| عزيزتـي الجزيرة
بوصفي أحد التربويين في وطننا الغالي ولي الفخر بذلك وبوصفي أحد رجال الإعلام التربوي أيضا على مستوى المملكة ولي الفخر بذلك أيضا وبوصفي أحد من مارس الرسالة التربوية ولا أقول وظيفة التدريس بل أقول رسالة التعليم والتدريس والتربية والفرق بين المعنيين كبير ولا يخفى ذلك على ذوي الألباب وذوي الحس التربوي وهم كثر في مملكتنا الحبيبة نحمد الله قبل كل شيء بأننا من أمة الإسلام العاملة وفق شرع الله قولا وعملا وليست المنظرة فقط ونفتخر ويحق لنا بذلك بأننا نطبق شرع الله في أمور حياتنا في بلادنا الغالية ومن هذه الأمور والمجالات الهامة مجال التربية والتعليم وقدوتنا هو خير المعلمين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
هذه المقدمة الموجزة أكتبها رغبة بإدلاء دلوي وإعطاء رأيي وإظهار صوتي للمسؤولين في وزارة المعارف وعلى ر أسهم معالي الوزير بأن يعيدوا النظر في القرار الذي أدى الى إزالة درجات السلوك والمواظبة من قاموس التقييم والتقويم لطلاب التعليم العام في مدارسنا وطلبي هذا أكتبه وأجاهر به لعلمي الأكيد بأن وطني الغالي يسمح لي نظامه الإعلامي والذي يرعى المصلحة العامة وفق شرع الله عز وجل ثم بقيادة رجل التعليم الأول خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين وفقهما الله لما يحبه ويرضاه.
واسمحوا لي بأن أخاطب معالي وزير المعارف بهذا المقال لأنه هو المسؤول الأول عن هذا القرار الخاص بالطلاب التابعين للوزارة ونقاشي هذا أرجو ان يكون نقاشا علميا ومنطقيا وأنا أثق ثقة كاملة بالله تعالى ثم بمسؤولي وزارة المعارف بأنهم لن يترددوا في الاعتراف بخطأهم وبالتالي إعادة درجتي المواظبة والسلوك ليكون هناك شيء من الهيبة والوقار المرتبطان بشيء من شخصية التربوي أيا كان مدرسا أو مديرا أو مشرفا أو غير ذلك.
فأقول لمعالي الوزير وفقه الله لما فيه الصالح لهذا الجيل وبالتالي للأجيال القادمة من إخواننا وأبنائنا الطلاب:
أولا: معالي الوزير وفقك الله نعم نحن معك بأن الجو التربوي التعليمي غير المقيد (ظاهريا) أفضل نتاجا من الناحية التعليمية لدى بعض منظري التعليم البعيدين عن الاهتمام بالجوانب الأخلاقية والتربوية وبالتالي يا معالي الوزير فإن النتاج يكون لا تربوي إلا في مجالات شاذة وهؤلاء بسبب تربيتهم في بيوتهم تربية جيدة ووجدوا أنهم القلة القليلة ونعلم عن معاليكم انكم تريدون الصالح إن شاء الله لمجتمعنا الغالي.
ثانيا: من البند الأول السابق يتضح جليا الصورة المتوقعة والبارزة للأجيال القادمة ألا وهم أجيال منسلخين عن التربية وأنظمتها والسبب بأن من شب على شيء شاب عليه وهذه حقيقة ولا يضادها إلا كل نادر وشاذ عنها، حيث ان الطفل والصبي والمراهق إذا عومل بأسلوب تربوي راق ومتزن بين العلمية والعقلانية والمحاطة والمؤسسة على النواحي الدينية والأخلاقية ومنه وفق نظم وقواعد وأسس متينة فإن النتاج سيكون بقوة ذلك الأساس حيث سيكون جيلا بل أجيال قوية في علمها ومحترمة في تربيتها وأخلاقياتها جيل يحترم المبادئ والنظم والقوانين ولكن بشرط أن تطبق هذه جميعها بأسلوب علمي وتربوي عقلاني ومنطقي وبأسلوب راق وإنساني في التعامل.
ثالثا: يا معالي الوزير إن إزالة درجتي السلوك والمواظبة أخلت بالتوازن ما بين الاحترام والهيبة والوقار و الحرص من جهة ومكانة المدرسة والمدرس والمؤسسة التربوية والتعليمية من جهة أخرى مغلفة بالمجتمع ومؤسساته وجزئياته مثل الشارع والسوق والملعب والحارة والناس والوطن بشكل عام.
رابعا: يا معالي الوزير من النقطة السابقة نستخلص هذه النقطة ألا وهي بأن الطالب مفهوم الوطن لديه في بداية طفولته هو المكان الذي يدرس فيه الا وهو المدرسة ثم هو المكان المحيط بالمدرسة (الحي) ثم هو المدينة ثم هو مجموعة مدن وقرى وهجر .. ثم هو الوطن بمفهومه الصحيح ولكنه لا يعرف المفهوم الحقيقي للوطن إلا بعد عدة سنوات أقول لا يعرف مفهوم الوطن معرفة صحيحة عمليا وليس نظريا وهذه المعرفة تنطلق من الأساس الأول ألا وهو من المدرسة فإذا كان هذا المكان فيه الانضباط والاحترام والقوانين الحازمة لمن يستحق الحزم سينضبط هذا الطالب في شتى مراحل حياته شريطة التطبيق الصحيح علميا وتربويا وإنسانيا بل وإسلاميا وهو الأهم والعكس صحيح إذا كان لا يضبط الطالب في المدرس كسلوكه ومواظبته فماذا يتوقع معاليكم منه إذا وصل الى مرحلة المشاكسة ألا وهي مرحلة المراهقة.
