| الاقتصادية
أتحاشى استخدام مفردة «السعودة» عند الحديث عن التوظيف وما يرتبط به من قضايا، وهذا ناجم عن قناعتي بأن الحديث عن السعودة شأنها في ذلك شأن غلاء المهور والطلاق والمناهج أصبح حديث من لا حديث له، فالكتابة عن مثل هذه الموضوعات لا تخرج عن كونها ذات طابع إنشائي ممل يغلب عليه التكرار واجترار الأفكار، بالرغم من انه يوجد استثناءات هنا وهناك تضيع في زخم الإنشائية والرغبة في الحضور والتواجد الإعلامي من قبل البعض.
والنتيجة ان أجد صعوبة في إيجاد مدخل للكتابة استطيع من خلاله جذب القارئ لما أظنه إضافة جديدة أو طرح مختلف في موضوعات التوظيف أو السعودة، لذلك أجد نفسي دونما أشعر أقع في ما أحاول تجنبه لتقفز تلك المفردة أو أحد أبناء عمومتها في العنوان أو بداية المقال.
ولأننا مازلنا رغم ما يمر علينا من سنوات نتحدث عن أسباب عدم توظيف السعوديين وكيفية توظيفهم دون البدء الفعلي بخطوات عملية وواضحة تساهم في حل المشكلة، فإن اكتشاف العوائق التي تحد من التحاق الشباب السعودي بالعمل في القطاع الخاص وتحديد المسببات العملية أمر يستحق التوقف. بل ان التعرف على ما لم نألفه من أسباب كثر تكرارها كقلة الدخل أو العمل على فترتين أو قلة الإجازات تعتبر أمراً ضرورياً يستحق الاهتمام والدراسة. ومن تلك الأسباب التي تقف حاجزاً أمام الشباب السعودي على الحصول على وظائف في شركات القطاع الخاص ومؤسساته هو قدرة أولئك على تحديد وتعريف العمل الذي يستطيعون القيام به. فقد اعتاد أولئك مع الأسف الشديد على ربط مسمى تخصصاتهم النظرية بمسميات الوظائف التي من الممكن ان يلتحقوا بها. فالشباب المتقدم إن كان متخصصاً في التسويق فإنه حسب اعتقاده لن يستطيع إلا ان يعمل في وظيفة تحمل هذا المسمى وبالتالي فلن يقدم أوراقه إذا لم يجد تلك الكلمة بارزة في الإعلان الوظيفي أو لدى إدارة الموارد البشرية في الشركة، والأمر نفسه ينطبق حينما يكون متخصصاً في العلاقات العامة أو المالية أو المبيعات أو غيرها من التخصصات التي يبحث عنها القطاع الخاص ويستبشر حينما يجد شباباً سعودياً للعمل بها. بل ان الجامعات والمعاهد لدينا تساهم في زرع هذا الاعتقاد دونما تدرك انها من خلال مناهجها ومحاضراتها تخلق لدى الطلاب مهارات بالإمكان استغلالها بعيداً عن التعريف النظري المحدد للوظيفة، وللتدليل على ذلك فإن شاباً يحمل الشهادة الجامعية في بحوث العمليات ضاقت به الأرض وهو يبحث عن وظيفة بهذا المسمى حتى اهتدى إلى إحدى الشركات التي اكتشف بعد مقابلة احد مديريها وبعد مناقشته في المواد التي درسها في الجامعة ان بإمكانه ان يعمل في الكثير من أقسام الشركة كالمبيعات والبحوث والتسويق وتطوير الأعمال وغيرها من التخصصات التي لا يحمل أي من مسماها أو مسمى وظائفها ما يتعلق ببحوث العمليات. بل ان من تتاح له فرصة النظر إلى السير الذاتية للاخوة غير السعوديين يكتشف الاختلاف العجيب والغريب في الوظائف التي يمارسونها حيث تجد احدهم مارس أعمالاً فنية وأخرى إدارية بل ومكتبية وميدانية وفي مواقع مختلفة وإدارات مختلفة لا يربط بينها وبين تخصص أحدهم إلا قدرته على استخدام مهاراته ومفهومه للوظيفة وبالتالي القدرة على القيام بها. ان كل ذلك يعني ان مسميات التخصصات التي يحملها شبابنا قد تكون عائقاً أمام حصولهم على وظائف، ما لم يدركوا وما لم تدرك الجهات التي تحمل على عاتقها توجيه هؤلاء ان التقارب بين التخصصات وان ما يتعلمه الطالب من مهارات بالإمكان تطويعه والاستفادة منه في أكثر من مجال وفي أكثر من موقع قد لا يوجد فيه ما يدل على تخصص ذلك الطالب الدراسي.
kathiri@zaoul.com
|
|
|
|
|