|
| عزيزتـي الجزيرة
روى أنس بن مالك رضي الله عنه - حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم - يقول ارتقى النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر درجة فقال: (آمين) ثم ارتقى الثانية فقال (آمين) ثم ارتقى الثالثة فقال (آمين) ثم استوى فجلس فقال اصحابه علام أمّنت؟ قال: (أتاني جبريل فقال: رغم انف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك، قال قل آمين فقلت آمين فقال رغم انف امرىء ادرك ابويه فلم يدخل الجنة قال: قل آمين فقلت آمين فقال رغم انف امرئ ادرك رمضان فلم يغفر له قال: قل آمين فقلت آمين) هذا الحديث يدل على ثلاثة امور مهمة وعظيمة ولكن لضيق المقام ولخشية الاطالة اتكلم عن الموضوع الاوسط والامر الذي نحن في حاجته فهو طريق من الطرق الموصلة الى الجنة الا وهو بر الوالدين. بر الوالدين ايها الاحبة له معنيان لغوي وشرعي فاللغوي: كما قال صاحب المعجم الوجيز في معنى البر في اللغة فقال (بر) فلان والديه اي توسع في الاحسان اليهما ووصلهما اما البر او بر الوالدين في الاصطلاح فهو طاعة الولد لوالديه فيما يأمران به من المعروف واكرامهما والعمل على كسب رضاهما والتفاني في خدمتهما وفي انجاز اعمالهما في اسرع وقت ممكن. بر الوالدين ايها الاخ المبارك من اسباب دخول الجنة يدل على ذلك حديث انس المتقدم - بر الوالدين ايها الاخ - الحبيب مقدم على الجهاد في سبيل الله ودليل ذلك ما اخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم اي العمل احب الى الله؟ قال الصلاة على وقتها قلت ثم اي قال بر الوالدين قلت ثم اي قال الجهاد في سبيل الله كما ان بر الوالدين سبب في زيادة العمر فعن انس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سره ان يبسط له في رزقه وينسأ له في اجله فليصل رحمه) متفق عليه قال ابن قتيبة يحتمل ان يكتب اجل العبد مائة سنة وتزكيته عشرين فان وصل رحمه زاد التزكية وبر الوالدين ايضا سبب في بسط الرزق للحديث المتقدم ومعنى بسط الرزق اي بركته كما قال ابن حجر في الفتح حيث قال العلماء معنى البسط في الرزق البركة. اخي الكريم بعد ما اوردت لك شيئا من فضائل بر الوالدين اقول لك انك لا تخلو من احدى ثلاث حالات اما ان يكون والداك موجودين كليهما او ان يكون احدهما موجوداً او ان يكونا غير موجودين فان كنت صاحب الحالة الاولى فليهنِك ما انت فيه فان الجنة الآن في يدك وانت الآن مخير بين دخولها وبين عدم الدخول فالوالد أخي الحبيب اوسط ابواب الجنة فان شئت فأضع ذلك الباب او احفظه كما قال ذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من حديث ابي الدرداء عند الترمذي وانظر اخي الى ما صنعه اياس بن معاوية عندما ماتت امه فلما ماتت امه بكي فقيل له ما يبكيك؟ قال كان لي بابان مفتوحان الى الجنة واغلق احدهما فعليك اخي ببرهما وطاعتهما عساك بهذا العمل ان تدخل الجنة من أوسط ابوابها اما ان كنت من اصحاب الحالة الثانية فما عليك اخي الحبيب الا ان تحسن الى الموجود منهما وتطيعه وتدعو له امتثالا لقوله تعالى "رب ارحمهما كما ربياني صغيراً" وان تتضرع في الدعاء والاستغفار للغائب منهما الذي ادركته المنية لانه والحالة هذه في اشد الحاجة الى ما يفرج عنه كربته ويؤنسه في قبره اما ان كنت من اصحاب الحالة الثالثة فاقول لك: جبر الله مصيبتك بفقدهما وجمعك بهما "في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر" وما عليك والحالة هذه الا امتثال الحديث الذي حدث به مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: بينما أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من الانصار فقال يا رسول الله هل بقي علي من بر ابوي شيء بعد موتهما ابرهما به؟ قال نعم خصال اربع الصلاة عليهما (اي الدعاء لهما) والاستغفار لهما وانفاذ عهدهما وصلة الرحم التي لارحم لك الا من قبلهما فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما اخرجه الامام احمد وابو داود وابن ماجه وفي نهاية المطاف لا يسعني الا سؤال الله العلي الكبير ان يمن علي وعليك بالتوبة النصوح والهداية والتوفيق الى صراطه المستقيم وان يغفر لنا ولوالدينا وان يرحمهم كما ربونا صغاراً وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
محمد كتاب العتيبي
|
|
|
|
|
