| الاقتصادية
* الرياض رياض العسافي:
في دراسة علمية أعدتها الدكتور فريال الهاجري الأستاذة بقسم الجغرافيا بكلية الآداب في الدمام عن اثر حربي الخليج على إنتاج البترول وأسعاره بالمملكة العربية السعودية خلال الفترة بين عام 1979 1992م توصلت الى مجموعة من الحقائق التالية:
ان هناك حقيقة هامة مؤداها اعتماد حكومة المملكة في دخلها القومي على استثمار قطاع البترول لتنمية القطاعات الإنتاجية الأخرى، كما يعتمد دخل المملكةعلى صادراتها البترولية المعتمدة على الاستثمارات الأجنبية التي يسيطر عليها عدد قليل من الشركات.
يرتبط اقتصاد المملكة بنمو السوق الدولية وزيادة الطلب على البترول السعودي في حال عدم اكتشاف مصادر جديدة أو بديلة له مما يقوي ويعزز مركز وسعر البترول أوبك في حال تعاون أعضائه كما حدث في حرب الخليج الثانية إذ لم ترتفع أسعار البترول على غرار الحروب السابقة وإنما انخفضت بنسبة 88.13% والتعامل مع الشركات الكبرى أو إجبار الشركات الأصغر حجما علي الالتزام بسياسة تحديد الأسعار لتقوية أسعار التصدير، ان نقص الطلب على البترول الخليجي بصفة عامة تنعكس آثاره السلبية على برامج التطوير والتخطيط والتنمية بصورة مباشرة أو غير مباشرة.أحدثت حربا الخليج الأولى والثانية دمارا واضحا لكل من الدول المعتدية والمعتدى عليها بصفة خاصة والدول المجاورة بصفة عامة أثرت على مستوى أداء القطاعات الاقتصادية بصفة عامة والبترولية بصفة خاصة.
تأثر تطور الإنتاج في المملكة العربية السعودية بالظروف والأحداث السياسية العالمية فمنذ اكتشاف البترول في الثلاثينيات وحتى الستينيات كانت السيطرة السياسي على كميات إنتاج البترول وأسعاره وفق الدول الكبرى، وفي الفترة اللاحقة تأثر الإنتاج بظروف العرض والطلب من ناحية وبظروف أزمة الخليج الأولى والثانية من ناحية أخرى حيث زاد إنتاج المملكة لتسديد النقص الحاصل للدول المتضررة خلال الحربين سواء من إيران أو العراق أو الكويت وجميعها أعضاء في منظمة الأوبك.إن أسعار البترول ترتفع متأثرة بدرجة عالية بالحروب على اختلاف أنواعها وأهدافها كما حدث في حرب أكتوبر 1973م وحرب الخليج عام 1980م ولكن بتحالف وتكاتف الدول الكبرى المنتجة للبترول يعمل على استقرار الأسعار وبالتالي عدم الاضرار بالدول الضعيفة وغير القادرة على استيراد البترول رغم حاجتها اليه في حال ارتفاع سعره.
يخضع البترول كسلعة اقتصادية لقانون العرض السياسي والاقتصادي القومي والعلاقات الدولية على عكس السلع التجارية الأخرى التي تخضع لقانون العرض والطلب وسياسة التسويق العالمية التي تتلخص في إنه كلماقل السعر زاد الطلب على السلعة أو كلما زاد العرض قل الطلب، وبتطبيق معامل الارتباط بين المتغيرين (الإنتاج والأسعار) وجد أن العلاقة الارتباطية طردية وقوية نوعا ما (76.0) أي أن الإنتاج قد يزداد دون أن يتأثر بزيادة الأسعار مما يؤكد حقيقة القانون السابق الإشارة إليه الذي يتحكم بتذبذب إنتاج البترول وأسعاره.
تعتمد المملكة في تحديد أسعار بترولها على ثلاث مناطق رئيسية وهي أوروبا والشرق الأقصى وأمريكا الشمالية، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا والاجابة عليه تحتل اقتراحا للباحثة لماذا لا ينشأ بالمملكة سوق سعودية خاصة لتحديد الأسعار أسوة بالمناطق الثلاث على اعتبار ان المملكة أكبر منتج للبترول في العالم.
وقالت الدكتورة فريال الهاجري في ملخص دراستها ان البترول الخام يعتبر من أهم الأنشطة الاقتصادية للمملكة العربية السعودية إذ يلعب دورا هاما في تشكيل القاعدة الأساسية للاقتصاد السعودي لكونه الممول الأساسي لجميع القطاعات الإنتاجية كما أنه مصدر الطاقة التي تعتمد عليها الصناعات الحديثة في المملكة فهو الموجه الأساسي للاقتصاد العالمي في السلم والحرب على حد سواء.
وتهدف هذه الدراسة الى تتبع أثر حربي الخليج الأولى والثانية على أهم الأنشطة الاقتصادية في المملكة العربية السعودية والمتمثل بالقطاع البترولي باعتبارها دولة بترولية تعتمد على الإيرادات البترولية لتمويل ميزانيتها، وبالتالي أي تغيير في أسواق البترول سواء في الأسعار أو الإنتاج سيؤثر على عملية تمويل ميزانيتها، وبالتحديد يحاول البحث عن إجابة السؤال التالي:
هل حرب الخليج التي امتدت لأكثر من عشر سنوات بدءا بالحرب الإيرانية العراقية عام 1980م ثم الغزو العراقي للكويت وحرب التحرير الكويتية عامي 1990 1991م هي وراء هذا التذبذب في العقد الأخير أم أن هناك عوامل أخرى محلية أو عالمية أثرت في عملية تذبذب الإنتاج والأسعار؟ وهي بذلك تمثل الفرضية التي ستقوم عليها هذه الدراسة.
ولتحقيق هذا الهدف كان لابد من التطرق لحربي الخليج الأولى والثانية للتعرف على دور المملكة العربية السعودية لكونها الدولة الشقيقة والمجاورة من ناحية وأكبر منتج للزيت الخام وعضو أساسي في منظمة الأوبك من ناحية أخرى تلتها دراسة تطور الإنتاج البترولي وتذبذب أسعاره قبل وبعد سنة من بدء حرب الخليج الأولى والثانية على التوالي مع التطرق لنبذة عن تطور إنتاج البترول وأسعاره منذ اكتشافه عام 1938م وتصديره عالميا عام 1939م وحتى عام 1998م للتعرف على المراحل التطورية التي مر بها بدون حرب ومدى تأثره بحربي الخليج الأولى والثانية تحسبا لأية توقعات مستقبلية.
واعتمدت الباحثة في هذه الدراسة على المنهج الموضوعي بالاضافة الى المنهجين التاريخي عن دراسة تطور إنتاج البترول وتذبذب أسعاره والمنهج الأصولي لتحليل الأسباب الكامنة وراء تذبذب إنتاج وأسعار البترول السعودي.
|
|
|
|
|