| تحقيقات
* لقاء عمر اللحيان
إيذاء الأطفال وسوء معاملتهم من المشكلات التي تعاني منها شريحة من أبنائنا الصغار الذين تقع أعمارهم في الفئات العمرية التي تشتمل على فترات الطفولة المبكرة والوسطى والمتأخرة، حيث يجد هؤلاء الأطفال من الوالدين والاخوة أو الأقران أو زملائهم في المدرسة أو بعض المعلمين أو ممن يكبرونهم سناً ما يتسبب في ايذائهم بدنياً أو نفسياً أو من خلال التحرشات الجنسية واساءة معاملتهم بما يؤدي إلى مضاعفات صحية أو بدنية أو نفسية واجتماعية.
هذا وقد أدركت وزارة المعارف ممثلة في الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد أهمية الحد من ايذاء الأطفال والمشكلات المرتبطة بها حيث بدأت حالياً بتطبيق برنامج «الحد من ايذاء الأطفال» في عدد من المناطق التعليمية.
ولإلقاء الضوء على هذا البرنامج كان ل«الجزيرة» لقاء مع مدير عام التوجيه والإرشاد بالوزارة الاستاذ بجاد بن محمد العتيبي الذي أوضح ان هذا البرنامج يهدف إلى التأكيد على ما تتضمنه تعاليم الشريعة الإسلامية الغراء الداعية إلى تحسين معاملة الاطفال وتربيتهم وفق المنهج الإسلامي السليم بما يكفل لهم النمو السوي صحياً ونفسياً واجتماعياً، والعمل على تهيئة البيئة التربوية والأسرية المناسبة للطفل سواء في منزله من خلال اسرته أو في مدرسته بما يحقق له حياة مطمئنة كريمة وتبصير اولياء امور الطلاب والمعلمين بالأساليب التربوية الملائمة للتعامل مع متطلبات مراحل نمو الاطفال الفسيولوجية والنفسية والاجتماعية ومتطلباتها المختلفة للحد من سوء التعامل مع الأطفال وسوء معاملتهم خلال مراحل نموهم إلى جانب العمل على تلبية حاجات الأطفال واشباعها على مستوى الاسرة والمدرسة والمجتمع وايجاد الخدمات التربوية المناسبة، وتجنب جميع الاشكال التي تؤذي الأطفال بدنيا أو جسميا أو نفسيا أو تحرشات جنسية أو ما يجرح مشاعرهم من الفاظ نابية ونحوها لا تليق بالمؤسسات التعليمية ومنسوبيها.
وأشار إلى ان البرنامج يتضمن عدداً من الخطوات من أهمها: الاطلاع على الدراسات والبحوث التي تناولت هذا الموضوع بشكل عام وفي البيئة السعودية على وجه الخصوص، وحصر حالات ايذاء الاطفال وسوء معاملتهم التي يكتشفها العاملون في المدارس والوحدات الارشادية ومراكز تطوير الخدمات الارشادية والتعامل مع كل حالة على حدة من قبل المرشد الطلابي في المدرسة، ودراسة العوامل والظروف التي نشأت فيها هذه الظاهرة على مستوى المدارس وإدارات التعليم والوزارة ووضع التصورات المناسبة للتعامل معها، والاتصال بالجهات ذات العلاقة كالوحدات الصحية المدرسية ومراكز الرعاية الأولية والمستشفيات ومراكز رعاية الطفولة والأمومة والأسر وغيرها للحصول على ما لديها من معلومات ومعالجات لهذه الظاهرة، والتنسيق مع القطاعات ذات العلاقة بإدارات التعليم والوزارة مثل وحدة الصحة المدرسية وإدارة البحوث التربوية والأمانة العامة للجنة الوطنية السعودية لرعاية الطفولة والنشاط الطلابي وخدمات الطلاب والمتابعة الإدارية والشؤون القانونية وغيرها وذلك بغرض الحصول على ما لديها من اهتمامات بهذا الموضوع والالتزام بما ورد في بنود اتفاقية حقوق الطفل الصادرة من هيئة الأمم المتحدة والتي وافقت عليها المملكة وخاصة البنود المتعلقة بالاساءات الموجهة للأطفال وأهمية توافقها مع المنظور الشرعي الذي يحث عليه ديننا الحنيف، والاطلاع