| العالم اليوم
آرييل شارون الذي اختاره الاسرائيليون رئيساً لحكومتهم بديلاً لايهودا باراك بوعد أن يوفر الأمن لهم، يتجه بسرعة الى «الحفرة» التي سقط فيها سلفه باراك، بل أكثر من ذلك يقود شارون الاسرائيليين الى أبعد من فقدان الأمن، الى الحرب التي يخافها الاسرائيليون الآن أكثر من أي وقت مضى لأنهم يعرفون أن الحروب في هذه الأيام مع العرب لن تكون كالحروب السابقة التي كانت بمثابة نزهة قصيرة للجيش الاسرائيلي تنتهي باحتلال أراضٍ جديدة.
هذه المرة لن تكون الحرب قصيرة وليست كالحروب التقليدية، ستكون طويلة، وأيضاً ليست على غرار حرب الجيوش، فالذي سيواجهه الاسرائيليون مقاتلون متناثرون في الأحياء والمنازل، واذ تبدو الصورة الآن تفوقاً لقوات الاحتلال الاسرائيلي فان الصورة تتغير باستمرار وأول مالاحظه المراقبون أن الاسرائيليين الآن يعيشون رعباً حقيقياً فبالاضافة الى الانفجارات التي لايعرفون متى تحصل وفي أي مكان، تزداد مساحات الاحتقان النفسي والسياسي والعسكري داخل الكيان الاسرائيلي، بعد تصعيد قطعان المستعمرين في الخليل عدوانهم على المواطنين الفلسطينيين وتخريب ممتلكاتهم وفقدان السيطرة عليهم من قوات الاحتلال الاسرائيلي مما احدث نوعا من الاحتكاك بين المستوطنين وجنود الاحتلال وهذا ما انعكس بدوره على الساسة الاسرائيليين وبالذات الذين لايزالون يدعون الى المفاوضات مع الفلسطينيين.
وهذا ما شكل ضغطاً على جماعة شيمون بيريس المشاركين في حكومة شارون.
وهكذا فقد بدأت تأثيرات الانتفاضة الفلسطينية وطول مدتها تنعكس سلباً على الكيان الاسرائيلي، ومع ان الفلسطينيين قد ذاقوا الامرين وتحملوا الكثير من الخسائر إلا ان الاسرائيليين ايضا بدأت الخسائر تطولهم حيث بدءوا يفقدون جندياً كل يوم، ويعرف الاسرائيليون قبل غيرهم ان اي محاولة لاجتياح أراضي السلطة الفلسطينية ستدخلهم في حرب مع الفلسطينيين... حرب مدن هي في النهاية ليست في صالحهم وان بدت في الوهلة الأولى بعد القيام بغارتين في قطاع غزة ورام الله، إلا ان تكرار مثل هذه الاعمال سيدفع الفلسطينيين الى فتح جبهات وتوسيع الاعمال الموجهة ضد مواقع الاحتلال وهذه المرة لن تكون العمليات الفدائية مقصورة على الفدائيين، بل على قوات السلطة الفلسطينية التي لم تبدأ عملها بعد على عكس ما تحاول ان تشيعه عنها الحكومة الاسرائيلية وتسايرها في ذلك الادارة الامريكية.
نتيجة هذا التخوف.. الخوف من اندلاع حرب مدن.. او حرب شعبية... او حرب اجتياح اسرائيلية للاراضي الفلسطينية المحررة، سمها ما شئت، بدأت التحركات لاحتواء الحريق القادم.. وبرزت حتى الآن ثلاث محطات لاحتواء حريق الحرب الشعبية: محطة واشنطن ويبحث فيها الرئيسان حسني مبارك وجورج بوش والمحطة الاوروبية ويشترك في ابحاثها الملك عبدالله الثاني بن الحسين مع الاوروبيين، والمحطة الثالثة في أثينا التي تجمع نبيل شعث وزير التعاون الدولي الفلسطيني وشيمون بيريس وزير الخارجية الاسرائيلي الذي خفف من صلفه وهرول للقاء الوزير الفلسطيني ليمنع الحريق القادم.
لمراسلة الكاتب
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|