أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 9th April,2001 العدد:10420الطبعةالاولـي الأثنين 15 ,محرم 1422

متابعة

المعلمات يجأرن بالشكوى من أماكن العمل النائية وتراكمات المخاطر والمعاناة
عروس تركت زوجها في الرياض لتبقى مع أقاربها من أجل عيون الوظيفة!
لمعاناة المعلمة عدة وجوه.. تتدرج من ظروف تسلب راحتها.. إلى مخاطر تتهدد حياتها من خلال حوادث السير المرعبة.
والمعلمة - قبل هذا - هي شابة تسلحت بالعلم أملاً في خدمة وطنها وأهليها، ومنذ يوم تخرجها تبدأ رحلتها مع المتاعب، فالوظيفة تحتاج إلى لهاث يومي وانتظار طويل حتى تأتي وقد لا تأتي.
فإذا جاءت الوظيفة المنتظرة بدأت رحلة المعاناة الأخرى مع مقر العمل النائي الذي يحتاج للانتقال اليومي مسافات تبلغ مئات الكيلومترات، بكل ما يحمله ذلك من عنت ومخاطر، ثم فوق ذلك على هذه المعلمة أن تؤدي دورها الأسري تجاه الزوج والأطفال بشكل مستمر دون أي تقصير.
من خلال هذا التحقيق سعينا لأن نضع أيدينا على بعض مواقع الوجع، فاستمعنا إلى عدد من المعلمات اللائي يستعملن سيارات النقل الخاصة في سعيهن اليومي للانتقال من وإلى مقر العمل، ثم نقلنا وجهاً آخر من القصة عبر لقاءات مع بعض السائقين الذين يتولون نقل المعلمات.
وقد جاءت محصلتنا كالتالي:
رحلة الرعب اليومي
بدأت المعلمة فاطمة البيشي حديثها عن هذا الموضوع قائلة: أحكى معاناتي أنا وزميلاتي فنحن المعلمات المحكوم عليهن بالتعب لعام أو يزيد نعتبر من المنفيات كل صباح لمدة تتجاوز عشر ساعات كل هذا من أجل لقمة العيش وتحقيق الذات وحمل رسالة وبناء مجتمع.. فأنا إحدى المعلمات اللاتي يعانين من مشكلة التغريب هذه المشكلة التي تكمن في عدة أمور منها )سيارة لنقل المعلمات - مسكن للمعلمات - الإدارة والتوجيه(.
أولا سيارة نقل المعلمات هذه السيارة التي تحشر فيها المعلمات كل صباح وبالأحرى هذا التابوت الذي نحشر فيه بالأكوام نخرج قبل الفجر من بيوتنا تاركين أو بالأصح مودعين أهلنا وأطفالنا وأزواجنا تحمل كل منا دفتر تحضير ووسائل تعليمية وقلبها مليء بالخوف من رحلة الموت هذه الرحلة التي قد يتسنى لنا الرجوع منها أو قد يكون خروجا نهائيا بلا عودة نذهب في هذه الرحلة إلى المناطق التي نفينا إليها بعد دوران خمس ساعات في شوارع الرياض لجمع كباش الفداء ثم توزع على المسالخ ننطلق في صحراء غير معبدة قد تكون رملية أو صخرية وبعد ان نصل لموقعنا علينا ان نجمع العظام المفرقة ونربط الرؤوس المصدعة في محاولة لجمع الأفكار المبعثرة وتهدئة النفوس المتوترة لما رأت من هول الطريق نصل بعد أن تخللنا ومن العرق تصببنا، الشعور منكوشة والعيون مدهوشة والحلوق مبحوحة ندخل الحصة ونحن في حالة يرثى لها نحاول جمع الأفكار وشرح الدروس ولكن أين العقول وأين المنطق والبيان في رحلة تدعى رحلة ماجلان.
وتضيف: التعب النفسي والتوتر العصبي يقلل من انتاج وكفاءة المعلمة فأين الانجاز الذي تقوم به المعلمة وأين الرسالة التي كلفت بحملها بأمانة كل هذه الأسس ضاعت وذهبت هباء منثورا وعلى فكرة ما ان نأخذ النفس حتى تبدأ الساعة بالرحيل من المنفى يدق الجرس فتجر كل منا كفنها خلفها ونضع أيدينا على قلوبنا لنحشر في التابوت الكبير حشرا وينطلق السائق عبر هذه الصحاري فالمطبات والعقبات كثيرة وما أن نخرج إلى الخط حتى يدوس البنزين لينطلق كالصاروخ وما أن يصل حتى نبدأ مباشرة عملنا الآخر فهذا بمثابة الواجب ففي البيت مسؤوليات على عاتقنا فلدينا ازواج وأولاد وطبخ ونفخ ومازاد الطين بلة دفتر التحضير.
وتضيف البيشي: وما أن نضع الرؤوس للنوم حتى يدق جرس الإنذار فهذا السائق جاء كالعادة ونذهب والناس نيام والرؤوس مليئة بالنوم ونحن على هذا الحال أربع سنوات.
وتتساءل فاطمة البيشي: هل لو صار لنا حادث كما صار للأخريات هل هناك مهتمون؟
هل نجد من يحزن لمصيرنا؟ هل نجد من يحزن ليتم أطفالنا؟
تشهد هذه الخطوط موت الكثير من المعلمات قبل ان يفرحن بالراتب الأول فهل سيكون مصيرنا مثل مصيرهن؟
وأخيرا نحن مطالبون بواجبات كثيرة من قبل المديرة فالانتقادات بلا حساب فالمعلمة أصبحت كالطالبة هذا بالإضافة للدوام الرسمي فالحضور يوميا ولا أعذار إلا برجوع للوحدة الصحية أو احضار شهادة الوفاة!!
