| المجتمـع
تحقيق: فايزة الحربي
ان المرأة المسلمة الذكية تعرف كيف تتسرب الى كوامن نفوس ابنائها، وتغرس فيها مكارم الاخلاق وحميد السجايا، مستخدمة في ذلك ابرع الاساليب واذكاها من قدوة مثلى محببة ورحمة وحب واهتمام وتشجيع في لين من غير ضعف ، وشدة من غير عنف ومناقشة من غير املال.
فينشأ الاولاد نشأة سوية راشدة، مفتحي العقول، ناضجي الفكر، صالحين قادرين على العطاء، مهيئين للبناء والاعمار في شتى حقول الحياة.
الام هي المدرسة الاولى في تربية الشعوب كما يقول الشاعر حافظ ابراهيم :
الام مدرسة إذا أعددتها
عددت شعبا طيب الاعراق |
ومن خلال هذا التحقيق تبين لنا دور الام الحقيقي في تفوق ابنائها وهو دور لا يستطيع الاباء القيام به.
في البداية التقينا بالدكتورة جواهر محمد الدريسي لتحدثنا عن هذا الجانب فقالت: الام هي اقرب افراد الاسرة للابناء والتي يمكن ان يكون لها دور واضح وفعال في مساعدة الابناء على التفوق فهي تستطيع التعرف على مميزاتهم وقدراتهم وتشجيعهم على استغلال تلك الطاقات وذلك بمشاركتهم بالحديث والاهتمام والتعرف على كل ما يتصل بالدراسة وبث الثقة في قدراتهم على المواصلة والتفوق وبذلك تكون اول من يصنع اللبنة الاساسية لعمليات التفوق وتدعيمهم بالثقة بالنفس والتوجيه المستمر والتشجيع".
كما التقينا بعدد من امهات الطالبات المثاليات على اقرانهن لنسلط الضوء على عدة جوانب تكشف فيها عن مدى اهمية دور الام في مثالية ابنائها من الطلبة والطالبات.
وكان هذا الحوار الشيق مع المشرفة التربوية لرياض الاطفال بمكتب الاشراف التربوي الاستاذة الجوهرة الاحمد والدة الطالبة رحاب عبدالعزيز البريدي الحاصلة على المركز الثالث على منطقة الرياض في اختبارات شهادة الثانوية العامة والتي عبرت عن بالغ سعادتها لما يحرزه جميع ابنائها من تفوق بالاضافة الى الدروع والاوسمة كطلاب مثاليين على مستوى مدارسهم ولله الحمد.
وعن اهم ما غرسته في نفوس ابنائها قالت:
حب القراءة والاطلاع على كل جديد ومفيد وحرصت على تنويع مصادر المعرفة عبر طريق: أشرطة الفيديو الخاصة بالاطفال التعليمية والترفيهية باللغتين وأضافت الحاسب الآلي ابنائي من اشد المتابعين لبرامجه - السفر الرحلات والاستفادة بكل ما تزخر به تلك البلاد بزيارة المتاحف والآثار لانها مصدر حي للمعرفة ويوجد في مملكتنا بعض المراكز العلمية المناسبة للطلاب والطالبات التي حرصت على زيارة ابنائي لها وهي واحة العلوم بالرياض، ومعرض ارامكو في الشرقية، ومدينة العلوم والتكنولوجيا في جدة.
اما تساؤلات ابنائي واستفساراتهم الكثيرة في سنوات الطفولة الاولى حاولت الاجابة عن جميعها حتى يتمكنوا من الحصول على المعلومات التي يريدونها من مصادر اخرى بعد تمكنهم من القراءة والكتابة. كل ما سردته سابقا يمثل الواناً من مصادر المعرفة التي يحتاج إليها الطفل كي ينمو ويتعلم حيث انه بعد ذلك يرى المناهج الدراسية تحوير معلومات يعرف معظمها او بعضها من خلال اطلاعه وقراءاته المتعددة.. ونصيحتي لكل ام ان تترك الفرصة لابنائها للتعبير بصراحة ووضوح ودون خوف او وجل وليكن تعاملك معهم بعيدا عن الشدة والتهديد. والوعيد ولتشاركيهم الرأي واتركي لهم فرصة اختيار الوقت الذي يريدون الاستذكار فيه وبالطريقة التي يريدونها.
واغرسي فيهم الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية وحب الآخرين وتقديم المساعدة لمن يحتاج إليها ومقابلة الاساءة بالاحسان وعدم الاعتداء على زملائهم بالكلام او اليد وعلميهم على الدوم الانصات لشرح المعلم في المدرسة وللآخرين لان الانصات هو مفتاح التعلم.
اما عن دور الام تهيئة الجو الدراسي لابنائها فقالت ان هذا لا يتم الا بمراعاة الجوانب التالية:
- اثارة الدافع للابناء للاهتمام بالتحصيل العلمي والتفوق لان العلم هو سلاح المستقل وهو الطريق لتحقيق آمال الانسان وطموحاته في الحياة.
- عدم الضغط والشدة على الابناء خاصة ايام الاختبارات.
- بذل ما تستطيعه من جهد ووقت في سبيل توفير الجو الاسري التربوي المناسب لابنائها.
اما الام المهملة والتي انغمست في ماديات الحياة وقشورها وتركت الحبل على الغارب فانها ستدفع ثمن كل ذلك في النهاية وسيكون مآل ابنائها الى الرسوب والفشل في الحياة.
