| مقـالات
(1)
** " إن التصدي للعامةِ خلوقه، وطلب الرفعة بينهم ضعة، والتشبه بهم نقيصة، وما تعرض لهم أحد إلا أعطاهم من نفسه وعلمه وعقله ولوثته ونفاقه وريائه أكثر مما يأخذ منهم من إجلالهم وقبولهم وعطائهم وبذلهم..".
أبو حيان التوحيدي
الإمتاع والمؤانسة
* * *
** فليت كفافاً كان شرُّك كلُّه
وخيُرك عنّي ما ارتوى الماءَ مرتوي
يزيد بن الحكم الكلابي
* * *
** "أشعر الناس عند الأصمعي من يأتي إلى المعنى الخسيس فيجعله بلفظه حسناً، ويأتي إلى المعنى الكبير فيجعله بلفظهِ خسيساً..".
الحاتمي
(حلية المحاضرة)
إبراهيم عبد الرحمن التركي
* * *
(2)
** ماذا إذا حكت "الإشاره"..؟
أغنتْ عن "السعي" العباره؟
ماذا..؟ لِمَنْ يدري..
ومَنْ يجري..
فقد تخبُو النضاره..!
وتئنُّ من فقرٍ تجاره..!
* * *
ماذا إذا جارَ الغدُ
واليومَ فات الموعدُ..
وقضى وغاب السيِّدُ
أين اليدُ..؟ والسُّؤدد..؟
* * *
ماذا إذا حُمَّ القَضا..
وأفاق من وهمٍ مضى
والحلمُ يخدعُه الرِّضا..
فإذا الحياةُ السرمدُ
والأصفياءُ تبددوا..!
والختْمُ لونٌ أسودُ
* * *
ماذا إذا ضاعَ الغدُ..؟
* * *
(3)
** مثَّل كتاب "الشعر الجاهليّ" نقطة تحوّلٍ أشارتْ إلى "اسمه"، وأبرزتْ "توجهاته"، واتكأت "نتاجاته" التالية على "الإثارة" التي أحدثها اختلاف (طه حسين) عن "السائد" أو خلافُه مع "الإجماع"..!
** وارتبط "العقّاد" "بالعبقريات" فأضحت مرتبطة به، أو أضحى مرتبطاً بها، ولم تلق إضافاتُه الممتدة بمسافة سنيه التي بلغت "خمساً وسبعين" ما يوازي "عبقريته" الشخصية..!
** "ونجيب محفوظ" - بدوره- هو "الثلاثية"، أو لعلَّ "الثلاثية" هي "محفوظ" وتوارتْ إبداعاته الأخرى في ظل وهج "قصر الشوق" و"بين القصرين" و"السكريَّة"..!
** وتوقف (محمد شكري) عند (الخبز الحافي) فلم تستطع رواياتُه الأخرى مقارنة "هذه"، وبقي "البوهيميُّ" التائه مرتهناً لسيرته "المتجاوزة"..!
** وأصدر "غازي القصيبي" مجموعة من الروايات بعد "شقّة الحريّة" وربما فاقتْها في فنِّيَّات السرد إلا أن "الشقّة" بين "السابقةِ" و"اللواحق" بعيدةٌ بمعايير "الذيوع"..!
** وعُرِفَ "أمل دنقل" بقصيدته الرائعة "لا تُصالح" فاكتفى بها كثيرون ولم يبحثوا عن إبداعاته الأخرى..!
** وهكذا اشتهرت "أحلام مستغانمي" ب"ذاكرة الجسد"، و"علي محمود طه" ب"أخي جاوز الظالمون المدى"، و"عبدالله الغذّامي" من خلال "الخطيئة والتكفير" و"حيدر حيدر" بروايته "وليمة لأعشاب البحر" أو ربما "بالضجَّة" التي دارت حولها، وهكذا كان مع "عبد الرحمن منيف" في "مدن الملح"، و"ماركيز" في "مئة عامٍ من العزلة"، و"تركي الحمد" بثلاثيّته "أطياف الأزقّة المهجورة"، و"علي عبد الرازق" عبْر "الإسلام وأصول الحكم" و"سلمان رشدي" في "الآيات الشيطانية" وغيرهم من "الجدد" و"القدماء" مع غيرها..!
* * *
(4)
** حشدٌ من الأمثلة يقرِّر حقيقةً واحدة تمسُّ خطوط "الوهم" أو "الواقع" حيث تتقاطعُ عواملُ "الانتشار" مكونةً نظريةً "إنسانية" متغيرة لا تخضعُ لمعايير "الأحقيّة" أو "الأهميّة" أو "الإنجاز" بمفهومِه "الحضاريّ" القادر على تكوين "توجّهٍ" أو خلق "تحوّلٍ" أو تمثيل ريادةٍ صادقةٍ..!
