرجال التكريم والتقدير، او على اقل تقدير كف الاذى عنهم؟! في رأيي أنهم يستحقون اكثر من ذلك، ومن يصفهم او يصورهم بالتحجر يستحق ان يلقم الحجر حتى ولو صار الحجر مثقالا بدينار..
|
|
|
|
|