واخيرا لا نغفل اهمية قدرات الطالب العقلية في تفوقه، فلابد من توفر القدرات العقلية العالية بالاضافة الى البيئة.
وللمعلومية فقد ادرت مدرسة اهلية لمدة عشر سنوات جعلتني اقف على العديد من الاخطاء المدارس الاهلية.
والتقينا بوالدة الطالبة دلال عبدالوهاب الحمدان الحاصلة على المركز الاول على منطقة الرياض بالثانوية العامة والتي قالت: ابنائي انهوا دراستهم الجامعية بنجاح وتفوق ولله الحمد واحدهم يحضر لرسالة الدكتوراه خارج المملكة فهذا ما يتمناه الاباء من ابنائهم ان يكونوا على قدر من المسؤولية وفي خدمة دينهم ووطنهم. وقد غرست في ابنائي عدة مبادئ اهمها مراقبة الله عز وجل وحب النظام والتعاون مع الغير والقيام بالمسؤوليات والواجبات على اكمل وجه.
والحقيقة ان دور الام لا ينفصل عن دور الاب.
والتقينا بصاحبة السمو الأميرة نوف بنت عبدالرحمن آل سعود والدة الطالب المتفوق صاحب السمو الأمير منصور بن سعد آل سعود التي عبرت عن مشاعرها ومدى سعادتها المفعمة بالغبطة والفرح فتجتاحها مشاعر لا تقدر بالدنيا بما انجز ابنها ولكل مجتهد نصيب وقد وجد ابنها ما قدم من جهد وصبر واجتهاد ونوهت بأهمية دور الام ان تسعى ان تكون مثالية مع فلذات اكبادها بأن تقدم لهم الثقة والحنان والحماية في الوقت ذاته.
وحذرت من اصدقاء السوء وألاّ تنساق الام مع رغبات ابنائها فتعطيه كل ما يطلب فهذه للاسف من اكثر السلبيات المنتشرة من تصرفات الامهات مثلا تجد الكثير من الطلاب يملك سيارة بمجرد تخرجه في الثانوية والبعض من المتوسط وهذا للاسف ظاهرة خطيرة نرى ونلمس نتائجها كل يوم بما نسمع من حوادث تودي بأرواح الابرياء من المراهقين في زهرة العمر فمن المسؤول ليس المراهق بل والداه.
فلنعط ابناءنا ما يحتاجون إليه بالقدر المعقول بما يناسب اعمارهم ويفيدهم ولتعلم الام ان دورها كبير وان الاب مشغول بأعماله خارج المنزل فهي الاقرب لابنائها.
واضافت سموها اكثر ما يضايقني من بعض الامهات اللامبالاة بأبنائها فتجد الام تجلس واضعة ساقاً على ساق والابناء يترعرعون بين ايدي المربيات والسائقين دون رعاية او اشراف منها والسبب في ذلك عدم احساسها بالامومة الصادقة، فالابناء نعمة من الله لماذا لا نحافظ عليها.
وشعاري دائما مع ابنائي "يبكي ولا ابكي عليه قهر".
واكدت والدة الطالب علي حامد على اهمية العلاقة بين الام وابنها فهي الام والاخت والصديقة فمن سعت لتكون كذلك مع ابنها فيسهل التواصل بينها وبين ابنها وتشدد اواصر المحبة والرحمة بينهما حتى في كبرها.
ودعت نسيمة ولي الدين والدة الطالب محمد بوشناق ان تكون الام صديقة لابنائها ترعاهم دائما وتتحمل مسؤوليتهم ولا تتخلى عن هذه المسؤولية فللاسف هناك بعض الامهات السلبيات من يهملن ابناءهن وينشغلن عنهم بمشاغل الحياة وقشورها.
كان لنا لقاء ايضا مع والدة الطالب حسين عاطف بليبل التي دعت من جانبها للمراقبة المستمرة للابناء والاشراف الشامل على امورهم خصوصا الابن فلا بد من توجيهه التوجيه السليم نحو العلم والمعرفة ورعاية الموهوبين بشكل خاص من الابناء سواء في المنزل او المدرسة.
واخيرا قالت والدة الطالبة فاطمة اللحيدان الحاصلة على المركز الثاني على منطقة الرياض الثانوية العامة في البداية احمد الله ان هيأ لنا سبل طلب العلم وتلقيه وان من نعم الله علينا الامن والامان واحمده ان وفق ابنائي باجتياز مراحل الدراسة بتفوق فقد تمكنوا من تحقيق آمالهم واكمال دراستهم العليا والحصول على اعلى المراتب.
لابد ولكل رعية من راع يقوم بحقهم ويوفر لهم حاجتهم واظن ان الامومة مسؤولية كبيرة فالام هي المثال والقدوة لذلك عليها ان نقوم بواجبها كاملا وان ننمي حب الله وصدق التعلق به وطاعة رسوله في قلوب ابنائها قبل كل شيء ثم نزرع في انفسهم الثقة والاخلاص والصدق والامانة وحسن التعامل.
ولا يخفى عليكم دور الام في تذليل الصعوبات امام ابنائها فهي الملجأ لهم وهي الدافع القوي الذي ينمي فيهم الشجاعة والاقبال على الحياة وهي التي توفر لهم الجو الدراسي المناسب فتعلمهم كيفية تنظيم الوقت وحسن استغلاله بما يعود عليهم بالفائدة الدائمة كي يستطيعوا القيام بواجبهم على اكمل وجه.
|
|
|
|
|