والسؤال الذي نوجهه هنا لماذا لاتوضع خطة محكمة توزع فيها المعلمات حسب اقرب منطقة لسكنها؟ لماذا لايعمل جرد للمدارس لمعرفة النقص؟ لماذا ولماذا أسئله كثيرة وفي الأخير أقول اللهم سخر لنا الآذان الصاغية والقلوب الرحيمة والأيدي الكريمة التي تعيننا بنقل داخل المدينة.
500 كم يومياً
وعلى الرغم من أن كلام المعلمة فاطمة البيشي كان مؤثرا وكافيا لكن المعلمات أبين إلا أن يدلين بمعانتهن من هذه الطرق.
المعلمة سهر الشقاوي التي التقيناها وحاورناها داخل حافلة النقل اليومية تقول: أذهب صباحاً وظهراً يومياً 500كم، شيء متعب بالإضافة لبعد الأهل، فأنا أسكن مع خالتي، حتى ان كثرة الخوف من الطريق والحالة النفسية أصابتني بارتفاع ضغط الدم، تخيلي في هذه السن وعندي ارتفاع في الضغط.
تركت زوجي
أما المعلمة سلطانة الكثيري فهي عروس جديدة تركت زوجها في الرياض لتبقى مع أقاربها لتكمل مشوار الوظيفة المرهق. كما أن المعلمة عفاف الوهيبي تقول: أنا وحيدة أمي وهي مريضة لايشرف عليها أحد غيري وقد عينت من الرياض في هجرة صغيرة بعيدة في رياض أطفال ليس بها سوى تسعة أطفال.
قبل الفجر
أما المعلمتان بناء السبيعي ومنال البقمي فتقولان: ليس نحن من يعاني بل ان الأهل الوالد والوالدة في أشد حالات الخوف علينا بالإضافة لخوفنا الشديد من الطريق الصحراوي فنحن نعتلي هذا الطريق قبل صلاة الفجر.
تعب
المعلمة س.ع معلمة لغة عربية تقول: زوجي شديد الخوف علي فنفسيته متعبة وأخلاقه تغيّرت وفي كل صباح يودعني ويقول لي: )ترى ان توفيت بتزوج ثانية بعد أربع أيام( كل هذا حتى يضطرني لترك هذه الوظيفة بمشوارها المخيف.
المعلمة نجاة عبدالله تقول أهلي في الصباح يودعونني وكأنهم يزفونني عروسا للموت.
تركت أهلها وأولادها
المعلمة عدلة .م من خريجات المنطقة الشرقية تعمل الآن مدرسة في إحدى محافظات الرياض تسكن مع مجموعة معلمات جئن من الدمام معهن محرم بزوجته يهتم بشؤونهن تقول إنها تركت أهلها وأولادها ومعها الآن بنات أختها المتوفاة خمس بنات تهتم برعايتهن وهي تعيش حالة نفسية سيئة بسبب بعدها عن زوجها وأهلها وأولادها.
أما المعلمة سناء حجي فهي أيضا من المنطقة الشرقية بعيدة عن أهلها ووالدتها الضريرة التي تعتمد عليها مباشرة في رعاية شؤونها الخاصة.
ضغوط نفسية
المعلمات بهذا الوضع من البعد عن الأهل والدوام في مناطق بعيدة صحراوية يلقين أنواعا من الضغط النفسي الذي بلا شك يؤثر على علاقتهن بالمديرات وعلى إلقاء الدرس والشرح.
لذلك كان السؤال لإحدى مديرات المدارس الاستاذة هياء محمد مديرة مجمع مدارس بإحدى محافظات الرياض التي قالت انها تعاني كثيرا من وجود معلمات بعيدات عن مقر عملهن وذلك أولاً وأخيراً بسبب الغياب الذي يؤثر على سير العمل وتحصيل الطالبات هذا بالإضافة لنفسياتهن المتوترة دائماًليست سلبية دائماً.
وجه آخر
ولكن عمل المعلمات خارج مدنهن ليست ظاهرة سلبية بالكامل، بل لها بعض المحاسن التي نذكر منها أنها كانت سبيلا للفرج لبعض أولئك الذين لم يجدوا عملاً فقاموا بنقل المعلمات بقيمة تتراوح بين 1000 إلى 2000 وهو مبلغ جيد إذا ما كان يحمل خمس عشرة معلمة.
حيث يقول أبو فهد سائق انه يستفيد من هذا العمل وهو الآن يصرف على بيته وأولاده بكل راحة رغم انه يلاقي المشقة والتعب، وقد سألناه عن شعوره بمعاناة المعلمات اللاتي يحملهن منذ الفجر فقال: إنني أشفق عليهن كثيرا فهن منذ الفجر بالسيارة وعندما يصلن المدرسة مطالبات بأشياء كثيرة وإذا وصلن للبيت لديهن أعمالهن الخاصة أيضاً.
استقال من البنك وعمل سائقاً
أما السائق محمد فيقول كنت أعمل في بنك على نظام الساعات براتب ثلاثة آلاف والآن والحمد لله معي جمس به تسع معلمات تدفع كل واحدة ألفي ريال.
محرم بـ 1500
أما المحرم ناجي من المنطقة الشرقية ويسمى بالمحرم لأنه يحرم لمجموعه من البنات يهتم برعايتهن والمحافظة عليهن فيقول انه كان في الماضي تمر عليه ليال لايتناول بها عشاء مع أولاده حتى انه لايستطيع شراء الحليب لطفلته ولكن الآن الحمد لله )أحرم( لمجموعه من البنات ومعي زوجتي وأولادي وتدفع لي كل معلمة 1500 ريال كل شهر.

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved