رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Thursday 5th April,2001 العدد:10416الطبعةالاولـي الخميس 11 ,محرم 1422

مقـالات

الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ .. السيرة والمنهج(24)
عبدالعزيز بن زيد آل داودü
سيرة الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله توجزها تلك الحادثة التاريخية في عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله... فلقد قام الملك الكريم رحمه الله بزيارة الشيخ عبدالله بن عبداللطيف رحمه الله في مرضه الذي مات فيه فقال له الملك عبدالعزيز : أوصني، فكان مما أوصاه به إسناد شؤون العلم والعلماء إلى الشيخ محمد بن ابراهيم مع كونه من أصغر العلماء سناً لم يتجاوز الثامنة والعشرين عاماً وقال ابن عبداللطيف موجهاً الخطاب إلى الملك عبدالعزيز رحمهما الله...«إني أرى في هذا الفتى مخايل النجابة والنبوغ والحكمة فإن رأيت إسناد الأمر إليه فذاك رأيي» وأخذ الملك عبدالعزيز بهذا الرأي وعينه خلفاً لعمه حين توفي عام 1339ه .
ومنذ ذلك التاريخ وحتى عام 1389ه . عاش الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله حياة حافلة بالعطاء والبذل في سبيل الإصلاح والتعليم والدعوة امتدت زهاء نصف قرن من الزمان... عايش خلالها بداية التكوين والوحدة لهذه البلاد... وعايش بدايات التأسيس لعدد من المنشآت الحكومية.. وأسهم في تكوين عدد منها بتوجيه من الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثرى الجميع
اتفق عارفو الشيخ على أن الله سبحانه وتعالى وهبه الذكاء وقوة الحفظ والتواضع والصلابة في الحق والخلق الكريم والحرص على شعائر الدين.. والعناية بنشر العلم الشرعي وإكرام طلبته.. والحنكة في أموره... والرغبة في متابعة ما يسند إليه من أعمال والقدرة على اختيار الرجال.
أوقف الشيخ حياته للتعليم وخص طلبته بمزيد عناية واهتمام.. يقول الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن قاسم رحمه الله : كان يعمر أكثر نهاره بالتدريس.. حيث كان يجلس ثلاث جلسات منتظمة.. فالأولى بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس والثانية بعد ارتفاع الشمس والثالثة بعد صلاة العصر.. وكل هذه الجلسات تتم في جامع الشيخ عبدالله بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب في حي دخنة .كما نهض الشيخ رحمه الله بالإشراف والمتابعة لعدد من الأجهزة الحكومية الشرعية فخصها برعايته وتابع أمورها بنفسه ومن هذه الأعمال :
تولى الإفتاء بعد وفاة شيخه سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله عام 1349ه. ومنذ ذلك التاريخ حتى (1374ه) حيث تم تحويل الأمر إلى عمل منظم في دار الإفتاء تولى سماحته رئاسته حتى وفاته رحمه الله.
تولى رئاسة القضاء .
أشرف على رئاسة المعاهد العلمية والكليات منذ إنشائها عام 1370ه.
الإشراف على «مدارس البنات» منذ افتتاحها 1379ه .
تولى رئاسة «رابطة العالم الإسلامي» منذ إنشائها في عام 1379ه .
كلف برئاسة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1381ه .
تولى رئاسة مجلس القضاء منذ تشكيله في عام 1388ه .
رئاسة المكتبة السعودية .
أسس مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية .
خطيب جامع الرياض وإمام مسجد العيدين .
وكان بهذا هو المعنيّ بالقضايا الإسلامية وما يتعلق بها داخل المملكة وخارجها من أمور الدعوة الإسلامية حتى وفاته رحمه الله عام 1389ه .
إن المتتبع لحياة الشيخ وما أوكل إليه من أعمال .. وما تحقق على يديه من خير وما تركه من أثر يستطيع أن يخرج بقراءة وافية لحياة وسيرة الشيخ الجليل نوجزها فيما يلي :
بناء الرجال...
لقد عني الشيخ بإعداد الرجال وتعليمهم وتأهيلهم ليكونوا
علماء وطلبة علم وقضاة ودعاة من الطراز الأول... وهذا ما تحقق بحمد الله..فأبناؤه وطلبته منتشرون في أنحاء المملكة يقومون بأمور الشرع المطهر.. دعاة وقضاة ومعلمين ومرشدين في كافة أجهزة الدولة.. بل إن من تولى أمور الإفتاء والقضاء في المملكة هم من تلامذته النجباء الأخيار حتى يومنا هذا..
بناء المؤسسات...
عرف عن الشيخ قدرته على التأمل والتنظيم والمتابعة