يا معالي الوزير سيتغيب عن المدرسة وسيتشاجر مع زملائه فلا مواظبة تذكر ولا سلوك يحاسب تجاهه فكيف يحاسب بدون درجات ضبط أقول ضبط ولا غير الضبط وأقول عقابا ولا غير عقاب فكما يعلم معاليكم بأن مبدأ الثواب والعقاب واجب تطبيقه في كل الحالات التربوية حسب درجة أهمية ذلك الحدث ولا أهم من معاقبة الطالب سيء السلوك والمستهتر بأهمية الحضور للدروس ليكون عبرة لغيره من الطلاب.
خامسا: معالي الوزير أنتم تعلمون بأن هناك مبدأ وقاعدة الفروق الفردية فروق في السلوك وفروق في الاهتمام ودرجة ذلك الاهتمام خلاف الفروق الأخرى في الجوانب الأخرى من نسبة الذكاء ونسبة القبول من الطرف الآخر ونسبة التطبيق والتفعيل.. الخ.
فهناك طالب حريص جدا على التعليم منذ أول يوم من العام وحتى آخر يوم فيه تجده مهتما وحريصا على التلقي والبحث والاستنتاج.. الخ. فلا يتغيب عن المدرسة مطلقا حتى في أصعب الظروف.. بينما هناك طالب على النقيض تماما فتجده يكره شيئا اسمه المدرسة منذ ثالثة ابتدائي (ونحن هنا لا مجال لذكر الأسباب فهذا موضوع آخر) ولكن إن لم تكن هناك درجة تحضه على الحضور فإنه لن يحضر بل سيكون تعليمه عن طريق الدروس الخصوصية. وبالتالي سيؤدي ذلك الى استنزاف أموال الآباء وفي فترة الصباح وهي فترة الدراسة ستجده يصول ويجول هائما على وجهه من سوق الى آخر وليس له هم إلا المضايقة والمعاكسة ولكن بالرغم من ذلك فهم اخواننا وأبناؤنا علينا ان نحتويهم وان نفرش لهم الأسس القوية والحازمة لصالح مستقبلنا جميعا ولصالح وطننا وقبل ذلك ديننا الإسلامي الحنيف.
سادسا: يا معالي الوزير أرجو (وأحسبك كذلك) ان تنظر إلى مكانة المعلم وهيبة المعلم ومكانة المدرسة وهيبة المدرسة وهذا ليس للمباهاة أو للمفاخرة أو للتعالي أو ... الخ.
لا وإنما لأجل الدين ثم الوطن
لأجل المجتمع ولصالح الشعب |
لصالح الأب والأم والأخت والأسرة وبالتالي لصالح الأمة.
أنا لا أبالغ فالتربية كما تعلم يا معالي الوزير عبارة عن كل لا يتجزأ والتربية تبدأ من الفصل (المدرسة) ومن البيت سواء بسواء فإن صلحت فإن المجتمع سيصلح وإن فسدت فإن المجتمع سيفسد وسيفلت حيث ستجد المشاكسات والمعاكسات والمضايقات وستجد المظاهر والظواهر الغربية والبعيدة عن ديننا الحنيف ثم عاداتنا العربية الأصيلة.
سابعا: معالي الوزير قد يقول قائل إننا لا نريد الطلاب المستهترين الذين لا يهتمون بضبط سلوكياتهم ولا يحضرون الى المدرسة إلا لأجل درجتي السلوك والمواظبة.
أقول له يا معالي الوزير بل نحن نريد هؤلاء لإصلاحهم ولتقويمهم فالطالب سيئ الأخلاق (السلوك) والطالب المستهتر غير المكترث بالدراسة والتعليم وبالتربية هو أشد الناس حاجة لأفراد المجتمع؟!!
أما كيف؟ فإن ذلك لأنه بحاجة الى الإصلاح وإلى إعادة ثقته بنفسه وبمجتمعه ومن ذلك بأستاذه وبمدرسته وبمنزله.
ثامنا: يا معالي الوزير أخيرا أشكر معاليكم على قراءتكم لمقالي هذا ولا غرابة في ذلك بل أكاد أجزم بأنكم ستتجاوبون معي بسبب هذا المقال ومع غيري الذين تعشموا بي خيرا فطالبوني بأن أكتب عن هذا الموضوع والذي أنا أصلا أهتم به ولعلمي الأكيد باهتمام معاليكم كذلك.
أقول يا معالي الوزير رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا فاذكر نفسي وأذكر معاليكم بأن نعود الى سيرته صلى الله عليه وسلم بما يرتبط بهذا الجانب وهو جانب المواقف والأحداث والتي نفهم منها بأنه صلى الله عليه وسلم حث على إيجاد الضوابط والأسس الواجب عدم الخروج عنها وتكون معيارا وقياسا لدرجة الانضباط والجدية في التعليم والتربية والعلم والعمل.
ولمعاليكم ولجميع المسؤولين بالوزارة ولجميع الطلاب وللمجتمع بشكل عام الدعوة بالتوفيق لما يحبه الله ويرضاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حسين الراشد العبد اللطيف
|
|
|
|
|