| الاقتصادية
في ظل التطور الهائل الذي تشهده المملكة في كافة الميادين سواء السياسية، او الاقتصادية، او الاجتماعية، او التعليمية اصبح دور الاجهزة الحكومية ليس فقط في تداول الاوراق والاكثار من الشروحات، والتعليقات وتضخيم المعاملات بكثرة الاوراق وتسجيل ارقام الصادر والوارد. بل اصبح الوقت مهما جدا ويلعب دورا اساسيا في انجاز الاعمال، كما ان مفهوم الوظيفة في القطاع العام تغير خلال مرحلة التنمية فبدلا من البحث عن الموظف مهما كانت قدراته ومؤهلاته واستعداده الذهني والنفسي ليؤدي عملا معينا اصبحنا نشاهد ان المواطن هو الذي يبحث عن الوظيفة، وبإلقاء نظرة بسيطة على احدى المسابقات الوظيفية نجد الاعداد الكبيرة من المتقدمين لعدد محدود من الوظائف بل نجد احيانا ان كثيرا من المؤهلين علميا لديهم الاستعداد للتنازل عن المستوى الوظيفي الذي يستحقونه تأهيلاً للظفر بوظيفة مناسبة.
هذه التغييرات في مفهوم العمل الوظيفي والمتابعة المستمرة من الرؤساء للمرؤسين وايقاع الجزاءات الرادعة على كل من يحاول اتخاذ الوظيفة الحكومية مصدرا للدخل فقط أو يعتقد اأن مرتبها اعانة اجتماعية، او يجعل مقرها مكانا للهو وتبادل الاخبار واطراف الحديث.
لقد آن الأوان لغربلة الاجهزة الحكومية وابقاء الأصلح الذي يعتقد أن الوظيفة التي يشغلها وضعت لخدمة الناس وتسهيل امورهم وقضاء مصالحهم وحوائجهم وليست سيفا مسلطا على رؤوسهم وعقبة كؤود لمضايقة الناس وتعقيد أمورهم.
ان من المؤسف ان هناك من يعتقد ان بعض الادارات، والمصالح الحكومية هي ملك لرؤسائها يطبقون ما يريدون ويؤخرون ما يشاءون، يقضون مصالح من لهم معهم منفعة، ويعطلون مصالح من لا يجد المساعد والمعين.
ان توجيه صاحب السمو الملكي ولي العهد حول ضرورة تفعيل اداء الاجهزة الحكومية وان تكون في مستوى ما يصرف عليها من مبالغ هو في الواقع تأكيد على ما نص عليه النظام الاساسي للحكم عندما نصت المادة (80) منه على انه تتم مراقبة الاجهزة الحكومية، والتأكد من حسن الاداء الاداري، وتطبيق الانظمة، وان يتم التحقيق في المخالفات المالية، والادارية.
هذا المبدأ يجب ان يكون حاضرا في ذهن كل مسؤول اراد الله له ان يتولى امراً من امور المواطنين.
كما ان مبدأ الثواب والعقاب يجب ان يفعل في شؤون الموظفين حتى نستطيع ان نبعد الاعتقاد السائد ان الموظف الحكومي محصن من الفصل، او العقاب في حال وجود تقصير منه وذلك بسبب الاجراءات الروتينية الشديدة لكي نقول للمحسن أحسنت وللمقصر أسأت.
ان التوجيه السامي الكريم الذي اصدره صاحب السمو الملكي ولي العهد سوف يضع حدا لتراخي بعض الاجهزة الحكومية في انجاز الاعمال المنوطة بها وخاصة ما يتعلق بمصالح المواطنين، كما سيضع حدا لبعض الاجراءات الادارية القاتلة التي تتبعها بعض الاجهزة مما يضيع معه كثير من الحقوق.
ولذا فانني اثني على الرأي الرامي الى انشاء خطوط هاتفية مجانية بديوان مجلس الوزراء يمكن للمواطنين المتضررين من تاخير معاملاتهم ومصالحهم من قبل اي من اجهزة الدولة من ايصال شكواهم في وقت قصير ومن اي مدينة او منطقة من مناطق المملكة وحينما يتم التأكد من وجود التقصير من قبل اي من اجهزة الدولة يتم الرفع لسمو ولي العهد للتوجيه باصلاح الخلل ومعاقبة المتسبب في ذلك.وبما ان هذه السلبيات هي ممارسة شاذة تضر بسمعة الدولة ومصالح الوطن وحقوق المواطنين كما اشار الى ذلك التوجيه السامي الكريم اضافة لكونها ممارسات لا ترضي الله ولا تقبل الاعذار حولها، فانه اصبح لزاما على كل مسؤول ان يتابع اعمال ادارته متابعة دقيقة.
ان الاهتمام بالوقت والحرص على انجاز الاعمال وتسهيل امور المراجعين علامات حضارية يجب ان تكون مجتمعاتنا سباقة اليها بحكم ان ديننا الحنيف حث عليها واوصانا بان كل راع مسؤول عن رعيته. هذه التعاليم الاسلامية السمحاء اكد عليها توجيه صاحب السمو الملكي ولي العهد.
لذلك لابد لنا من التخلص من المفاهيم القديمة للعمل الوظيفي الحكومي المقتصرة على اثبات التوقيع صباحا عند الدخول وظهرا عند الخروج وملء المعاملة بالشروحات والتوجيهات والاكثار من الاوراق التي لا داعي لها وتأخذ من الوقت والجهد الشيء الكثير، ذلك اذا كنا نريد ان نساير المجتمعات المعاصرة وان ندخل في معمعة العولمة.
|
|
|
|
|