| متابعة
يتبع الاسلام في تربية الانسان منهجاً تربوياً هادفاً يحقق التوازن بين الجانبين المادي والروحي في شخصية الانسان، مما يؤدي الى تحقيق الشخصية السوية التي تتمتع بالصحة النفسية وكان هذا المنهج يتضمن ثلاث أساليب تربوية:
الأسلوب الأول:
يعنى بتقوية الجانب الروحي في الإنسان عن طريق الإيمان بالله وتقواه وأداء العبادات المختلفة.
الأسلوب الثاني :
يعنى بالسيطرة على الجانب البدني في الإنسان وذلك بالتحكم في الدوافع والانفعالات والتغلب على أهواء النفس وشهواتها.
الأسلوب الثالث:
يعنى بتعليم الإنسان مجموعة من الخصال والعادات الضرورية لنهجه الانفعالي والاجتماعي ولنمو شخصيته.
أولاً: أسلوب تقوية الجانب الروحي وذلك من خلال:
1 الإيمان بالله وتوحيده وعبادته:
يدعو الاسلامي إلى الإيمان بالله وتوحيده وعبادته وحده لاشريك له وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة يدعو الى التوحيد ويثبت الايمان في قلوب اصحابه ويصفي نفوسهم ويزكيها وبفضل الاسلام تحررت نفوسهم من الخوف من الموت والخوف من الفقر والخوف من مصائب الضر والخوف من الناس و اصبحوا يعيشون في امن نفسي ويتضح ذلك من خلال توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس حيث قال رسول الله «اذا سألت فاسأل الله، واذا استعنت فاستعن بالله، واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك ...» الحديث
قال تعالى «الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب».
2 التقوى:
وهي ان يقي الانسان نفسه عن غضب الله وعذابه بالابتعاد عن ارتكاب المعاصي والالتزام بمنهج الله فيفعل ما يأمره ويبتعد عما نهاه.
3 العبادات
ان القيام بالعبادات المختلفة من صلاة وصوم وزكاة وحج انما يعمل على تربية شخصية الانسان، وتزكية نفسه وتعليمه كثيرا من الخصال الحميدة المفيدة التي تعينه على تحمل اعباء الحياة وبالتالي تساعد على تكوين الشخصية السوية لان القيام بهذه العبادات يعلم الانسان على الصبر على تحمل المشاق ومجاهدة النفس والتحكم في اهوائها وقوة الارادة وصلابة العزيمة وحب الناس والاحسان اليهم.
ثانياً : أسلوب السيطرة على الجانب البدني في الانسان وذلك من خلال :
* السيطرة على الدوافع:
يدعو الاسلام الى السيطرة على الدوافع والتحكم فيها ولا يدعو الاسلام الى كبت الدوافع الفطرية وانما يدعو الى تنظيم اشباعها والتحكم فيها وتوجيهها توجيها سليما ترعى فيه مصلحة الفرد والجماعة وينظم اشباع الدوافع بواسطة
* اشباعها عن طريق الحلال المسموح به شرعاً
* عدم الاسراف في اشباع الدوافع لما في ذلك من اضرار بالصحة البدنية والنفسية
4 السيطرة على الانفعالات:
يدعو القرآن الكريم الى السيطرة على الانفعالات والتحكم بها بوسائل عديدة ومختلفة.
ثالثاً: أسلوب تعليم الخصال الضرورية للصحة النفسية:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معلماً ومربياً لاصحابه فقد كان يعلم الاستقامة في السلوك والاخلاق الحميدة والعادات الحسنة في ممارسة حياتهم وتعاملهم مع الناس وكان يبث فيهم حب الناس والتعاون والثقة بالنفس والاعتماد على النفس والتحرر من الخوف والقلق، باختصار كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه كل ما هو جميل وحسن من الخصال التي يفسرها علماء النفس المحدثون من مؤشرات الصحة النفسية.
وفيما يلي بعض من المؤشرات أو الخصال التي يعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه.
1 الشعور بالأمن النفسي:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم الدعوة لأصحابه إلى الإيمان بالله ودائم الترغيب لهم في تقوى الله أملا بالفوز بمغفرته ورضوانه، وقد أشار صلى الله عليه وسلم ان شعور الفرد بالأمن داخل جماعته احد اهم الاسباب الهامة للشعور بالسعادة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أصبح آمناً في سربه، معافىً في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها».
2 الاعتماد على النفس :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه الاعتماد على النفس وتولي شئونهم بأنفسهم وعدم الاتكال على الغير في قضاء حاجاتهم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «من يكفل لي أن لا يسأل الناس شيئاً أكفل له الجنة».
3 الثقة بالنفس :
زادت التربية النبوية من ثقة المسلم وعملت على تخليصه من الشعور بالنقص والضعف والخوف وحثه على الاعتزاز بالنفس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يحقرن أحدكم نفسه ، قالوا: يارسول الله، كيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: يرى أمراً لله عليه مقال، ثم لا يقول فيه، فيقول الله عز وجل له يوم القيامة: ما منعك أن تقول كذا وكذا؟ فيقول خشية الناس فيقول: فإياي كنت أحق أن تخشى».
4 الشعور بالمسئولية:
إن الفرد بالنسبة للمجتمع كالخلية بالنسبة للبدن: فكما ان البدن لايكون سليماً إلا اذا سلمت وصحت جميع خلاياه، وقامت بأداء المهام المنوطة بها خير قيام فكذلك المجتمع لايكون سليماً إلا اذا سلم وصح جميع أفراده.
ولقد عني الرسول صلى الله عليه وسلم بتربية اصحابه على الشعور بالمسؤولية حيث قال: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته .... الحديث.
5 تأكيد الذات والاستقلال في الرأي:
حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينمي في أصحابه تأكيد الذات والاستقلال في الرأي وتجنب التبعية للغير في آرائهم واعمالهم دون ان يكون ذلك صادراً عن تفكير منهم وروية حيث يقول: «لا يكن أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساءوا أسأت. ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا تجنبوا إساءتهم.
6 الصبر:
من المؤشرات الهامة على الصحة النفسية وهي قدرة الفرد على تحمل المشاق والصمود في مواجهة الشدائد والأزمات والصبر على كوارث الدهر ومصائبه فلا يضعف أمامها ولا ينهار قال تعالى : «واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين».
7 العناية بالجسم:
وهي سلامة الجسم وصحته وقد قيل: العقل السليم في الجسم السليم. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف» الحديث.
8 أداء العمل بفاعلية وإتقان:
حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على إتقان ما يقومون به من أعمال، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه».
عن كتاب الحديث والصحة النفسية للدكتور محمد عثمان نجاتي
|
|
|
|
|