| مقـالات
الحملة المرورية الاعلامية كانت ناجحة بكل المقاييس الا ان التركيز من خلال الحملة كان منصبا على حزام الامان فقط. في الدول المتقدمة عندما تسير في الشارع تشعر بأنك تشارك في ممارسة سلوك حضاري متطور من خلال انسياب الحركة المرورية في الشارع بشكل متناغم وجميل تشعر معها بمتعة القيادة. لدينا الامر يختلف فتضع يدك على قلبك كلما سرت في الشارع خوفا من (مراهق صغير، او من عامل يجهل ابجديات القيادة او من سائق يجهل قواعد المرور). ان رجال المرور يبذلون جهوداً مخلصة ومضنية على مدار الساعة ولا يمكن تحميلهم مسؤولية الحوادث المرورية لانه من المتعذر في اي بلد في العالم وضع رجل مرور في كل شارع وتقاطع فالامر يعتمد على اهمية احترام انظمة المرور من قبل السائق نفسه وقناعته بتطبيق ذلك والمامه بها ليكون الرقيب على نفسه ومسؤولية الوصول الى ذلك يشارك فيها اطراف عديدة مثل المنزل والمدرسة والشارع ايضا. فالكثير من الشوارع والميادين بحاجة الى اعادة تنظيم لتتفق مع المواصفات المطلوبة وحتى لا تدفع السائق المتهور وغير المبالي بالحصول على فرصة ارتكاب المخالفة المرورية. ان غياب الدور التوجيهي والتربوي لكثير من الآباء يزيد من مسؤولية رجال المرور ويلقي الكثير من المسؤوليات على عاتقهم في متابعة من يمارسون التفحيط او السرعة او قطع الاشارة الضوئية غير مبالين بالاخطار وارواح الآخرين.
عندما تسير في طريق سريع تجد الكثير من قائدي السيارات يتجاوزونك باستخدام طريق الطوارىء المخصص لسيارات الاسعاف والطوارىء وهذا ما تشاهده يوميا في الطريق الدائري الشرقي في مدينة الرياض مثلا وعندما تسأل أيا من هؤلاء عن سبب استخدامه لهذا الاسلوب وان ذلك يعد مخالفة مرورية يحاسب عليها النظام يرد عليك بأنه اول مرة يعلم بأن هذا المسرب مخصص لهذا الغرض.
وعندما تسير في الشارع تجد سيارات انوارها الخلفية ضعيفة جدا وخاصة ممن يسير ليلا فتعرض الآخرين للخطر وعندما تسير في الشارع او الطريق لا تجد انسيابا مروريا متناغما بسبب الاخطاء التي يرتكبها بعض قائدي السيارات والتي لا تبدو في ظاهرها مخالفة مرورية واضحة كالانتقال المفاجىء من مسرب الى مسرب دون اعطاء الاشارة الدالة على ذلك او الاتجاه من اقصى اليمين الى اليسار او العكس او الوقوف على خط المشاة او عدم التقيد بالسرعة المطلوبة في كل مسار من المسارات كل هذه الجوانب تعتبر مجتمعة من مسببات الحوادث المرورية ومن المنغصات التي يتعرض لها رجل المرور يوميا اعانه الله. لا يجب ان نحمل رجل المرور أخطاءنا فالمسؤولية مشتركة وعلى الجميع مساعدة رجل المرور في تأدية واجبه الا ان هذا لن يتأتى الا من خلال حملة اعلامية مرورية شاملة للتوعية تشمل كافة الفئات والاعمار وباستخدام جميع الوسائل الاعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية ومن خلال الندوات والمحاضرات والزيارات الى المدارس ومن خلال المطويات الارشادية التي توزع على قائدي السيارات في التقاطعات والاشارات المرورية. هناك الكثير من الحوادث المرورية التي تقع ويذهب ضحيتها اسر بكاملها لعدم معرفة هؤلاء بأهمية قواعد السلامة المرورية فهذا سائق يسافر بأسرته في طريق طويل دون تفقد اطارات سيارته المهترئة مما يعرضه لخطر الانقلاب لاسمح الله وهناك سائق آخر ينزلق في الشارع فيصطدم بالآخرين عند هطول المطر بعد فترة طويلة من التوقف فتكون الارض قابلة للانزلاق ويتعرض لذلك دون ان يدري.
وهناك من يضع حزام الامان ورغم ذلك تجده يسير مسرعا بصورة جنونية فينتقل من مسرب الى آخر متخطيا جميع السيارات بأسلوب يعرض الآخرين للخطر.
وهناك من تسأله عن احدى الاشارات المرورية الموجودة في الطريق مثل عدم التجاوز او اعطاء الافضلية او حتى علامة ممنوع الوقوف او الدخول.. فلا يعرف معنى لهذه الاشارة. هناك من يسير واضعا طفله الصغير في المقعد الامامي او حتى واقفا في الخلف وعند حصول توقف مفاجىء يحصل للطفل ما لاتحمد عقباه. مشكلة البعض منا انه عندما يستخدم حزام الامان فانه يستخدمه مع عدم قناعة منه بدليل انك تجده يربط الحزام قبل ان يصل الى الاشارة الضوئية التي يقف فيها رجل المرور خوفا من ان يحصل على مخالفة ومشكلة البعض منا انه يخفف السرعة عندما يعلم بأن الطريق مراقب بالرادار وانه سيحصل على مخالفة فيما لو تجاوز السرعة المطلوبة وما ان يتعدى منطقة الرادار هذه تجده يعود ليقود بسرعة عالية متناسيا ما ستؤدي به هذه السرعة من مخاطر. في الطرق السريعة بين مدن المملكة تجد رجال المرور اعانهم الله يراقبون السرعة خوفا من ان تتعرض الارواح لخطر التهور واللامبالاة ومع ذلك تجد ان بعض قائدي السيارات على الخط السريع وفي المسار المقابل يعطي اشارة ضوئية بالانوار الامامية لمن يسير مقابلا له في المسار الآخر ليخبره بأن يخفض السرعة لانه شاهد رجل المرور يقف على الخط السريع لالتقاط سرعة السائق بالرادار. يا سبحان الله لماذا كل هذا التحايل؟ لماذا نحاول مساعدة من يسيرون بسرعة عالية فنخبرهم بوجود سيارة المرور ألم توضع هذه السيارة او الرادار لسلامتنا ؟ لماذا لا نساعد رجل المرور بدلا من أن نحاول أن نعطل عمله؟
انها امور كثيرة لا تفيد فيها المخالفات ولا يفيد فيها ايقاع العقوبة ان الامر يحتاج الى تغيير بعض السلوكيات والقناعات والاعتقادات الخاطئة وهذا لن يتم من خلال تطبيق المخالفات المرورية بل من خلال حملة اعلامية مرورية طويلة المدى تشارك بها كافة الاطراف للتوعية المرورية الشاملة التي تشمل كافة الجوانب التي ترتبط بسلامة السائق من خلال وسائل الاعلام المتعددة.
عمرو بن عبدالعزيز الماضي
|
|
|
|
|