| العالم اليوم
حفلت القمة العربية التي اختتمت في العاصمة الأردنية الأسبوع الماضي بالعديد من الكلمات والمداخلات التي قام بها رؤساء الدول العربية، وإذا كانت كلمة الرئيس السوري بشار الأسد قد أخذت نصيباً كبيراً من التحليل والمتابعة وردود الفعل، وبالذات من الأمريكيين والإسرائيليين لأنه «كشف المستور» وسلّط الضوء على عنصرية الإسرائيليين، فإضافة إلى كلمة الرئيس بشار، لفت الانتباه خطاب الرئيس اليمني عبدالله صالح الذي تخلّى عن «الكلام المكتوب» وارتجل كلمة تضمنت مقترحات عديدة لعل من أهمها تشكيل لجان شعبية لجمع التبرعات للشعب الفلسطيني تسلّم مباشرة إلى المتضررين منهم من عوائل الشهداء والجرحى والسلطة الفلسطينية التي حرمت من كل الموارد التي تمكنها من أداء دورها الهام في قيادة الكفاح ضد عدو يحظى بدعم كل اليهود في العالم (خزان الأرض) وأصدقاء اليهود أو الخائفين منهم في امريكا وأوروبا.
المهم نعود لاقتراح الرئيس علي عبد الله صالح، وأعترف بأنني فوجئت بأنه لا توجد لجان شعبية في كل دولة عربية تجمع التبرعات للشعب الفلسطيني ليس لدعم الانتفاضة الفلسطينية فحسب، بل كان يجب أن تكون هذه اللجان موجودة منذ ابتلاء الفلسطينيين بسرقة أرضهم وتسليط اليهود عليهم نتيجة مؤامرة دولية اشترك العالم كله فيها، بما فيه بعض العرب.
فعلاً كنت استغرب عدم وجود لجان شعبية عربية لجمع التبرعات ودعم كفاح الشعب الفلسطيني، ولمراجعة معلوماتي قمت بالاتصال بأكثر من صديق فلسطيني، وبعضهم مسؤولون في منظمة التحرير الفلسطينية، ولقد أصبت بخيبة أمل وشعرت بتقزز عندما تأكد لي أنه لا توجد لجان شعبية لدعم الشعب الفلسطيني سوى في دول الخليج العربية، وأن الفلسطينيين يحصلون على المساندة والدعم العربي، بأسلوبين فمن المملكة العربية السعودية ودولة الكويت وقطر وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية، دعم سياسي ومالي، وهناك لجان شعبية تواصل عملها بجمع التبرعات منذ وقت طويل، والمملكة العربية السعودية شكلت أولى اللجان الشعبية لمساعدة المجاهدين الفلسطينيين منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وهي التي يرأسها الأمير سلمان بن عبدالعزيز صاحب المقولة المشهورة «ادفع ريالاً تنقذ فلسطينياً» رداً على ما كان يطرحه اليهود «ادفع دولاراً تقتل عربياً».
منذ ذلك الوقت واللجنة الشعبية لدعم المجاهدين الفلسطينيين تواصل عملها، وقد استطاعت هذه اللجنة ان تضع آلية تجعل المواطنين السعوديين والفلسطينيين يقدمون دعماً مالياً مستمراً بلغ العام الماضي أكثر من 17 مليون ريال.. هذا فضلاً عن اللجنة الشعبية التي تشكلت لدعم الانتفاضة الفلسطينية والتي يرأسها الأمير نايف بن عبدالعزيز والتي قدمت دعماً مباشراً لعوائل كل الشهداء وساعدت كل الجرحى الفلسطينيين، بالإضافة الى تقديم مساعدات غذائية ومالية للأسر الفلسطينية المحتاجة، وحتى الآن بلغت مساعداتها قرابة مائتي مليون ريال جمعتها من الشعب السعودي.
أما مساعدات المملكة العربية السعودية المقدمة لمنظمة التحرير الفلسطينية فقد تجاوزت ثمانية بلايين ريال، فضلاً عن مساعدات ودعم لا نريد التحدث عنه، وأذكر شيئاً بسيطاً نقلاً عن السفير الفلسطيني الأستاذ مصطفى ديب الذي قال ونحن متجهون الى غزة في أول زيارة لصحفي سعودي للأرض الفلسطينية المحتلة أن القيادة السعودية تفتح لنا مستودعات الأسلحة وتقدم لنا كل ما نطلبه والذي نستطيع استعماله ولم يرد لنا طلب في أي شيء نريده.
هذه مساعدات السعودية ومساعدات دول الخليج يحتاج إيرادها الى مساحات أخرى، مثلما نحتاج الى مساحات اضافية للدول الأخرى التي تدعم الفلسطينيين بالمظاهرات والتنظير الأيدلوجي والخطاب السياسي الذي يشغل العرب عن الاهتمام بالقضية الفلسطينية إلى الاهتمام بالقضايا الفرعية كما حدث في قمة عمان. والغريب أن الفلسطينيين داخل الأرض المحتلة يرفعون صور صدام حسين لمجرد أنه نظّم مظاهرات وأشغل شعبه حتى لا يلتفت للوضع المأسوي الذي يعيشه، وألهى الشباب بالتدريب والانضمام الى متطوعين لا يمكن أن يصلوا لفلسطين لأنهم حتى إن وجدوا الطريق للخروج من العراق لن يسمح لهم صدام بذلك، لأنهم لن يعودوا للعراق وسينضمون الى ثلاثة ملايين هارب..!!
القضية الفلسطينية تحصل على الدعم والمساندة السياسية الصادقة والدعم المادي السخي من السعوديين وأهل الخليج... ومن الثوريين الصراخ والمظاهرات والوعود الزائفة ومع هذا ينخدع الفلسطينيون فيرفعون الصور للذي قتل قادتهم في باريس والكويت وروما وأثينا... وهذا ما يثير الشفقة لأن الفلسطينيين لا يزالون منخدعين.. ولعل اقتراح الرئيس علي عبد الله صالح يزيل الغشاوة عن العيون ويوقف الخداع.. فمن يساند القضية الفلسطينية عليه أن يبادر الى تشكيل لجان شعبية لجمع التبرعات للشعب الفلسطيني ويلحق بالسعوديين الذين أقدموا على هذه الخطوة منذ أكثر من ربع قرن.
لمراسلة الكاتب
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|