أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Monday 9th April,2001 العدد:10420الطبعةالاولـي الأثنين 15 ,محرم 1422

مقـالات

هارات اخرى
المعلمات والقرى النائية
فاطمة العتيبي
تناقش اليوم الرئاسة العامة لتعليم البنات في لقاء مديري التعليم مع الرئيس العام لتعليم البنات موضوعاً حيوياً ومهماً يكثر الحديث فيه في كل بيت وهو ولا شك )تعيين ونقل المعلمات(.
والموضوع قديم جديد ناقشته الرئاسة غير مرة وسعت الى عرض آرائها عبر وسائل الاعلام ولكنها وفي كل مرة تتعثر في اقناع الناس بأن هذا هو المستطاع..ولقد شغلني الموضوع كمواطنة وكامرأة منذ سنوات وكتبت غير مرة في هذا الموضوع وبخاصة بعد اطلاعي على عدة دراسات وتصريحات وايضاحات حول الموضوع..
وتابعت كيف ناقشت وسائل الاعلام هذا الموضوع وكيف تبناه الصحفيون وكيف عولج عبر التحقيقات والتغطيات والاخبار..
وهو امر يستحق الحديث الطويل ويستحق اهتمام الصحف فيه ولا غريب ان يتخذ كوسيلة وذريعة ل)فش الخلق( من رسامي الكاريكاتير والصحفيين والصحفيات والكتاب والكاتبات فالموضوع كبير وعظيم وغريب ومدهش..
وحتى نعرف كيف انه غريب ومدهش فتعالوا نتابع تاريخ القضية الذي بدأ قبل سنوات قليلة..
بدأ تهامس الناس يعلو كلما سمعوا ان مدير تعليم ذهب على رأس نخبة الى مصر وسوريا والاردن من اجل التعاقد مع معلمات للقرى النائية وقال الناس )هذولا ما يخافون الله يجيبون من برا وبناتنا جالسات(، ولم يكن قد جلس الا معلمات الدين والتاريخ والجغرافيا..فقد اكتفت المدن من هذه التخصصات باكراً لكثرة الخريجات وتزاحمهن على هذه الاقسام.. وعلا الهمس ووصل الصحف وبدأت المناداة بالاحلال والسعودة وطرحت وظائف القرى النائية على استحياء للخريجات وبدأت الاسر بقبول المائة كيلو والمائة والخمسين حتى لا تظل نوال في المنزل بينما مريم تذهب لتدرس. وقبلت الاسر الاكثر وعياً سفر بناتها اليومي من منطلق تقبل العمل وخياراته.. وتزاحمت القرى بشكل فجائي بالمتقدمات حتى أقر نظام ابنة القرية هي الاحق بالوظيفة.
فشهدت مكاتب العقار زحاماً شديدا لاستخراج عقود تأجير تؤكد ان هذه المعلمة من بنات القرية وانها ساكنة فيها وشهد العمد تزاحماً اشد وختموا لاناس كثيرين على انهم من اهل هذه القرية حتى تحظى بنتهم بالوظيفة في هذه القرية.. وما ان تضع جهة العمل قوانين لتحكم الناس وتعطي الوظيفة للاقرب للقرية النائية حتى تحجم الخطر وتقلل من المتاعب الا ان الناس في كل مرة تتسع رغبتهم للوظيفة وتتسع مساحة قبولهم للبعد والنأي عن المدينة..
فتخرج الام وتترك اطفالها..
وتخرج الفتاة وتترك والديها..
وتخرج وتخرج..
ويرسلها اهلها او زوجها مع اقرب سيارة يبحثون عنها ولا ينظرون كثيراً لجودة السيارة وقدرتها على المسير ولا يدققون في خبرة السائق وحكمته وعقله والتزامه.. كثيرون لا يعيرون ذلك ادنى اهتمام وقليل منهم من يلتفت الى نقطة واحدة هي المحرم فان كان معه محرم دفعت له الالاف التي تكاد تذهب براتب المعلمة المسافرة.. ان خدمة الوطن وسعودة وظائف القرى النائية مطلب مهم لكن اجبار الناس على ذلك لم يكن في حسبان الدولة فقد عرضت وزارة الخدمة المدنية الوظائف للناس وقالت من تعينه ظروفه على شغل هذه الوظيفة فليتقدم ووضعت لذلك لوائح عدة نفذتها الرئاسة العامة لتعليم البنات. فمن قدمت مسوغات التعيين الكاملة حق لها ان تشغل الوظيفة ومن قبلت بالوظيفة ليس لها حق ان ترمي الوطن وابناءه بالظلم والجور. اننا احوج ما نكون الى العقل في معالجة مشاكلنا والوطني منها بالتحديد. على الرئاسة العامة لتعليم البنات في هذا اللقاء ان تهتم بنقاط مهمة ستجعل الناس اجمعين يقدرون لها موقفها الوطني في سعودة وظائف التعليم في القرى وسيعتبرون ذلك نقطة في صالحها وليس ضدها وهذه النقاط تتمثل في العدالة في النقل والتعيين وايجاد حوافز لموظفات القرى النائية فلا تستوي التي تخرج السابعة صباحاً مع التي تخرج الثالثة فجراً.. حين تجد معلمة القرية الحافز المادي سيتغير الكثير من الامور ولربما شهدت القرى طلبات
نقل من معلمات المدن..وستختفي اسطوانات الشكوى والتذمر لتحل بدلاً منها الغبطة لموظفة القرية على ماهي فيه.. وثمة حلول ممكنة لمشكلة التعيين والنقل فاسكان المعلمات في القرى النائية بامكانه حل مشكلة كبيرة تتمثل بحوادث سير المعلمات اللاتي يقطعن الطرق الطويلة من والى هذه القرى ولقد قرأت استعداد رجال اعمال للمساهمة باعمار مثل هذه المساكن والمشكلة لاشك شاسعة ممتدة وعلى المجتمع ان يقبل خيارات الواقع الذي يتمثل في قصور القطاع الخاص وعدم اشتراكه الفعلي بحل مشكلة التوظيف.. لإيجاد متنفسات اخرى للمرأة تسهم في توظيفها وتفك الاختناقات عن وظائف التعليم وعليه ان يقبل خيار الواقع الذي يتمثل بصعوبة عمل المرأة وعدم تقبل المجتمع الا لخيار التعليم مما يضاعف المشكلة في ظل وجود الاكتفاء من المعلمات داخل المدن.
وعليه ايضاً ان يقبل بخيار الواقع الذي يتمثل باقتحام المرأة لميدان العمل منذ سنوات طويلة فلن تظل المدرسة التي بجانب المنزل شاغرة تنتظر الخريجة فقد استطال طابور الخريجات حتى صار اوله في خرخير وآخره في حقل في اقصى الشمال..
ان القرى النائية ستكتفي بعد عامين او ثلاثة..فمن سيتحمل عبء التوظيف حينذاك وما الجهة التي ستلتفت لها الاصابع لتتهمها وسائل الاعلام بأنها سبب الطلاق والاجهاض والاكتئاب وضيقة صدر الحريم وبقاء الاطفال بلا حليب!!!
البريد الإلكتروني:
Fatmaalotaibi@ayna.com
للمراسلة: ص.ب 26659 الرياض 11496

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved