| شرفات
في عام 1992 وفي اول افلامه«الحب في الثلاجة» يرصد «سعيد حامد» واقعنا الذي يجبرنا على «تجميد الاحلام» الى حين يأتي«الفرج» ومع اول افلامه كشف المخرج السوداني الشاب المقيم بالقاهرة عن تمكنه من ادواته.. خصوصا وانه شارك السيناريست المبدع «ماهر عواد» في كتابة سيناريو الفليم..لكن السينما المصرية كانت قد دخلت نفقاً مظلما، ولم يستمر«الحب في الثلاجة» سوى ايام قليلة بدور العرض.. وينتهي بفشل «تجاري» كبير.
وقتها لم يتخيل احد أن صاحب هذا «الفشل التجاري» الكبير سيصبح مخرجا لفيلمين حققا ارقاما قياسية لم تعرفها ايرادات السينما المصرية،
اذ حصد «صعيدي في الجامعة» اكثر من «35» مليون جنيه، وها هو «همام في امستردام» يقترب من العشرين مليونا، ولا يزال يعرض في دور السينما.
أفلام مختلفة
* سألناه بداية: الان وانت المخرج صاحب الايرادات الضخمة كيف ترى الفشل التجاري ل «الحب في الثلاجة» ؟
اعتقد أن ما حدث مع « الحب في الثلاجة» يشبه ما حدث مع «عرق البلح»، فالافلام ذات الطبيعة الخاصة ينتظرها جمهور أو متفرج يبحث عن اشكال سينمائية مختلفة. هذا المتفرج الذي عادة مايرفض الذهاب لدور العرض لعدم تقبله للسائد الذي يعرض فيها، يحتاج إلى دعاية من نوع خاص. ومشكلة« الحب في الثلاجة» انه عرض في توقيت غير مناسب.. وكانت دعايته عادية.. وقليلة.
* اذن تجمدت احلامك السينمائية في الثلاجة؟
هذا ما حدث.. ظللت في بيتي لسنوات طويلة، فقد ترك الفشل التجاري الكبير اثاره المروعة نفسيا وماديا على، خصوصا انني شاركت السيناريست«ماهر عواد» والمنتج «حسين القلا» في انتاجه، وقدمت بعض الاعلانات، ثم تجربة فوازير « لوسي» مع إحدى الفضائيات العربية تحت عنوان «ابيض واسود» لعامين متتالين بمشاركة «محمد هنيدي».
* إذن كان« هنيدي» بوابة خروجك من الفشل التجاري؟
هذا صحيح، فقد ربطت بيننا صداقة متينة اثناء «ابيض واسود» وكتبت سيناريو له قبل « اسماعيلية رايح جاي»، وقد رفضه «هنيدي».
* واين مشروعاك «موسم الهجرة الى الشمال» و«موسم عودة الجراد»؟
«في الثلاجة».. المشكلة أن سمعة «مخرجي الفانتازيا» سيئة جدا، و«موسم عودة الجراد» من نوعية الفانتازيا ويدور حول رجل سوداني مسن لديه اسرة كبيرة العدد، لكن السيناريو من كثرة تأجيله.. كدت انساه،
اما «موسم الهجرة الى الشمال» عن رواية «الطيب صالح» الشهيرة فما زالت تحتاج لمزيد من الدراسات التي لا تشجعني نوعية الانتاج السائدة على تقديمها، وبالمناسبة لدي فيلم ثالث هو «عيش وملح وسيما» مع «ماهر عواد»، بعد الانتهاء من تصوير «الحب في الثلاجة» وهو ايضا في الثلاجة.. لان انتاجه كان فوق طاقتنا.. ولم يزل السوق غير مستعد لاستقبال هذه النوعية الخاصة من السينما.
الخروج من الثلاجة
* اذن كيف وافق المنتج«محمد العدل» على اسناد اخراج «صعيدي » لمخرج فشل تجاريا؟
«العدل» منتج ذكي، ويفهم جيدا أن الفشل التجاري لا يعني انني مخرج فاشل.
* وكيف ترى الايرادات مع درجة فنية«صعيدي» و«همام»؟
كما أن الايرادات القليلة لا تعني التشكيك في مختلف عناصر الفيلم الجيد، فإن الفن الرديء لا تستيطع الايرادات مهما بلغت ضخامتها أن تخفي رداءته.
* وهل يمكن للعدل أن ينتج فيلما مثل« الحب في الثلاجة» او «موسم عودة الجراد»؟
لا اعتقد ذلك، ولا يمكنني أن اطالبه بذلك.. فلا يعقل أن اجبر منتجا من حقه أن يبحث عن الربح على دفع امواله في سينما لا يطمئن اليها، ومن الطبيعي أن للمنتجين المحترفين حساباتهم وللمنتج الفنان حساباته، وطوال تاريخ السينما المصرية ظلت السينما« المختلفة» تنتج بمجهودات فردية.
