| أفاق اسلامية
جميل ان نتحدث عن دور الحسبة الفاعل في حماية سفينة المجتمع من الغرق اذا وجد من يحاول فعل الخرق في جنباتها بأي صورة كانت!! غير ان ما نراه لا يندرج تحت مفهوم التكرار هو الحديث عن تنمية الوعي الطفولي والنشء بصورة عامة بدور الحسبة وجعل حس النشء يقظاً ومتفاعلاً مع انماط ذلك الدور الكبير الذي يضطلع به رجال الحسبة في حين يهنأ الناس في ممارسة حياتهم والنوم بمراقدهم في جو يسوده الامن الاخلاقي والاداب العامة وخالياً من كل جريمة او رذيلة مهما كان نوع عيارها!!..فهل يعي النشء فينا والذي نجده يتسارع في اطوار نموه العقلي والجسدي والنفسي ويتفاعل بحدة مع البيئة المحيطة به سواءً سلباً او ايجاباً، هل يعي هذا الدور الجليل والحمل الثقيل، بمعنى هل يدرك هذا النشء الذي يعد وقود الامة في الملمات وخط دفاعها المتين في الحالات الطارئة التي قد تعصف بالمجتمع لا قدر الله!! ان دور الحسبة ان يبقيه )بعون الله( دماً نقياً يسعف امته متى ما حلت بها الجراح واثقلتها الآلام!!
كما ان الحسبة برجالها المخلصين تشكل لهذا النشء العقد الذي يحمي حياته الثمينة من الانفراط عندما تركن النفوس الضعيفة لاغراءات الشيطان بالولوغ في وحل الجريمة بصورها التي تتنوع على اصعدة مختلفة، لهذا فهل يمكننا تحديد مستوى الوعي لدى الناشئة بدور الحسبة المهم، ومن ثم محاولة تنمية هذا الوعي بالقدر الذي يبقي العلاقة بين الناشئة ورجال الحسبة علاقة تكامل وتفاعل اجتماعي وليست علاقة تصادم او قطيعة او مطاردة!! بحيث يصبح النشء سنداً للحسبة ورجالها ورافداً في تفعيل فريضتي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر!! لان الواقع المعايش يحمل في طياته غبشا في الرؤية بالنسبة لهذا النشء تجاه رجال الحسبة، فان كان الاطفال الصغار يهرولون فزعاً من شرطي يقف في ناصية الشارع او حتى من رؤية رجل امن بجوار احد البنوك بسبب ارث تربوي عقيم تراكم تحت فزاعة )جاك الشرطي( وكأن هذا الرجل الفعال في حفظ امننا وسلامة حياتنا )بعد الله( غولاً يتصيد الاطفال!!! اقول فان كان كذلك فلا اقل من ان تتفق اذهان الناشئة لدينا على ارث تربوي مشابه لفزاعة الشرطي يقول بأن رجل الحسبة يتصيد المراهقين ويحلق رؤوسهم كإثبات على ارتكاب المحظور!! من اجل ذلك يجب ان نسبق الحدث وان نمسك بخيط الوعي تجاه رجال الحسبة من بدايات الطفولة المبكرة قبل بلوغ طور الصبا، كل لا نستيقظ على ناشئة تفتقد لأبسط مقومات الثقة بالنفس حتى انها تهرول بالاسواق والاماكن العامة هرباً من شخوص الحسبة او ترتجف عندما تقابلها رغم ان هذه الناشئة لم تحدث امراً ولم تأت جرماً!! كون الافتقار للثقة بالنفس يجلب التبرير الخبيث لارتكاب المنكر بحجة السقوط من اعين الناس!! فضلاً عن ان في تاريخنا الاسلامي العطر ما يدعو لزرع هذه الثقة في نفوس النشء منذ نعومة اظفارهم!! فلعل الكثير منا يستذكر حادثة عبدالله بن الزبير مع الفاروق رضي الله عنه.. حين طلع عليهم عمر رضي الله عنه وكانوا مجموعة صبية بينهم ابن الزبير..ففر الجميع من الفاروق الا عبدالله بقي واقفاً واثقاً بنفسه، فما كان من عمر الا ان سأله: عن عدم فراره كبقية رفقائه؟!..فأجاب: لم افعل ما اخافك من اجله ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك؟!..فياترى هل يمك النشء من ابنائنا قدراً ولو كان يسيراً من تلك الثقة العظيمة التي لم تسقط او تهتز امام عظمة الفاروق رضي الله عنه!! باعتقادي الشخصي..ان كماً من النشء الفارون من رجال الحسبة كثير!! واكثر ما فيهم اولئك الذين ينهزمون نفسياً لعدم امتلاكهم ثقة المسلم المتجذرة في ارض الايمان هذا ما كان والله المستعان.
المهندس/ محمد بن عيسى الكنعان
سابك
|
|
|
|
|