** خذوا ما شئتم من الأمثلة السابقة والمئات سواها، وسوف تُقدِّرون أن "النجوميَّة" التي وصل إليها "الكُتَّاب" عبر هذه "الكتب" لا توازي ما احتواه "داخلها" من "إضافات" أو "إضاءات".. فجنتْ على الموروث الحقيقي القابل "للتأثير" و"الاستمرار"..!
** هنا نتيقنُ أن الأسماء "البارزة" أو "المُبْرزة" ليست بالضرورة أسماءً تحتفي بها الذاكرة "التاريخية" على أساس "النصّ" المتصل، كما أسماءٍ أخرى استطاعتْ تجاوز "الحدودِ" المكانيَّة، و"القُيودِ" الإمكانيّة، والمسافات "الزمنيّة" فظلّت أساساً يتكئُ عليه البناءُ المعرفيّ على المدى..!
* * *
(5)
** "الشجا يبعث الشجا" - كما قال "مُتمِّم بن نويرة"، وإذا كان هو قد رأى الحياة - بعدما دفن أخاه قبراً كبيراً (.... فدعني، فهذا كلُّه قبرُ مالكِ)، فإنها كذلك لكثير من النتاج العربيّ في القرن العشرين، وربما "الواحد والعشرين" إذا ظللْنا نصفِّق "للكاتب" أو "المفكّر" أو "الشاعر" أو حتى "العالِم" بمثل ما نصنعُ مع مبهرجي الدفوف والصّفوف، فنعامل ذوي الأقلام والأفهام كما "أبطال" أو "طبولِ" الأفلام.. والأقدام!
** لا مزايدة ولا تشاؤم ولكنَّ كثيراً من هذا النتاجِ سينتهي بعد أن يكون صاحبُه قد مضى إلى ربِّه سعيداً بردود الفعل المشجعة التي تخطت كل متوقع لدرجةٍ أصبح معها "شعراؤنا" و"روائيّونا" و"نقَّادنا" نجوماً لسهرات "الشاشة" وحوار "المنتديات"، وتصدر بعضهم المقاعد الأولى، وأضحت لهم حَظْوةٌ مجتمعيةٌ، لكن سُنَّة "التاريخ" هي انفصالُه التام عن تصفيق الجماهير، وحركة السوق وقانونِ العرض والطلب..!
* * *
6/1
** لعلَّ من آخر "الأمثلة التي أفرجت عن نماذجَ جديدة تؤكدُ ظاهرةَ "السَّرابيّة" حجاب "عالية شعيب"، ورواية "أحمد أبو دهمان"..!
** فعالية شعيب "مبدعةٌ" تُحاولُ أن تقدّم نفسها بأشكالٍ مختلفةٍ، ربما بتلقائية، وربما لتوجهَ النظر إليها، وانتقلت - خلال فترة قصيرة - من الضد إلى الضد، واستمرت "نجمةً" في واجهات الصحف والمجلات، وإذْ اخترقتْ "السائد" بالأمس، وتحدثت "بجرأةٍ" لا معنى لها أحياناً لتصبح حديث الغادين والرائحين، وتقدم بسبب ذلك إلى "المحكمة"، فإنها - اليوم - قد أصبحتْ في الطرف الآخر مدافعةً عن "القيم" متبنيةً "لوجهات نظرٍ" طالما ناوأتها، مما يدلُّ على وجود خللٍ في التكوين الثقافي لدى ثلة فينا (ربما لا تكون عالية مصابةً به وإن دخلت في نتائجه..)
6/2
** تحول (عبدالله القصيمي) من الشيخ النجديّ "المحافظ جداً إلى النقيضِ المتطرف جداً الذي وصل في كتابه (الكون يحاكم الإله)، إلى الدرك الأسفلِ في علاقته بالله سبحانه (تعالى عمَّا قال أو يقول أمثاله، وعفا عنه برحمته وغفرانه)، مما توجه لدى بعضهم ليصبح مفكراً حراً نزيهاً رائداً (وهو - تجاوز الله عنه - حقيقٌ ببعض هذا أو كُلِّه)، كما لم يسلمْ ممن اتهمه بعدم التوازن، وبقي في دائرة الضوء زمناً ثم انتهى لتُسلمه الأحكام المؤقتة لعدالة التاريخ الدائمة..!
** وهكذا فحكاية "عالية شعيب" في "شططها" السابق - كما وُصف - وأوبتها الشكلية حالياً (كما يبدو) تدخل في إطار البحث المضني عن "الذات" الذي قد يتجسَّدُ على هيئة "الشُّهرة" أو "المركز" أو "الوجاهة" أو "لفت النظر" أو ما دار في فلكها..!