* الم يزعجك أن النقاد الذين اشادوا بتجربتك الاولى هم الذين هاجموا «صعيدي» و «همام» ؟
اذا كنت ازعم انني مبدع حقيقي، فعلي أن اقر بحق الاخرين في الكتابة.. وفي كتابة ما يرونه، لكنني اذا تحدثت عن ناقد «سينمائي» فانني اطالبه بان يتعامل مع العناصر السينمائية بموضوعية، بعيدا عن التنظير العام، وعلى الناقد« السينمائي» أن يتعامل مع عناصر السينما الثمانية بحيدة.. ويناقشها ليرصد ايها كان موفقا.. والى أي مدى.. مشكلة «صعيدي» من وجهة نظري تكمن في بطله الصاروخ «هنيدي» المهدد لعرش «الزعيم» من هنا كانت مدة الهجوم على «هنيدي» لاعلى «صعيدي» لكن الجمهور ما دمنا في سياق السينما التجارية حسم القضية، اذن لم يكن الامر يتعلق بفنية« صعيدي» او بالنقد السينمائي.
الصعيدي وهمام أسهل
* تعبت كثيرا في الاعداد الفني ل «الحب في الثلاجة».. وقيل انكم جهزتم لتصويره على مدى عام كامل، لماذا لم تفعل الشيء نفسه مع « صعيدي» و «همام»؟
التيمة ونوعية الانتاج.. والجمهور مختلف في الفيلمين الاخرين كما نبدأ في الفيلم على أن يعرض بعد اربعة او خمسة اشهر، ولم يكن علينا سوى الاسلوب السينمائي السهل.. أن تستقي جميع عناصر الفيلم وظائفها من السيناريو مباشرة، بينما «الحب في الثلاجة» شهد « ديكوباج» للسيناريو.. ورسم «اسكتشات» لكل مشهد على حدة.
* بالطبع.. الفارق بين نوعي العمل اثر على مدى جودة الافلام الثلاثة؟
اكيد حدث تأثير سلبي من الناحية الفنية على الفيلمين الاخيرين، لان الفيلم يجب أن يأخذ الوقت اللازم لتتبلور فكرته قبل التصوير، لكن لا اعتقد أن نوعية« صعيدي» و«همام» تحتاج لارهاق فني كبير.
* لكنك من قبل هاجمت المخرجين الذين يخرجون افلاما مثلهما؟
لم تختلف قناعاتي.. ولا يحق لاحد أن يذكر علي حقي في أن اعيش، ثم أن نوعية«صعيدي» مطلوبة ويحسب لها انها اعادت الجمهور للسينما المصرية بعد أن هجرها، في ذات الوقت لا انكر أن «همام» بشكل او بآخر تكملة لصعيدي .. واستثمار لنجاحه.. وهذا اسلوب معروف في كل سينمات العالم.
* ايضا يجمع بين الفيلمين وهو ما توقف عنده مخرج قدير مثل«توفيق صالح» رفضهما للتطبيع مع العدو.. في صعيدي مشهد حرق العلم الصهيوني تشجيعا من الجمهور «العربي» وفي «همام» نجد الصراع مع الصهيوني«يورا».. هل هو موقف سياسي؟
كل من تابعوا عرض «صعيدي» في مختلف الدول العربية رصدوا اننا فريق الفيلم لم نكن منعزلين عن الشعور السائد.. شاهدت وسمعت هتافات وتصفيقا مؤيدا، وكان من الطبيعي أن نتفق انا وكاتب السيناريو «مدحت العدل» وبطل الفيلمين «محمد هنيدي» مع رؤية الجمهور العريض في الوطن العربي.. هذا ما نشعر به حقيقة، ونحن لا نستطيع «التطبيع» مع من يزيد من قوته النووية ومن عتاده العسكري العدواني ويتحدث عن السلام، بينما هو مزروع في قلب وطننا العربي.. لم يأت فريق الفيلمين بجديد من عنده..
كل ما فعلناه اننا «كررنا» ما هو راسخ داخل الشارع العربي.
*اخيرا.. غضب السودانيون من صورة بعضهم في «صعيدي» من اتى بهذه الشخصيات؟
شاركت «مدحت العدل» في فكرة السيناريو منذ البداية، ثم أن الشخصيات السودانية بعيدا عن (لافيهات هي التي احتضنت «هنيدي» بعد أن لفظه اصدقاؤه، و«العدل» كان لديه تصور معين عن هذه الشخصيات ولانني سوداني، قمت بتعميقها واكسابها الروح السودانية.
* واين السينما في السودان من خريطة اهتمامك؟
مازالت احلم بالمساعدة في صنع سينما سودانية تخرج للعالم كله، ومشروع«موسم عودة الجراد» يقوم على فنيين من مصر وفنانين من السودان.. ولدينا ممثلون اصحاب امكانات عالية، لكنهم ينتظرون الفرص المناسبة.
كريم طارق
|
|
|
|
|