| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وآله وصحبه أجمعين وبعد:
تعقيبا على ما كتبه الأخ طلال العياد في العدد 10395 من صحيفتنا الغراء في (عزيزتي الجزيرة) يوم الخميس 20 من ذي الحجة 1421ه تحت عنوان: (عودة الضرب في المدارس ضرورة تربوية) واستشهد وفقه الله بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:
(مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع) وإنني إذ أحترم رأي أخي كاتب الموضوع والمعلمين الذين يطالبون بعودة القرار وأقر ان اختلاف الرأي لا يفسد الود بيننا فإنني أوضح بعض الأمور التي تتعلق بهذا الحديث، وقضية ضرب الطلاب والطالبات في المدارس، فأقول مستعينا بالله ، من خلال الوقفات التالية:
الوقفة الأولى: يعتقد البعض ان الحديث آنف الذكر دليل على مشروعية ضرب الطالب عند العاشرة لأي خطأ!! وهذا استدلال خاطئ.
وللرد عليه نقول : ان المقصود بضرب الابن الوارد في الحديث مشروط بثلاثة شروط، هي:
1 ان يكون للصلاة فقط، وليس للواجب المدرسي، ولاحظ الفرق بينهما!
2 مشروطا بالتعليم والأمر أولا بالصلاة منذ سن السابعة ( أي لمدة ثلاث سنوات وفي اليوم خمس مرات وأنت تعلمه وتأمره بالصلاة = 5900 مرة تقريبا) فإذا تحقق ذلك وأصبح عمره عشر سنوات ولم يصل، عندها لولي أمره ان يضربه.
3 أن يتولى الضرب بعد ذلك الأب فقط وليس المعلم. وفق شروط محددة شرعا، تمنع الانتصار للنفس، وإذا جلس الانسان يفكر فيها، فلن يضرب.
من هنا وحيث ان مدير المدرسة يعد بعيدا عن الانفعال خول بالجزم في القضايا السلوكية.
أما ضرب الأطفال من قبل المعلمين فهذا غير مقبول، لأسباب هي:
1 ان الضرب أبيح للأب إذا أخل الابن بالصلاة وفق الشروط ا لسابقة. والعلم وحل الواجب وعدم الحفظ لا تقارن بالصلاة. ثم أنت أيها المعلم لست الأب.
2 انه غالبا ما يكون المعلم في حالة غضب وانفعال يفقد خلالهما السيطرة على نفسه، فيحدث ما لا يحمد عقباه.
3 انه ثبت علميا ان العقل عموما وعقل الطفل خصوصا لا يعمل في حالات التوتر والخوف والضرب.
وإنني أنصح المعلم: حتى لو أذن لك ولي الأمر ووالد الطالب بالضرب وكان سببه الصلاة فلا تضرب، لأنك بذلك تبني حواجز بينك وبين الطالب، والمطلوب منك كمعلم، هدم وتحطيم تلك الحواجز. لتكون مقبولا لدى الطالب.
الوقفة الثانية: أنت أيها المعلم داعية الى الله في المدرسة حتى معلم العلوم والرياضيات فلا تخسر الطالب، لتصرف منه غير مقصود وبسيط أو مقصود فهو طفل، واجعل نبراسك توجيه المولى عز وجل للمعلم الأول صلى الله عليه وسلم إذ قال تعالى :«فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر».
الوقفة الثالثة: أخي المعلم أنت من أعظم الدعاة الى الله إذا أخلصت النية واحتسبت أفلا تحب ان تكون من المفلحين الفائزين قال تعالى :«والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر» فاصبر لتكون منهم،وإياك ان تكون من أهل الخسارة، وإذا لم تصبر فماذا ستستفيد خسارة في الدنيا وقلقا وحسرة، وعذابا نفسيا، والآخرة الله المستعان.
الوقفة الرابعة: أنا أوافق أخي الكاتب فيما قال ( ولنا في رسول الله قدوة حسنة) فرسولنا صلى الله عليه وسلم هو القدوة والأسوة، فهو المعلم الأول، فمن المواقف التعليمية التي نستفيد من تربيته، ما يلي:
أ. موقف تعليمي: تربيته وصبره صلى الله عليه وسلم عندما رأي يد الغلام تطيش على الصحفة فقال: ( يا غلام سمِّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك) كلمات تربوية.
ب. موقف تعليمي أعظم: عندما أتاه الأعرابي وشده ببردته يقول راوي القصة حتى لنرى أثرها في صفحة عنقه صلى الله عليه وسلم وقال هذا الأعرابي: يا محمد أعطني من مال الله الذي عندك. فتبسم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم وقال: أعطوه.
ت. موقف تعليمي أعظم من ذلك: أتاه صلى الله عليه وسلم شاب، وقال له: ائذن لي في الزنا فماذا تتوقع منه صلى الله عليه وسلم أن يقول أو يفعل؟ فقال صلى الله عليه وسلم (أترضاه لأمك؟) فقال الشاب: لا. فقال: (والناس كذلك. أترضاه لأختك؟) قال الشاب: لا. فقال ( والناس كذلك، أترضاه لابنتك؟) فقال الشاب: لا. فقال صلى الله عليه وسلم: (والناس كذلك لا يرضونه، فمسح على صدره ودعا له) أين نحن من هذا؟
ث. موقف تعليمي أعظم وأخطر: عندما عزم النبي صلى الله عليه وسلم على المسير لفتح مكة، وكتم الأمر عن قريش، فقام رجل مسلم فكتب الي مشركي قريش: يخبرهم بقدوم النبي إليهم فليستعدوا له وأرسل كتابه مع امرأة. فأوحى الله الى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره ويحدد له مكان المرأة وموضع الكتاب منها. فأرسل صحابيين فأخذا الكتاب منها، وعرف الرجل. فقال: عمر رضي الله عنه: نافق الرجل دعني أضرب عنقه يا رسول الله . فقال صلى الله عليه وسلم : دعه يا عمر، وما يدريك، لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وكان هذا الرجل ممن شهد بدرا. والمواقف التعليمية أكثر من أن تحصى. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى،، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
عبدالعزيز بن علي العسكر الخرج
|
|
|
|
|