على الخبرات الدولية في هذا المجال والاستفادة منها من خلال ما تقوم به بعض الدول حول حماية اطفالها من الايذاء والاساءة والاهمال، مع بيان حاجة الطلاب بعامة والاطفال بخاصة إلى التربية المبنية على التفاهم والحوار والتوجيه بين المعلم والطالب بما يعزز العلاقة بينهما حيث ان ذلك من أهم الأساسيات التربوية التي ينبغي على العاملين في المدرسة الاهتمام بها، بالإضافة إلى ضرورة إلمام المعلم والمرشد الطلابي بخصائص النمو في مراحله المختلفة وحاجات الاطفال النفسية والتربوية من خلال مراحل الدراسة وفق فئاتهم العمرية وبما يعينه على تفسير السلوك والتفاعل الايجابي مع الطلاب، وحظر استخدام العقاب البدني من قبل جميع العاملين في المدرسة «إداريين ومعلمين» نهائياً وبالذات المرشد أو المعلم في التعامل مع الأطفال وتعزيز مفهوم القدوة الطيبة والحكمة الحسنة عملاً بقول الحق تبارك وتعالى «أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن» وقال رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وتحسين دور الإشراف اليومي بالمدرسة أثناء الفسحة والفترات الانتقالية بين الحصص وملاحظة حركة الطلاب في فناء المدرسة وفي دورات المياه وبخاصة اثناء الوضوء استعداداً لصلاة الظهر وفي أثناء مزاولة النشاط المدرسي بجميع أنواعه.
التوجيه والإرشاد
إضافة إلى تفعيل دور التوجيه والارشاد وخاصة الوقائي منه في رعاية الأطفال الذين يواجهون الايذاء والاهمال من خلال امور منها: استكشاف حالات الاساءة أو الاهمال لأطفالنا ومن خلال ملاحظات المعلمين أو المرشد الطلابي أو اولياء الامور أو الطلاب انفسهم، ودراسة الحالات المتعلقة بايذاء الاطفال المحولة للمرشد الطلابي للتعامل معها بالأساليب التربوية بعد التعرف على العوامل المسببة للايذاء أو الاهمال وتحميل مسؤولية ما يقع على هؤلاء الأطفال على المتسببين في ذلك سواء من المعلمين أو أولياء الأمور أو الزملاء والأقران وغيرهم، وتبصير أولياء الأمور بأساليب رعاية الأبناء وتعريفهم بالمخاطر المترتبة على الايذاء والاهمال للأطفال وذلك من خلال اللقاءات ومجالس الآباء والمعلمين والنشرات والمطويات والرسائل الارشادية المختلفة، والحفاظ على سرية المعلومات المتعلقة بحالات الايذاءات والاساءات الموجهة للأطفال في ضوء تعليمات الميثاق الاخلافي لمهنة التوجيه والارشاد، وتحويل الحالات المتعلقة بإيذاء الأطفال التي تحتاج إلى مزيد من الرعاية والمتابعة إلى الجهات المعنية كالوحدات الصحية المدرسية أو مراكز الرعاية الأولية أو المستشفيات أو العيادات النفسية وغيرها، ومتابعة النتائج المترتبة على هذا التحويل لمتابعة هذه الحالات في المدرسة فيما بعد، والاستفادة من فعاليات النشاط المدرسي بجميع جوانبه وتشجيع جميع الأطفال على ممارسته والانخراط فيه وتوعية الأسرة والمعلمين بكيفية التعامل الايجابي مع الأطفال وأهمية تجنب العقاب البدني، وحمايتهم من الوقوع في بعض الكوارث كالحروق والابتعاد عن الأدوات التي لديها القابلية للاشتعال كمواقد الغاز والكهرباء والكدمات والانزلاقات والوقوع من الأماكن المرتفعة والابتعاد عن أساليب التخويف والتهديد والاستهزاء بجميع أشكالها، وتعريف المجتمع المدرسي وخصوصاً في مرحلتي التعليم الابتدائي والمتوسط بالاساليب التربوية المناسبة للحد من وقوع الأطفال في المشكلات السلوكية.
