| الثقافية
في القرية الصغيرة سمراء الحلم.. شرقية الملامح عذبة التفاصيل.. باسم كل الاطفال الذين كانوا تحت لواء الخوف وسيماء التردد.. باسم كل الشباب الذين أمسوا رجالا تملؤهم الهيبة ويحكمهم التراجع باسم التربية الحمقاء التي جعلتنا أشلاء وحرثت ساحاتنا بغباء!! باسم زيد وعمرو وانا في اقليم روحنا المترددة التي زرعت الغاماً ونشأت اوهاماً وعاشت في منفى القلق والترقب نطلع اسرة من حقل الدهشة والاستغراب نجاور اسراً كثيرة بمدينتنا الصغيرة يغسلنا البحر بعذوبته ونستحم باطلالته المساكن ملصوقة ببعضها والقلوب تنبض في روح واحدة والاسر امهاتها وآباؤها يجمعهم حب متفرد نخرج أطفالا صغارا يغور ملح البحر في مسامنا نعيش شعورنا الآتي بروعته ونسائمه التي ترطب ذواتنا احساس غريب بالمستقبل القادم الغائم النائم بعيوننا وكل الامهات سُحنّ غير أمنا كل الأمهات جعلن شعور القرية ينسل الى ركضهن الابيض وشقاوة الاطفال ونشوة اللصوص الصغار في اطفال قرية عرفوا ان الالفة لا تخلق الا الأمن والطمأنينة نحلم ونرسم نقيم مساكن طينية على ضفاف بحرنا الهادئ واطفال الجيران تظل شامخة عامرة حتى اليوم الآخر واما انا وزيد وعمرو ومريم وزينب نعبث بها نطأها ونعود سريعا امام صرخات والدتنا التي تخوفنا اذا ما امسى الليل باللص المختبئ خلف الموجة ورجل الامن الذي حمل البندقية والشرير المخبأ على الارصفة.. و.. و.. في كتب الخوف وريشة الهلع التي ترسم اوجاعنا وكأن الشمس تلهب تماسكنا فتذيبه كقطع الثلج اما هجمة صوت امنا الزاعج بكل قوته صوتها الصارخ يخنق عصافير المساء ويئد المحاولة الآثمة ان نكون شجعاناً غير هيابين فكلما نبت على ضفائر زينب اصرار وأده الخوف وكلما بزع. بوجه مريم تحدٍّ قتله فزع ننام في عباءة امي ونصحو في فستانها الموشى وذلك الغطاء الاسود الذي تطوى فيه كل محاولة نخترع فيها خروجا عن اسوار خوف امي والمحاولة المستميتة لكسر مكامن الشجاعة وروح المغامرة فينا والامتزاج العذب مع اقراننا الصغار الذين نراهم يشاكسون.. ونحن مسالمون، يستمتعون.. ونحن مرهونون بأوامر صارمة من امنا حركاتنا محدودة وتصرفاتنا مقيدة حتى كبرنا وامسينا شباباً يملؤنا الخبث الخائف والانحراف الواضح ولا حول ولا طول لأمنا الخائفة التي تجعل الحب يقفل حضوره حتى نحس بلسعة الجفاء وننام وتوصد ابواب الامان وترهبنا وتخيفنا من كل مجهول حتى نرتدع ونخلد في بيتنا لا نعرف الا الخوف والكل يعرف خوفنا.. صغارا وكبارا مساكين ونظرة الاشفاق من حولنا تزعجنا نحب الحمام ونراه رسم من ركوننا وتسليمنا الغبي نشعر بالحاجة الاكبر لا للنوم او الطعام انما الى وقفة شجاع امام رهبة الخوف التي زرعتها امي باقتدار تلك التي كانت تخشى الحرب وتخشى اللصوص وتخشى رجل الامن وتخشى الا نخشى حتى اصبحنا كبارا ونخاف تخطفنا سوء المصير..
وباسم كل الشباب الذين احتوتهم تربية جاهلة وام خائفة استطعنا اننا نعترف بكل شجاعة اننا كتلة خوف.
Abeeralbaker@maktoob.com
|
|
|
|
|