| العالم اليوم
* بودابست د ب أ:
عندما توجه فيكتور بوبوف، المهندس العسكري الروسي ومخترع اللغم الارضي المسمى «بترفلاي» أو الفراشة، إلى بودابست لم يكن في طريقه لبدء جولة ترويجية لاختراعه.
فبعد حوالي 25 سنة من صنع اللغم الارضي المضاد للافراد، بدأ بوبوف مهمة وهي تقديم ما لديه من معرفة وعلم لفريق دولي للعمل سويا على إيجاد سبيل لتدمير المخزون الهائل من نفس نوع اللغم الذي قام بتطويره والذي مازالت الآلاف منه مبعثرة في أنحاء الاتحاد السوفيتي السابق.
وقال بوبوف في بودابست «في ذلك الوقت كنا دولة كبيرة، وكنا نستعد لحرب ضخمة. أما الآن، فإننا نحاول أن نلعب دورا لحل المشكلة».
وتختلف الغام «بترفلاي» عن الألغام التقليدية الاخرى المضادة للاشخاص. إذ يمكن تسليحها في فترة لا تتجاوز 60 ثانية بعد تفريغها من عبوتها وتحتوي على سوائل تفجيرية سامة للغاية، مما يجعل من الصعب التخلص منها.ومع انتهاء الحرب الباردة ، تواجه دول الكتلة السوفيتية السابقة والتي تعاني نقصا في الأموال مصاعب مالية وفنية خطيرة فيما يتعلق بالتخلص من مخزون يعتقد بعض الخبراء أنه يبلغ عشرات الملايين من الألغام التي لم تنفجر بعد.
وقد توقف انتاج الغام «بترفلاى» عام 1989، والألغام الموجودة حاليا في حالة تهدد بالخطر. ويؤكد بوبوف أن الدول الغربية انتجت خلال الحرب الباردة ألغاما مماثلة لالغام «بترفلاى»، ولكن الغام «بترفلاى» تعد فريدة في تعقيدها وفي أعدادها الهائلة التي مازالت موجودة.
وتوجد ألغام «بترفلاى» في معظم أنحاء دول الكتلة السوفيتية السابقة، وبخاصة في روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا روسيا البيضاء وهي الدول التي يقال أن لديها مخزونا من هذه الألغام يقدر بالملايين. وفي أوائل الشهر الماضي استقدمت الحكومتان الكندية والمجرية فريقا دوليا من خبراء الألغام من 16 دولة إلى بودابست .وحاولت الوفود التي كانت تمثل الحكومات التي لديها مخزون من الألغام والخبراء الفنيون المستقلون والجهات الدولية المانحة إيجاد حلول لمشكلة التخلص من الألغام والتعرف على السبل الاكثر فعالية للتخلص من الألغام الموجودة حاليا. وقال السفير الكندي دانيال ليفرمور «إن لب المشكلة هو أنه كان لدينا لغم لم يكن لدى أحد قدر كبير من المعلومات عنه. والآن لدينا طريق للحصول على المعلومات المطلوبة للتعامل معه».
وأضاف «والآن فإن الدول التي بها الألغام تتعاون معنا في هذه العملية،وتقف الجهات المانحة على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم اللازم للمضي قدما في هذه المسألة».
وكانت كندا في صدارة الدول التي تشن حملة دولية لحظر الألغام الارضية، والتي أسفرت عن التوصل إلى معاهدة تم التوقيع عليها عام 1997 تحظر استخدام وتخزين وإنتاج الألغام المضادة للافراد.
وعلى الرغم من توقيع 139 دولة على المعاهدة حتى الآن، فإن من أبرز الدول التي لم توقع على هذا الحظر الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند.
وقد ثبت أن إبطال مفعول الغام «بترفلاى» مكلف للغاية بالنسبة لبعض دول الكتلة الشرقية السابقة والتي يتذرع بعضها بافتقاره إلى الاموال كسبب رئيسي لعدم قدرتها على التخلص من مخزونها من الألغام.
ويقدر الخبراء أن تكلفة التخلص من لغم واحد من الغام «بترفلاى» تبلغ خمسة دولارات، وتبلغ تكلفة المعدات الفنية اللازمة لاتمام المهمة حوالي 20 مليون دولار.كما تشارك منظمة حلف شمال الاطلنطي «ناتو» في العملية حيث تقدم الخبرة الفنية في مجال التخلص من الألغام.
كما شكلت المنظمة صندوق ائتمان يديره مجلس الشراكة الاوروبية الاطلنطية،وهو المجلس الحاكم لحلف شمال الاطلنطي. وفي إطار هذا البرنامج بدأ تنفيذ مشروع بتمويل دولي في ألبانيا بالفعل للتخلص من مخزون البلاد الذي يضم 6.1 مليون لغم مضادا للافراد.
وفي محاولة للتوصل إلى وسيلة أكثر فعالية ومركزية للتخلص من الألغام ،اقترح الفريق الدولي الذي وصل إلى بودابست مجموعة من الحلول القابلة للتطبيق. وشملت هذه الحلول إقامة وحدة قطارات متحركة تقوم بالتخلص من الألغام في الموقع. وهناك حل آخر وهو إقامة موقع ثابت يتم فيه التخلص من الألغام.
|
|
|
|
|