| مقـالات
الكاتب عليه واجب اجتماعي تجاه امته، فهو أحد افرادها، يهمه مايهمها، ومن هذا المنطلق اكتب عن التقارب الخليجي، الذي هو هاجس فئة من ابناء الأمة العربية، تقطن في رقعة من الارض، توافر فيها كل اسباب التقارب، وكل اجتماع داخل جسم الامة العربية هو قوة لها، وقادة الدول الخليجية احسوا بهذا التقارب، وبهذه الرغبة من لدن شعوب الخليج، فكونوا مجلس التعاون الخليجي الذي وجد من اجل هذا التقارب، ومن هنا نجد ان رغبة التقارب موجودة عند القادة، وعند عامة شعوب الخليج، فإذا كانت الرغبة موجودة من لدن الجميع فلماذا التباطؤ في الخطوات التي تلم الشمل، وتوفر المال، وتجلب القوة، وتدعم قوة الامة العربية؟!. ان مجلس التعاون يسعى الى التقارب، ولا ادل على ذلك من اجتماع القمة السنوي، ثم الاجتماع الذي استحدث اخيراً، فالاجتماعات ليست هدفاً في ذاتها، ولكنها وسيلة لتحقيق ماتطمح اليه شعوب الخليج، من رفع القيود التي تقيد حركة الانسان الخليجي في هذه الارض.
ان قادة دول مجلس التعاون لا يألون جهداً في تذليل الصعاب التي تعترض طريق خطوة بدت للسير الى الأمام، فاذا قرن الجد بالطموح الى تحقيق الافضل، ووضع برنامج يتحتم تحقيقه، ذللت الصعاب، واستسهل الطريق الوعر.
ان كثيراً من المثبطين لايسرهم التقارب بين دول الخليج، لان مصالحهم تتوافر في تباعد هذه الدول عن بعضها، فهم يحلبون هذه فاذا فرغوا اتجهوا الى الاخرى فالثالثة فالرابعة، وهكذا فاذا اجتمعت هذه الدول في كيان واحد لم يتوافر لهم مايريدون.
ان مقومات التقارب تتوافر في المستوى المعيشي، فدخل الاسرة في دول الخليج متقارب الى درجة كبيرة، ثم ان الاطعمة في دول الخليج واحدة، وطريقة تحضيرها متجانسة، فهي ذات اصول تاريخية بعيدة، تثبت الرغبات التي تصب في اناء واحد منذ القدم وحتى يومنا هذا، وعندما وفدت الاطعمة المختلفة الى الخليج بقيت الاطعمة القديمة وسيلة تقارب، فالحنين الى الماضي في الاكلات الشعبية يجمع الكويتي والسعودي والبحريني والقطري والاماراتي والعماني، فالرغبات في عادة اجتماعية ايا كانت اداة قوية للاجتماع والتقارب ثم ان الاتصال الارضي والبحري موجود، فالعامل الجغرافي يدعم التقارب ويقويه، وهو متوافر في هذه الارض الممتدة بدون حواجز او عوائق، وفي هذا البحر الذي تختلط مياهه، من المياه الاقليمية للكويت الى المياه الاقليمية لسلطنة عمان، ان هذا البحر غني بالاسماك في مواضع منه.
ومن هنا يبرز التكامل الذي ينشده المواطن الخليجي لقد عرف العرب منشأ القوة، وانها من الاجتماع، فالمطالبة بالجزر الاماراتية لن تجد اذناً صاغية من الطرف الآخر الا اذا كان خلف هذه المطالبة قوة تهيمن على المياه الاقليمية لدول الخليج، وفي تلك الحالة يبرز الجد من الطرف الآخر في مناقشة مسألة الجزر.
ومن عوامل التقارب بين دول الخليج ان هذه الدول تتحدث بلهجة واحدة، فكل واحد في دول الخليج يفهم الآخر فهما كاملا، ويرتاح الى منطقه، ونحن لانفضل اي لهجة عربية على اللغة الفصيحة، ولكن واقع اللهجات فرض نفسه على الحديث، شئنا ام ابينا، فمما نلحظه ان اللهجة تتقدم على اللغة العربية الفصيحة، في مواقف يفترض فيها السيادة للغة العربية، منها مواقف مناقشة الرسائل العلمية من قبل متخصصين في اللغة العربية ، ومنها مواقف الأساتذة في قاعات المحاضرات في الجامعات، فماذا نقول بعد ذلك عن شرح المعلمين في التعليم العام لطلبتهم، والذي تكتنفه اللهجات العامية؟! فانا اتحدث عن واقع معاش.
ومن عوامل التقارب ان شعوب هذه الدول ترتاح الى الشعر الشعبي مما يقوي الروابط بينها، فما نلحظه المكانة التي تحتلها مجلات الشعر الشعبي وأنها تجد القارئ والمتابع ، كما أن دواوين الشعر الشعبي تجد القارئ والمشتري، فاذا صدر ديوان لصاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل وجد الطريق الى القراء في جميع دول الخليج، وهذه ليست دعوة للشعر الشعبي، ولكنني اتحدث عن واقع معاش كما قدمت.
ان أنموذج الامارات يجب ان يقتدى به ويحتذى في التقارب الخليجي، لقد كان المتشائمون عندما اجمعت الامارات في دولة يرون لها مستقبلاً غامضاً، وهاهي اليوم تسير الى الأمام في ثبات وصلابة، فمتى نرى اليوم الذي نسمع فيه "الدول الخليجية المتحدة" دولة قوية، لها خطرها القائم على المال، ووعي شعوبها؟ لعله قريب إن شاء الله.
|
|
|
|
|