وافاد العتيبي ان البرنامج يتضمن نشرة مختصرة حول ايذاء الأطفال أوضحت ان ايذاء الأطفال انواع منها: اهمال الطفل الاهمال الدائم أو المنقطع للاطفال، أو القصور في حمايته من أي خطر قد يتعرض له ومن انواع الاهمال الحرمان من الضروريات والاهمال الطبي والتعليمي والعاطفي ويشتمل على اهمال والدي الطفل له وعدم إشرافهما عليه مما يؤدي إلى تضرره، والايذاء البدني وهو اهمال بدني متعمد كإمساك الدواء أو الغذاء عنه أو توجيه أذى مادي له كالضرب أو اللكم أو الرفس أو الخنق أو الربط أو التحرشات الجنسية أو القطع أو الحرق أو الكبت أو الحرمان المادي، والايذاء النفسي: وهو استخدام اساليب تسبب الألم النفسي للطفل كالسخرية منه أو النبذ أو الاهمال أو التهديد أو التخويف أو توجيه العبارات الجارحة أو التفرقة بينه وبين اخوانه أو بينه وبين زملائه وحرمانه من المحبة والعطف والحنان أو اجباره على القيام بأشياء غير واقعية، والايذاء الجنسي: وهو الاستغلال الجنسي الفعلي أو المحتمل للطفل ويعني اي اتصال قسري، حيلي، أو تلاعب مع شخص كبير لطفل صغير أو في أي صورة من صور التحرش الجنسي.
وأوضحت النشرة ان ايذاء الاطفال له علامات تبدو على بعض الأطفال كالإصابة بالجوع أو سوء المظهر أو فقدان الوزن أو الاصابة بالجفاف أو الشعور بالتعب المستمر وفقدان الحيوية أو النشاط أو وجود آثار ضرب أو لكمات أو رفس أو آثار سلك كهربائي أو حزام أو عقال أو حروق من اعقاب السجائر أو أدوات كهربائية أو ربط بالحبل على اليدين والرجلين أو الرقبة أو على الجزء العلوي من جسم الطفل أو كسور في عظام الرأس أو الانف أو قطع أو تشوه متعمد في الأذن أو عظام الوجه أو في أي جزء من أجزاء الجسم أو أي جروح أو فقدان شعر الرأس بسبب الشد وكذلك من خلال أي صعوبات تبرز أثناء مشي الطفل أو جلوسه أو تلوث ملابسه الداخلية بالدماء أو لتمزقها أو لوجود أي حكة في المناطق التناسلية له أو تورمها أو لكثرة دخوله غير المتوقع لدورة المياه أو من خلال بعض الأعراض النفسية مثل مص الاصابع أو عضها أو بعض الاضطرابات النفسية مثل رغبته في تحطيم ما يقع في يده من أشياء أو عزلته عن زملائه واخوانه أو اصابته باضطرابات في النوم أو الخوف من اللعب أو اصابته بالهستيريا أو المخاوف المرضية والقلق والوساوس بجميع أنواعها.
وقد يقع ايذاء الاطفال من الوالدين أو الاخوة الكبار أو العمالة المنزلية أو المعلمين أو من الزملاء والاصدقاء الاكبر سناً أو من المعالجين الشعبيين وغيرهم، وقد يكون سبب ايذاء الوالدين أو اولياء الامور لأطفالهم بهدف ايقاع العقاب عليهم مما يتسببون في ايذائهم.
وأشار العتيبي إلى ان سبل الوقاية من ايذاء الأطفال تتمثل في اهمية ادراك هذا الموضوع من قبل العاملين في المدارس واولياء امور الطلاب والمجتمع المحلي وتضافر جهودهم وتعاونهم وابراز دور وسائل الإعلام المحلية والمدرسية في القيام بدور التوعية والقاء الضوء على ظاهرة ايذاء الاطفال للوقاية منها والحد من انتشارها، وللتوجيه والارشاد الوقائي في المدرسة دور في تعريف الطلاب وأولياء أمورهم ومعلميهم بأساليب رعاية الأطفال وكيفية التعامل معهم وتنشئتهم التنشئة الخلقية السليمة المبنية على المحبة والتراحم والعطف المستمدة من تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف عملاً بقول الله سبحانه وتعالى «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك.. الآية» وان نغرس في الاطفال الثقة بأنفسهم وتعزيز التقدير لذواتهم بما يقوي من شخصياتهم تجاه المواقف التي تواجههم، ومساعدتهم على اختيار الرفقة الطيبة، كما ينبغي تشجيع الاطفال على ابلاغ إدارة المدرسة أو المرشد الطلابي عن أي مقدمات للايذاء وبأي صورة من الصور وتبصيرهم بالأساليب التي تمكنهم من الدفاع عن انفسهم عند مداهمتهم لبعض الأخطار كمحاولة التحرش الجنسي أو الاغتصاب أو الاعتداء عليهم بالضرب والتخلص من الوقوع تحت مظلة التهديد بجميع أشكاله.
|
|
|
|
|