| العالم اليوم
لا اعتقد أننا بحاجة إلى القول بأن الإعلام الصهيوني قادر على الحضور في الوقت المناسب، كما في المكان المناسب، ومن هنا يكون له تأثيره في الساحة السياسية وبخاصة عندما لا يكون للإعلام العربي، الموحد تحديداً أي شكل من أشكال الحضور كما كان الحال عليه في الأربعينيات من القرن الفائت، وربما إلى وقت قريب جداً، قبل انتشار الفضائيات وبينها الفضائيات العربية، سواء كانت هذه الفضائيات العربية قادرة على مخاطبة الرأي العام الغربي أو لم تكن.
وعلى ذكر الحال في الأربعينيات من القرن الفائت، يستذكر القارىء لصفحات التاريخ ذلك الحدث الذي صنعه الارهاب الصهيوني في شهر تموز من العام 1946م، حيث تمكنت إحدى المجموعات الصهيونية الارهابية من تنفيذ عملية فندق الملك داود في مدينة القدس وكان يومئذ مقراً لأركان القوات المسلحة البريطانية والمقيم العام للإدارة البريطانية.
وكانت محصلة هذه العملية الإجرامية، مصرع واحد وتسعين شخصاً من أعضاء السلك الإداري البريطاني.
ومع أن التهمة ثبتت على عدد من أفراد عصابتي الشتيرن والهاغاناة، الأمر الذي أدى إلى اعتقال عدد من زعماء هاتين العصابتين بتهمة التخطيط للعملية والوقوف وراءها، فقد صدرت صحف اليوم التالي وبخاصة تلك التي تسيرها شركات الإعلان الصهيونية في مختلف أنحاء العالم، صدرت لتقول بأن مداهمة مراكز العصابات الصهيونية واعتقال بعض من أفرادها هي عملية اعتداء على الأحلام اليهودية ومناهضة لوعد قطعته بريطانيا نفسها في العام 1917م على لسان وزير خارجيتها آنذاك اللورد بلفور.
ولم تأت تلك الصحف على ذكر حادث تدمير مبنى الفندق وازهاق الأرواح بحرف واحد.
كذلك هو واقع الإعلام الصهيوني في أيامنا هذه، فما كان لصالح الحركة الصهيونية في تقديرها هو أمر مبرر ومشروع، وما كان لغير صالح الحركة في تقديرها هو أمر مرفوض وغير مشروع، على غرار الموقف الذي يتبدى في وسائل إعلام الصهيونية العالمية، من خلال الفضائيات حصراً، حيث حرق البيادر العربية، واكتساح المزارع العربية وتهجير السكان العرب من أراضيهم التاريخية، وكسر أذرع الشبان واغتيال الأطفال الصغار والقتل بالجملة، ومن الأمور التي تبدو مشروعة، فيما لا تبدو كذلك مشاهد الدفاع عن الأرض والعرض، عن الحاضر والمستقبل مشروعة.
وبطبيعة الحال، فإن قوة نفوذ هذا الإعلام، إعلام المصالح لابد أن تلعب دوراً في أوساط الرأي العام العالمي، ومن هنا كانت الضرورة ملحة على عالمنا العربي، لإيجاد وسيلة إعلامية عربية قادرة على ايصال الحقائق إلى عقول الغربيين المضللين منهم بخاصة بفعل الإعلام الصهيوني.
فمتى نفعل حتى نحمي تراثنا وتاريخنا من عبث العابثين؟
samerlouka@net.sy
|
|
|
|
|