| العالم اليوم
أشبه بالعرس ذلك الفرح الذي استقبلت به واشنطن ولندن وباريس نبأ اعتقال الجزار الصربي سلوبدان ميلوسيفيتش، فالغرب عموماً يعتبر الرئيس اليوغسلافي السابق خصمه السياسي والايدلوجي منذ ان خدعه وانقلب عليه، فالذي لايعرفه الكثيرون هو ان سلوبدان ميلوسيفيتش كان بالنسبة للغرب النسخة الصربية لجورباتشوف فقد «لمّع» الغرب ميلوسيفيتش وأعدوه ليكون الزعيم الذي سيخلف تيتو، واتبعوا نفس طريقة اعداد جورباتشوف وللغرب طرق عديدة، والذي مهد الطريق لميلوسيفيتش للاستفادة من «المساعدة» الغربية ان ميلوسيفيتش كان المسئول عن المؤسسة المصرفية، وهو بلغة أهل البنوك «بنك مان» وكان يتطلب ان يكون ملماً باللغة الانكليزية حتى يستطيع تمثيل يوغسلافيا في المؤسسات المالية الدولية، وفعلاً أتيحت الفرصة لميلوسيفيتش لدراسة اللغة الانجليزية واكتساب الخبرة الدولية في عالم البنوك وادارة المؤسسات المالية، ومثلما صعد جورباتشوف بسرعة في سلم السلطة في الاتحاد السوفيتي تسلق ميلوسيفيتش السلطة بسرعة أذهلت معلميه ومن دعموه في الحزب الشيوعي اليوغسلافي، وفي البداية تبنى ميلوسيفيتش الحلم الغربي فبشر بمكافحة البيروقراطية ودغدغ عقول اليوغسلاف بالاقتراب من الليبرالية، إلا ان هذا التوجه.. والحلم الغربي انتهى بعد عام واحد حينما نزع الرداء الليبرالي وارتدى العباءة القومية المغلفة باللون الاشتراكي، وشيئاً فشيئا أخذت نوايا ميلوسيفيتش وتوجهاته العنصرية الشوفينية تظهر بتعبئة الصرب واعدادهم عسكرياً وسياسياً لبناء ما يسمى بصربيا الكبرى.
البداية كانت عندما ساعد على تفكيك يوغسلافيا.. تفكيك ليس كالذي أنجزه جورباتشوف في الاتحاد السوفيتي، فقد كان تفكيكاً سلمياً اما ما حصل في يوغسلافيا فجميعنا نعرف كيف تم تجزئة يوغسلافيا... بحار من الدماء.. ابادة المئات ، بل الآلاف ليس فقط من القوميات السلافية أو الكرواتية ومن الاديان الأخرى وفي مقدمتهم المسلمون ومن بعدهم البروتستانت، بل ايضا الصرب الذين كتب عليهم تحمل تعصب ميلوسيفيتش ونظرته العنصرية التي انتهت به الى السجن.. بعد ان ثبت قبل ذلك استحالة تحقيق الكيانات العنصرية.
تجربة الصرب التي وصلت الى امام محاكمات مجرمي الحرب.. فشلها ومحاكمة رموزها امام المحاكم الدولية لن تكون الأخيرة.. فرموز ومجرمو الكيانات العنصرية الأخرى مهما احيطوا بالحماية وابعاد القوانين وتعطيلها فلن يستمروا طويلاً.. واذا سقط جزار الصرب في قبضة العدالة... فإن جزاري اسرائيل الذين لايقلون اجراماً عن مجرمي الصرب لابد وان يأتي الدور عليهم حتى وان كان مطاردو مجرمي الصرب هم الذين يحمون جزاري اسرائيل.
لمراسلة الكاتب
jaser@al-jazirah.com
|
|
|
|
|