| فنون مسرحية
حول تداعيات وأصداء يوم المسرح العالمي الذي احتفل به العالم الثلاثاء الماضي قال الأستاذ سمعان العاني المخرج المسرحي بجمعية الثقافة والفنون بالرياض: عندما يهوى الإنسان شيئاً في الحياة.. تراه يتذكر الماضي السعيد ويعيش حاضره الطموح ويحلم بالمستقبل الزاهر.
ويوم 27 مارس (آذار) من كل عام يكون الاحتفال بالمسرح العالمي.. لتأكيد أهمية هذا الإبداع الفكري والعاطفي الذي أبدعه الإنسان قبل التاريخ عند الاغريق وحتى يومنا هذا.. فكان التجريب الغاية والوسيلة نحو التطوير والتجديد ليعاصر تاريخ البشرية ومراحل التحولات الكبرى في الحياة.
وأضاف أتذكر يوم كنت طالباً في السنة الأولى لدراسة المسرح بأكاديمية الفنون الجميلة ببغداد، كنا مجموعة من الشباب المتحمس للدراسة والتحصيل والاجتهاد. وكان أحد الإخوان في السنة الأخيرة قبل التخرج قد لاحظ فينا طموحاً لتحقيق شيء في المسرح، اقترح علينا عملا مسرحيا للمشاركة به بيوم المسرح العالمي في المركز الثقافي لإحدى الدول الأوروبية.
وأردف العاني قائلاً: :فكانت مسرحية (هو والصمت) أخرجها لنا وكنا ثلاثة ممثلين قمنا بتمثيل جميع الأدوار حيث كان كل ممثل يقوم بتمثيل أكثر من شخصية في نفس الوقت. وكان هذا اليوم هو 27 مارس 1971م.
الحضور كبير والنجاح أكبر فرسّخ وزرع فينا هذا اليوم وهذه المناسبة.
وتمر سنيّ الاحتفال من كل عام ولجميع الجهات ذات العلاقة.
مرة أخري احتفالية عام 27 مارس 1973م ومسرحية (بسي سميث) أخرجها د. عوني كرومي. حيث كان طالباً في الدراسات العليا وقام بزيارة فرقته (فرقة المسرح الشعبي) وكنت أحد الممثلين فيها وهكذا تمر سنيّ الاحتفال وترتبط الذاكرة بالمسرح وأيامه.. فواجب الفنان المسرحي أن يعيش هذه الذكرى سنوياً كعنصر فاعل في أي عمل حتى ولو كان مشاهداً".
وعن علاقة المسرح السعودي بيوم المسرح العالمي قال: "المسرح السعودي قبل أكثر من خمسة عشر عاماً يحتفل بهذا اليوم دون تنظيم أو تذكير من أحد.. حيث كان هناك عرض مسرحي يرافق هذه المناسبة دون تسليط الأضواء عليها بشكل رسمي أو متابعة صحفية. وهناك عمل مسرحي محلي في الرياض أو الدمام أو الأحساء أو جدة. وكانت جامعة الملك سعود تعرض المسرحيات الخاصة بها وإدارة التعليم ورعاية الشباب أكثر نشاطاً في تقديم العروض المسرحية - أي كنا نحتفل بهذا اليوم كأفراد أو جهات دون أن يركز عليه من قبل كثير من المهتمين بالحركة المسرحية (أي نحتفل دون أن ندري". وعن يوم المسرح الماضي (27 مارس 2001م) قال هي كحالها من عشر سنين أو أكثر قليلاً فليس هناك من عروض مسرحية محلية على مستوى ما كان قبل خمس عشرة سنة.. ويتحمل مسؤولية ذلك أولاً الجهات المسؤولة ذات العلاقة، اما لعدم الاقتناع أو أن المسرح لا يشكل لهم قضية أو هما.. وثانياً الفنانون المسرحيون أنفسهم وبالذات الذين صنع نجوميتهم وظهورهم المسرح. بل وصنع مستقبلهم المادي وما هم عليه الآن (مسكين مسرح اليوم).
وعن مشاعره تجاه يوم المسرح العالمي قال العاني: تسعفني الذاكرة بهذا اليوم قبل مجيئه - ولكن ليس باليد حيلة - كما يقال - على من نطرح مشروع الاحتفال ونحن بعيدون عن ديمومة الحركة المسرحية المحلية (تريد أن تزرع شجرة ولا تملك الماء) هذه هي حالة المسرح اليوم.
وأضاف: :فليس هناك إلا أن تعيش على ذكرى الماضي وأيامه المسرحية. سألت نفسي ماذا أفعل بيوم المسرح العالمي؟ ذهبت يميناً وعدت شمالاً ضربت أخماساً بأسداس، فالأبواب مغلقة وهذا ما يحز في النفس.. ولكي تطمئن النفس وتتفاءل ببصيص أمل أو تلاحظ ولو خيط شعاع، قررت الذهاب إلى مسرح المركز الثقافي بالفوطة وامتع عيوني بخشبة المسرح فقط.وأعيد ذكريات المسرح (فلاش باك) لجميع العروض السابقة داخل المملكة وخارجها محلياً وعالمياً حتى عندما كنت مشاهداً. وسأكون سعيداً قنوعاً بهذا. وفي نفس الوقت أشاهد شباب ورشة المسرح بالرياض باشراف الأستاذ محمد العثيم.
فتأتي المفاجأة غير المتوقعة، يرن "التلفون" وإذا الأخ سعد المدهش مسؤول المسرح في مركز الأمير سلمان الاجتماعي يدعوني لمشاهدة مسرحيتين قصيرتين محليتين ضمن نشاط المركز هذا اليوم 27 مارس 2001م - كيف يحدث هذا؟.. لم اتمالك نفسي من السعادة بهذه الدعوة. أشاهد مسرحاً في هذا اليوم وأنا الذي أقنعت نفسي بمشاهدة خشبة المسرح فقط..! (يا سبحان الله.. على نياتكم ترزقون أيها المسرحيون).
ذهبت إلى المركز وجلست بين الجمهور وكان جمهوراً خاصاً لأعضاء المركز وهناك ضيوف آخرون وبالذات المسرحيون منهم الإخوان مشعل الرشيد، فهد الحوشاني، رجاء العتيبي وغيرهم.بدأ الحفل وشاهدت المسرحية الأولى (منحاس وفطيس) تأليف وإخراج وتمثيل ابراهيم العبيد وآخرين، والثانية مسرحية (ساعة توقيف) تأليف وإخراج سعد المدهش تمثيل حبيب الحبيب، عبدالله الزهراني، وغيرهما..المسرحيتان تعالجان مشاكل اجتماعية بأسلوب كوميدي، وظهرت فيهما مواهب واعدة تأليفاً وإخراجاً وتمثيلا.. ولكن خانت الذاكرة أيضاً المسؤولين عن الحفل بأن يوضحوا ويذكّروا الجمهور بمناسبة يوم المسرح العالمي، أيضاً (التاريخ يعيد نفسه.. نحتفل دون أن ندري).
كم كنت سعيداً بهذه الليلة، أكون مشاهداً لعرض مسرحي في ذكرى يوم المسرح العالمي، لا أقول إلا شكراً لهؤلاء المسرحيين الواعدين، فالمستقبل لهم ولغيرهم من الصادقين الملتزمين بدور المسرح ورسالته في المجتمع، وسوف يتحقق كل ما يتمناه الفنان المسرحي اسوة بما يمتاز به المسرح في بلدان العالم.
|
|
|
|
|