الشديدة لما يوكل إليه من أعمال أو ما يكون تحت إشرافه وعنايته.. ولذا نجد حرصه رحمه الله على بناء المؤسسات الشرعية وفقاً لرؤية حديثة غير مسبوقة في البلاد.. ولعل أبرزها تنظيم القضاء والمحاكم وتعليم البنات والمعاهد العلمية.. والإفتاء وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وهي مؤسسات نقلت الدولة والمنهج المتبع إلى أنموذج يحتذى في تكوين الدولة الإسلامية الحديثة.
- الإفادة من علماء الإسلام ..
استعان الشيخ -رحمه الله- بعدد من العلماء والدعاة من مختلف الأقطار الإسلامية الذين عرفوا بالمنهج السلفي النقي... وأوكل إليهم تحديث أمور التعليم الشرعي وإنشاء المعاهد العلمية مع طلبته من أبناء المملكة...
- رؤيته المستقبلية الناضجة...
لم يتهيب سماحته -رحمه الله- من ريادة أمر يرى أن فيه مصلحة للمسلمين والإسلام . بل إن كل ما يعزز رسالة الإسلام في النفوس تجد أن للشيخ مبادرة في تشجيعه والاهتمام به. ومن مبادراته -رحمه الله- إنشاء المكتبة السعودية وإصدار مجلة الدعوة السعودية وهذه الأخيرة ريادة تنم عن وعي وإدراك ورؤية مستقبلية لما سيكون للإعلام من أهمية في حياة الناس أجمعين.
- رعايته للتعليم الشرعي...
رأى سماحته أن تعليم أصول الشريعة وما يلحق بها من علوم ينبغي أن تواكب ما يجري من تحديث في أنحاء المملكة، فانبرى إلى إنشاء معاهد علمية شرعية.. هي نواة لأكبر جامعة إسلامية في المملكة العربية السعودية مهمتها تخريج القضاة والدعاة ومعلمي الشريعة واللغة العربية، والمشتغلين في الحسبة وما يلحق بها... واستعان في ذلك بكفاءات متميزة استطاعت بعد توفيق الله إلى السير بهذه المعاهد لتتبوأ الصدارة والريادة في سلم التعليم في المملكة .
- اعتناؤه بتعليم الفتاة...
في بداية التطوير والتحديث التي شهدتها المملكة... كانت الأصوات تتعالى منادية بتعليم المرأة، فيما فئة أخرى توصد الأبواب دون ذلك لأسباب اجتماعية كان لها بعض وجاهتها في زمن يشهد تغيراً وتبدلاً متلاحقاً رغبة في البناء.
انبرى الشيخ -رحمه الله- إلى إيجاد صيغة توازنية تأخذ في حسبانها أهمية تعليم المرأة مع تقدير وجهة نظر من يرى أن يتم ذلك وفق ضوابط تتسق وما يعيشه المجتمع السعودي من سمت... فكان أن كلف الشيخ -رحمه الله- نخبة من تلاميذه للنهوض بهذا الأمر الذي بدأ يلقى قبولاً ورغبة من أبناء المملكة بل أضحى تعليم المرأة يضم كليات ومدارس في كافة أنحاء البلاد هو ما نشهده ونعيشه اليوم.
- اهتمامه بقضايا المسلمين...
وهذا واضح من خلال ترؤسه -رحمه الله- لجهازين يعنيان بأمور المسلمين عامة، هما: رابطة العالم الإسلامي والجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.. وفي هذين الجهازين برهان على أن علماء المملكة ورجال الخير فيها ليسوا منغلقين على أنفسهم، بل إن اهتمامهم بأمور المسلمين في خارج المملكة له منزلة خاصة لديهم يتسق مع رعايتهم الشؤون الإسلامية في الداخل... وهذه النظرة التي تحلى بها الشيخ هي ديدن أبنائه وتلامذته الذين يعنون بأمور الأقليات المسلمة في كل مكان وبذل الخير لهم وتشجيع أبنائهم على التعليم والحرص على علوم الشريعة الغراء...
- القدرة على طرح البدائل...
تلك ميزة تحسب للشيخ والعاملين معه في الحقل الشرعي فلا يكفي المرء أن يمنع أمراً ولكن الجدارة والاستحقاق أن توجد البديل المتميز القادر على المزاحمة.. بل ان تقدم البديل الذي تستطيع أن تطبقه على أرض الواقع.. وأن يلقى الثناء والتقدير..
وهذا ما تميز به الشيخ- رحمه الله-إذ قدم البديل المقبول لتعليم المرأة فأصبح ذلك أنموذجاً يحتذى ... وقدم أنموذجاً في تكوين المعاهد العلمية نال الرضا والقبول والتشجيع من الجميع، وقدم النموذج الرائد في العناية بأمور المسلمين من خلال أجهزة الحسبة والمحاكم والقضاء والإفتاء... مما يعد بحق شهادة تميز لهذا الشيخ ومنهجه المبارك..
لقد كانت ثقة قادة هذه البلاد ووقوفهم بجانب الشيخ وتشجيعهم لمبادراته دافعاً قوياً وجعلت جهوده المباركة وتحول تلك المبادرات إلى حقائق شاهدة على صدق التوفيق بين القول والعمل..
كانت تلك المبادرات نواة لمسيرة طويلة مبتدؤها ومنطلقها المسجد المبارك الذي سوف نتناول مهمته في مقالة تالية... وبالله التوفيق.




أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved