أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 8th April,2001 العدد:10419الطبعةالاولـي الأحد 14 ,محرم 1422

عزيزتـي الجزيرة

هل أصبح التعليم وظيفة من ليس له وظيفة؟
كثر الحديث مؤخراً عن التعليم والمعلمين وعن قرارات وزارة المعارف غير الاعتيادية ببدء الدراسة في منتصف الأسبوع، حتى ان البعض تجرأ بوصف التعليم بوظيفة من لا وظيفة له ولئلا يحدث ذلك فإن علينا أن نواجه حقيقة تخفى على الكثير منا ألا وهي قصور نظام التعليم لدينا عن الوصول إلى ما قصد منه. في الماضي كانت الموارد ضعيفة ولكن كان هناك الإرادة والدافع الذي كان المدرس جزءا منه. أما اليوم فالكل يلقي اللوم على المعلم الذي يخوض بحار الفكر ليجد ما يجذب الطلاب إلى مادته بعد أن سحبت منه كل الصلاحيات فخفض عدد الدرجات التي بيده إلى خمس درجات فقط موزعة بين واجب ومشاركة ومتابعة. وكذلك الضرب منع حتى مع الطالب المخطئ المخل بالأدب وأي تجاوز فالأستاذ هو الملام، فتطالعنا بين الفينة والأخرى بعض الصحف التي أخذت على عاتقها تضخيم ضربة تلقاها طالب من أستاذه لتصبح كدمة مصحوبة بتقرير طبي عن حالته المرضية التي يزعم أن سببها هو الضربة ويختم الخبر بخطبة عصماء ضد المعلمين، فأين المصداقية ولماذا التعميم. لست أدعو هنا لاستخدام الضرب ولكن ليكن كما "الكي" آخر سبيل عندما تنتفي كل السبل الأخرى فهل معقول أن يسحب البساط من تحت قدمي شخص ثم يلام على سقوطه.
لنعش لحظة من حياة معلم يواجه عشرات الطلاب من مختلف العقليات والأخلاق، فهذا طالب مجد يحسده كل زملائه وذاك يعاني من مشكلات نفسية وآخر تربى كما الغرب فهو نتن اللسان خبيث الجنان فهل من المعقول أن يتعامل مع كل هؤلاء بصورة واحدة "بالطبع لا". ولعله من المناسب ذكر حكاية اشتهرت في الماضي فقد روي "إن شهادة معلم الصبيان لم تقبل في زمن ما بحجة انه في الصباح مع الغلمان وفي المساء مع النساء. فكيف يبقى أهلاً للشهادة" لست مع هذه الحكاية في شيء لكنه الواقع يفرض نفسه. فهذا أحد الآراء الخاطئة الموجهة إلى مربي الأجيال. ورحم الله من قال:


قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا

وأنت عزيزي القارئ.. ألا يستحق المعلم منك وقفة شكر وتقدير وهو يعلم فلذة كبدك وربما يقضي من الوقت معه أكثر مما تقضي أنت؟!
لنقف عند هذا الحد ولنراجع ذلك الكم الكبير من القرارات والخطابات والتوصيات المتعلقة بالتعليم، وكل تلك الملايين التي تصرف كل عام. ولنفكر هل استفدنا من كل هذا؟ هل زاد عدد العلماء لدينا أم هل تفوق المخترعون السعوديون على نظرائهم اليابانيين مثلاً؟ إذا كانت الإجابة بلا، فالإجابة على لماذا، متروكة لك عزيزي القارئ.
قبل أن أذكر بعض أسباب قصور التعليم فلأذكر القائمين على نظام التربية والتعليم بأن المربي لايحتاج المزيد من القرارات الارتجالية التي في الغالب تؤثر عليه سلباً لا إيجاباً (فمنذ متى كانت الدراسة تبدأ في منتصف الأسبوع؟).
لنحاول هنا أن نذكر بعض أهم أسباب التقصير الذي نراه في العملية التعليمية. أولاً: عدم تأهيل بعض المدارس لتكون دور علم هو أحد أهم الأسباب فالجو الخانق وضيق المكان بل وكثرة الطلاب، كل ذلك يسهم في تقليل عطاء المربي والطالب على السواء.
ثانياً: التأهيل النفسي للمعلم، فهناك عدد لايستهان به من المعلمين وصل إلى مرحلة عدم الاقتناع بوظيفته ولا أظن ذلك إلا نتيجة قصور في فهم نفسيات طلابه. ففي اعتقادي يحتاج كل مدرس إلى تأهيل إلزامي في علم النفس التربوي التطبيقي لا النظري. لسنا نحتاج مجرد تخصص تربوي قد لايغير من أسلوب المعلم شيئاً فالهدف هو كيف يتعامل مع زعيم المشاغبين في فصل ما.. وهل مايثير أحد الطلاب هو أسلوب المدرس أم شيء آخر يواجهه في منزله.. وهل الابتسامة والسكوت من جانب المعلم هما الحل أم الهجوم والصراخ.
ثالثاً: الطالب هو الآخر مسؤول عن ضعف العملية التعليمية.. ولن أتحدث هنا عن المستوى الدراسي بل عن الافتقار إلى إدراك فضل المعلم ولا أظن ذلك إلا انعكاس للمنظور القاصر للمنزل نحو هذه الشخصية، فأين دور المنزل وأين إشراف الأب والأم؟
هل أضحى العبء كله على المعلم وحده.. هو يبني والمنزل بمتناقضاته يشوه والمجتمع بمغرياته يحرف والتكنولوجيا بسحرها تهدم؟
رابعاً: بعض الطلاب عندما أمنوا العقاب افتقروا إلى الاحترام والأخلاق. وهذا ما جعل وزارة المعارف تدرس قراراً جديداً ينص على إعادة السلوك والمواظبة على شكل مادة بها نجاح ورسوب.
أخيراً: هناك المناهج التي لاينكر أحد أنها أرهقت الطالب والمدرس علي السواء، فبين ضعف أو شدة لاتناسب والمرحلة الدراسية يقضي الطالب معظم وقته. فنحن نحتاج أكثر من مجرد تغيير ألوان الكتب.
رسالة إلى المعجبين بأسلوب التعليم الغربي وهذا المثال من الولايات المتحدة الأمريكية التي يراها الكثيرون أنموذجاً للنجاح، ذكر في كتاب "يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة" (The Day America Told The Truth) ما نصه: "لابد للمدارس في أمريكا أن تشارك في العملية الاقتصادية نظرياً وتطبيقياً. الاقتصاد الناجح يتطلب عمالاً مهرة.. وتحقيق ذلك يتطلب مالاً وفكراً وقيادة، ونحن نملك العاملين الأولين لكننا نفتقر إلى الأخير" كدولة رأسمالية يقوم نظام التعليم في أمريكا لتوفير دعم للاقتصاد وليس كما يحدث في كثير من دول العالم حيث الاقتصاد يدفع التعليم، إنها عملية تبادلية الهدف منها دفع الاقتصاد. ومع ذلك اعترف الأمريكيون أنفسهم بقصور نظامهم التعليمي، ذكر الكتاب حرفيا مايلي: "لو ألقينا نظرة تحليلية للمشكلات التي تعاني منها المدارس الأمريكية لعرفنا أننا بصدد مشكلات متعلقة بإصلاح السجون وليست بإصلاح التعليم". هم اعترفوا وحاولوا البحث عن الحل.. فهل نعترف نحن لتتيسر لنا سبل النجاح.
عصام فهد الربيع

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved