| الاخيــرة
علاقة الإنسان ب«الصابونة».. علاقة خاصة جدا، وعلاقة حميمية للغاية. ولا يريد إنسان، أن يتدخل شخص آخر بينه وبين صابونته، أو أن يقرر له شخص آخر نوع الصابون الذي يستخدمه، أو متى تنتهي صلاحية صابونته، لتختفي في البالوعة، أو يلقي بها في سلة المهملات. والعلاقة الخاصة جدا، والحميمية للغاية، بين الإنسان وصابونته، بدأت عندما قرر الإنسان لأول مرة، أن يخترع الصابونة، وتبدأ هذه العلاقة، مرارا وتكرارا وتزداد التصاقا في كل مرة يستخدم الصابونة.
وقرار بدء العلاقة مع «الصابونة» واستئنافها، واستمرارها قرار غير عادي، لأن القرار هو إعلان صارخ بأن الإنسان متسخ، ومنتن الرائحة، وهذا اعتراف خطير، وصدق كبير، لم نعتد عليهما من إنساننا المتغطرس الشامخ بأنفه، الذي يعتقد انه سيخرق الأرض، ويبلغ الجبال طولا.
شراء الصابونة واستعمالها، هو في حقيقته استسلام لحقائق الكيمياء، والبيولوجيا، وربما، الفيزياء، أيضاً. فالرجل المحترم، والأنثى الجميلة، هما كتلتان من العمليات البيولوجية، والتفاعلات الكيميائية، تتم في فضاء فيزيائي مليء بالمرتفعات، والمنخفضات والزوايا الحادة، والمرتخية، والثقوب الضحلة والعميقة، والغابات الكثيفة وغير الكثيفة، والأنهار والمحيطات والمستنقعات.
وبالطبع تفرز هذه العمليات والتفاعلات كل أنواع الروائح والمواد. وتعلم الإنسان في الماضي ان يتمرغ في التراب، ويلقي بنفسه في الجداول والأنهار بحثا عن النظافة ولكن ذلك لم يكن لائقا بمظهره ومكانته أمام بقية الحيوانات، ولا بالمنصب الهام الذي يتقلده في عالم الكائنات، ودعت الحاجة، بعد انتظار كبير الى اختراع هذه القطعة الثمينة التي نسميها «الصابونة» يستطيع ان يختلي بها الإنسان، ويعترف لها، بكل أوساخه، وقاذوراته وروائحه المنتنة، بعيدا عن الأنظار المتطفلة، والأنوف الفضولية.
ونستطيع ان نتخيل الحالة الإنسانية قبل اختراع الصابونة وملحقاتها ولا حاجة بنا الى تخيل الحالة الإنسانية عندما تتأصل علاقة العداء بين الصابونة وبعض المخلوقات البشرية.
الإنسان فردا ممتن جدا للصابونة، والإنسان جماعة أكثر امتنانا لهذا الاختراع النظيف وتأثيره الإيجابي على الاستقرار النفسي والأمن الجماعي والسلام العالمي.
ويجب ألا ننسى كذلك التأثير الإيجابي للصابونة على العلاقات الزوجية، والشخصية الهانئة كما كانت تخبرنا بذلك، إيفا جاردنر، في إعلان الصابون الشهير وتذكرنا به الآن، الفنانة آثار الحكيم في إعلان الصابون الذي سيكون شهيرا.
نصيحتي للجميع ان يتركوا كل إنسان وشأنه مع صابونته.
ونصيحتي الخاصة للمسؤولين عن خدمات النظافة في الفندق الذي أقيم فيه ان يتركوني بسلام مع صابونتي فأنا الذي أقرر إنهاء العلاقة، وقفل دفاتر الاعتراف، وإطلاق مراسم الوداع، بدموع حارقة.
|
|
|
|
|