| مقـالات
يتعرض البعض منا لعارض صحي، فتحتقن جيوبه الانفية، منا من يذهب مباشرة للصيدلي الذي لا يتردد أبداً في إعطائه المضادات الحيوية فيخرج من الصيدلية محملاً بانواع أخرى من الأدوية.. شيء للأنف وشيء للأذن، وشيء للبلعوم وآخر لتخفيض الحرارة. ومنا من يذهب لبعض الأطباء الذين لا يترددون هم أيضاً في وصف المضادات الحيوية رغم ان المرض ليس إلافيروساً لابد أن يأخذ دورته ولا تفيد في معالجته مثل هذه الوصفات وبخاصة المضادات الحيوية!!
لقد أصبحت أجسادنا ومناعتنا للأمراض ضعيفة بسبب ما نتناوله من مضادات حيوية بمناسبة وبدون مناسبة«والبركة» في بعض الأطباء.
يصيبك التهاب فيروسي فيصف لك الطبيب المضاد الحيوي. تصاب بالحساسية عند دخول الشتاء أو خروجه فيصف لك الطبيب المضاد الحيوي اعتقاداً منه بأنك تتعرض لالتهاب رئوي حاد!! ترتفع لديك الحرارة فيظن السيد الطبيب بأن هناك «بكتيريا» في أمعائك لا يعالجها إلا المضاد الحيوي وعندما تجري التحليل تجد أن الأمر لا يتعدى فيروساً منتشراً في الهواء!!
الطبيب ذو الخبرة والطبيب الناجح والمؤهل تتسابق عليه المستشفيات الحكومية والخاصة في جميع دول العالم، أما في بعض مستشفياتنا الخاصة والمراكز والمستوصفات الخاصة أيضاً فالأمر يختلف فتنظر لجنة التعاقد المرسلة من المستشفى للخارج إلى الراتب بالدرجة الأولى ليستقدم طبيب حديث التخرج ليعمل في المستشفى ويتعلم في أجسادنا بآرائه وروشتاته فيكون المريض في النهاية هو الضحية!
ورغم ضرر استخدام المضادات الحيوية بمناسبة وبدون مناسبة على صحة الإنسان فإن الأمر يبقى أكثر ضرراً وخطورة بالنسبة للأطفال الذين لم تعد لديهم المناعة بسبب كثرة تناولهم للمضادات الحيوية!
وأذكر مرة انني عندما كنت أزور النمسا وبالتحديد العاصمة «فينا» فقد تعرضت بسبب تغير المناخ إلى وعكة صحية فاصبت« بالانفلونزا» فذهبت إلى الصيدلية للحصول على مخفض للحرارة فرفض الصيدلي إعطائي أي دواء إلا من خلال وصفة طبية حتى لوكان مخفضاً للحرارة!!
أما هنا فإنك لن تجد صعوبة للحصول على أي دواء ابتداء من مخفض الحرارة وانتهاء باخطر الادوية على صحة الانسان ناهيكم على أن الصيدلي يمارس دوره في تشخيص الحالة التي كثيراً ما ينصح فيها باستخدام المضاد الحيوي!!
ان الوصفات والادوية الطبية التي يقررها بعض الأطباء تأتي في أحايين كثيرة غير دقيقة وبعيدة عن الرقابة، ومع ذلك لا يتردد المريض في استخدامها سواء وصفت له أو لأي من أبنائه أو أفراد أسرته.
إن من يذهب للصيدلي لكي يصف له الدواء دون كشف طبي غير معذور ويتحمل تبعات هذا التصرف.. لكن ماذنب من يذهب إلى الصيدلي بمباركة الطبيب الذي اعتاد ألا تخلو وصفاته الطبية من المضاد الحيوي بسبب أو بدون سبب رغم معرفته بخطورة ذلك وبخاصة على الاطفال؟
أنا لا أقف ضد استخدام المضادات الحيوية التي تعد انجازاً طبياً مهماً للقضاء بإذن الله على العديد من الأمراض ولكنني ضد استخدام ذلك في أمور يمكن تجاوزها من خلال الراحة والمتابعة!
أحد الاصدقاء تعرض ابنه لحالة مرضية تتمثل في ارتفاع الحرارة والتهاب بسيط في اللثة وإسهال وعندما علمت جدة الطفل بذلك أبلغت صاحبنا بأن الطفل يمر بمرحلة ظهور الاسنان وعليه أن يقول ذلك للطبيب من خلال تجربة الجدة!! المهم ذهب صاحبنا إلى الطبيب الذي لم يؤيد ماذهبت إليه الجدة وقرر بأن ما يمر به الطفل ليس إلا التهاباً بكتيرياً في الأمعاء فوصف له المضادات الحيوية لمعالجة هذه الحالة.. لم يقنع صاحبنا بما وصفه هذا الطبيب فذهب إلى طبيب آخر فشخص المرض على ان الطفل يمر بمرحلة ظهور الاسنان واتفق مع ما قالته الجدة فوصف له علاجاً لم يتعد مخفضاً للحرارة وعضاضة للاسنان لتريح الطفل فقط. والفرق شاسع بين التشخيص الأول والثاني.
ورغم ان الجدة قد وفقت في نظرتها لنوع المرض الا أنني آمل ألا يفهم البعض انني أحث على اتباع اجتهادات كبار السن وممن لهم تجربة طويلة في التعامل مع الاطفال دون عرض الطفل على طبيب متخصص لتحديد نوع المرض وكيفية علاجه!
ولكن ما أدعو له هو وضع الضوابط اللازمة في صرف الدواء ووصفه وهذا لن يتأتى إلا من خلال انشاء لجنة للدواء والغذاء تكون مهمتها متابعة مثل هذه الجوانب والحد منها ومحاسبة المقصرخصوصاً انه يطرح سؤال ملح: من يحمي المريض من بعض الصيادلة والأطباء؟!
|
|
|
|
|