| وَرّاق الجزيرة
لم تخل فترة من فترات التصنيف في تراثنا العربي من كتاب مستقل يترجم لعلم من الأعلام ويكون الكتاب من أوله إلى آخره مختصاً بهذا العلم، وهذا الأمر هو ما يعبر عنه في كثير من الأحيان بالتراجم المفردة.
وكتب التراجم المفردة جادة مطروقة لم تتوقف حتى يومنا هذا، وإن كانت هذه الكتب اتفقت على كونها تترجم لعلم واحد في الجملة إلا انها اتفقت أيضاً على موضوع آخر وهو انها تحوي بين طياتها وفي تضاعيفها وصفاً مهما للحالة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي عاشها العلم المترجم، مما يعطي لهذه الكتب بعدا آخر غير كونها تحوي سيرة فرد بعينه.
ومن هذه الكتب التي تضم تحت لواء التراجم المفردة، وقد اطلت علينا مؤخراً ما كتبه الاستاذ الاديب محمد بن عبدالرزاق القشعمي من جمع لمقالات متنوعة تحوي سيرة الاديب الكبير الشيخ عبدالكريم الجهيمان تحت عنوان سادن الاساطير والامثال فقد احسن القشعمي في كتابه هذا عدة مرات، فأحسن حينما حفظ لنا ترجمة هذا العلم بأقلام محبيه وتلامذته، واحسن مرة أخرى حينما جعل كتابه هذا لا يعترض على ما عمله الاستاذ ناصر الحميدي، فكل منهما دون ما كتب عن الجهيمان في فترة معينة وزمن محدد وهذا يدل على خلق علمي وتقدير لأعمال الآخرين، وأحسن مرة ثالثة حينما جعل المقالات التي هي مادة الكتاب ما وضعها كتابها دون تعليق او حواشٍ، وأحسن مرة رابعة حينما جعل رجلا بمثل قامة الجهيمان صوته الذي ينطق به في الحديث عن تاريخنا المحلي، وهنا أحب ان اقول واكرر ان مثل هذا العمل كان مختصاً بترجمة الجهيمان والحديث عن سيرته، لكنه يضاف مع غيره من الكتب التي تحدثت عن أعلامنا فيتشكل منها تاريخنا المحلي، ودعني أضرب أمثلة تؤكد صحة هذا الرأي، فالمطلع لهذا الكتاب سيجد فيه الحديث عن الموضوعات التالية على شكل التبع، ومنها: «غسلة مسقط رأس الجهيمان، صحيفة أخبار الظهران، حمد الجاسر، الأمثال الشعبية، الشعر في نجد، وصول الكتاب للرياض قديماً، وغير ذلك من الموضوعات»، وكل هذه الأمور تجدها مبثوثة في تضاعيف الكتاب، كل هذه الأمور تؤكد بصدق على ان مثل هذا الكتاب بغض النظر عن المؤلف ومن كتب الكتاب من أجله كل هذه الأمور تؤكد على أهمية كتب التراجم المفردة التي اتحفنا الاستاذ محمد القشعمي بواحد منها، وكلنا امل في ان يترجم أعلام هذه البلاد حتى تضم كل ترجمة إلى جوار الأخرى فيتشكل من ذلك تاريخ هذه البلاد التي لا تتوقف عن إنتاج هذه المشاعل التي تضيء الطريق لكل باحث، وختاماً لابد من اعادة الشكر لمؤلف الكتاب، وشكر آخر للاستاذ محمد السيف الذي كان عوناً لأبي يعرب في هذا الكتاب، ولكل مهتم بتاريخ ورجالات أرضنا الطاهرة.
|
|
|
|
|