| العالم اليوم
كما النار التي تستعر تحت كومة القش التي تظل خافية تزداد اتساعاً حتى تظهر فوق السطح عندها لا يمكن السيطرة عليها حتى تأتي على القش بأكمله وتنال من ما حوله.
هكذا الحال الآن في لبنان الشقيق الذي يظل الواحة الجميلة للعرب.. لكل العرب مهما كان التخريب الذي تعرض له بيد أبنائه.
والشرارة التي أشعلت النيران التي لا يمكن لأحد أن يدعي أنها تزداد اشتعالاً، وان مازالت تحت القش، وأيضاً أنه لايزال من الممكن السيطرة عليها، إن أمكن معالجتها بحكمة وبدون تعصب وإصدار الأحكام المسبقة، والمطلقة وتشبث كل جهة برأيها.
الشرارة التي أشعلت القشة والتي ظلت مساحتها تتسع مطالبة البعض من اللبنانيين المقيمين بالخارج بعودة الجيش السوري إلى بلاده من لبنان، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، ومع أن هذه الدعوة التي أطلقت لأهداف سياسية معروفة تكشفها انتماءات الذين نادوا بها أول مرة، إلا أن المتعاطفين معهم تبنوها داخل لبنان وعملوا على جمع التأييد لها والأنصار، ونتيجة لتراكمات سياسية مردها لأخطاء ارتكبتها شخصيات سياسية لبنانية بعضها حكومي وبعضها حزبي ، وظَّف الداعين لعودة الجيش السوري إلى بلاده ملاحظات المرجع الديني الماروني البطريرك صفير في البداية وكأنه مؤيد لتلك الدعوات ، مما جعل الأخطاء تتواصل ويواجه البطريرك بحملات سياسية من الجهات المضادة دفعته الى أن يرفع من مستوى اعتراضاته على العمل السياسي الذي اتجه في حكومات سابقة الى ما يشبه العزل والإقصاء لعدد ليس بالقليل من ساسة الموارنة.
وبدلاً من أن تدرس اعتراضات البطريرك وملاحظاته وتعالج في إطارها اتسعت الدائرة لتذهب الاعتراضات.. والاعتراضات المضادة الى أبعد من ذلك فتشمل الوجود السوري.. بل حتى اتفاق الطائف الذي وضع حداً لاقتتال أبناء الشعب الواحد، وأنقذ لبنان من الحالة الميؤسة التي كان عليها.
وهنا ومن باب الحب للبنان والحرص على المصلحة العربية العليا حتى وإن كان بعض الذين يحاولون إعادة إشعال النيران مجدداً في لبنان لايعيرون المصلحة العربية أي اهتمام.
أقول إن حب لبنان والحرص على المصلحة العربية يفرض علينا أن نطلب مطلبين، إن التزمت بهما الأطراف اللبنانية، ستوفر على بلادها وعلى العرب اندلاع الحريق مجدداً في لبنان.
المطلب الأول: أن يرتب اللبنانيون أولوياتهم.. ونتساءل هل من أولويات اللبنانيين الآن المطالبة بخروج القوات السورية التي ساعدت في وقف الحرب الأهلية وحمت الأطراف التي تطالب بخروجها الآن.. فلبنان الآن محاصر بالمشاكل الاقتصادية ولا تزال بعض أراضيه محتلة من الإسرائيليين، كما أن إسرائيل لا تزال تهدد باجتياح أرضه ولذلك فإن حاجة بقاء القوات السورية لم تنته بعد.
أما المطلب الثاني.. فهو كما أسلفت مطلب محب، هو أن تترك مثل هذه الاختلافات والأطروحات للسياسيين والذين يعملون في الشأن السياسي، وفي لبنان أحزاب وكتل سياسية وبرلمان، وألا يتورط علماء الدين سواء من المسلمين أو المسيحيين في الجدل الدائر الآن، لآن أطروحات السياسيين يمكن الاختلاف معها ومناقشتها، أما خطب علماء الدين فإنها تحوي تعاليم دينية لا يمكن الخروج عنها حتى وإن جاء توظيفها لغير الغرض النبيل الذي من أجله وضعت..
وبرأيي أن الاشتعال ازداد أكثر بعد تدخل علماء الدين في هذه المسألة.
لمراسلة الكاتب
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|