* * *
6/3
** حظيت رواية (أحمد أبو دهمان) بحفاوةٍ غريبةٍ رغم أن معظم من أشاد بها لا يعرفُ من "الفرنسية" أكثر من "بونجور" و "بونسوار"!
** ربما كانت "الحزام" جديرةً بما وصلت إليه، ولكننا لم نقرأها، ولا يعنينا أن تطبع منها "غاليمار" رقماً كبيراً في مجموعة طبعات، أو يقرظها "الأباعد" في مختلف الوسائل، فربما جاز لنا أن نفسر ذلك برغبةٍ في زيادة مساحة "الفرانكفونيين" بعد أن تضاءل الاهتمام بهم وباللغة التي تمثلهم أو يمثلونها..!
** هذه الرؤية لا تقلل من مكانة "أبو دهمان" أو قيمة روايتهِ، لكن الواقع يؤكد أن "الفرنسية" تعاني من امتداد اللغة الإنجليزية" التي يتحدث بها - اليوم - أكثر من ألفي مليون نسمة، والرقم في ازدياد ليصل بعد سنوات قلائل إلى نصف سكان الأرض، وربما لا ينتهي القرنُ الواحد والعشرون حتى تصبح لغة العالمِ.. "كلَّ العالم"..!
* * *
6/4
** لعلَّ الجميع يدرك أن "الإنجليزية" قد احتلت مكان "الفرنسية" (حتى في أقطار المغرب العربي أو تكاد)، وربما صحَّ لكتَّاب الفرنسية العرب - أمثال "شكري، أركون، بن جلّون، معلوف"، وغيرهم، أن يجدوا في امتدادِ جيلهم عبر المشرق العربي عزاءً لما كاد ينقرض، وربما وجد القائمون على هذه الثقافة في وجود كاتب عربي من أرض الجزيرة العربية يجيد الكتابة بلغتهم أملاً غير متوقع..!
** لقد أجاب بنو جلدتهم من "الفرنسيين الأصليين" (بنسبة 66%) أنْ "نعم" عن سؤال حول مدى اليقين بأن على جميع سكان الأرض التحدث بالانجليزية، فاذا كان "الفرنسيون" أنفسُهم وفي ديارهم قد أمَّنوا على هذه الرؤية، فإن كُلَّ المحاولات التي يبذلها المسؤولون عن هذه الثقافة ومنهم الناشرون، وعلى رأسهم "غاليمار" ستكون جزءاً من رغبة "عفويّةٍ " أو "مخططٍ" لها قبل أن تتراجعَ "مداراتهم" أمام المدار الأوحد..!
** ومرةً أخرى فإنجازُ "رواية" أيَّاً تكن لغتُها - لا يستحقُّ كُلَّ هذه المبالغة مما يجعل الاستفهام معلَّقاً، تتكامل بإجابتِه الصورة التي تطرحها "هذه الأربعاويّة" حول نجومية العمل "الواحد" أو "الأوحد" الذي يقفز بصاحبه إلى "الذُّرا" في لحظة يغيب عنها حكم المنطق في محكمة الثقافة المؤصّلةِ..!
* * *
(7)
** هل نستطيع الخلوصَ إلى نظريَّة "جديدة" "قديمة" تؤمن أن "الواقع" الثقافي - رغم بهرجته - متخلِّفٌ عن مواكبةِ "المتوقع" أو المأمول، وأن التظاهرات الموافقة للإنجازات الرقميّة مجردُ أصواتٍ تائهة في فضاءاتِ العالم "المنتج" الذي لم يٌسلمْ واجهاتِه للشعراء والروائيين والنُّقَّاد فظلَّ يبني، وظللنا نحتفي - كل يوم - بمن يُضاف إلى قائمةِ النجوم المنطفئة عاجلاً أو آجلاً..!
** وربما بدت المشكلة بصورة أجلى حين يختفي - وسط ضجيج الطبول والمطبِّلين - القادرون مِمَّن أخلصوا لوجهِ العلم فلم يجتذبْهم "ضوءٌ" أو "ذيوع"، ولم تُلهِهِم أكفٌّ ملتهبة تصفِّق لكل شيء ومن أجل لا شيء!!
** قائمة هؤلاءِ طويلة، ومعاناتهم أطول، لكنهم يثقون بما يضمنه "الغد" لمن يقدِّم "اليوم"..!
** الحياة تبدأ بعد الممات!
IBRTURKIA@ hotmail.com
|
|
|
|
|