| الاقتصادية
يشهد العالم من وقت لآخرتقلبات اقتصادية لا تعترف بالحدود وإنما تنتقل من مكان الى آخر بسرعة متناهية، وعادة ما يكون منشؤها في دولة ما أ و مجموعة دول لكن مع وجود التأثير والتأثر المتبادلين بين اقتصادات دول العالم فإن هذه التقلبات سرعان ما تعرف طريقها الى بقية الدول. فالتغيرات في سعر الفائدة وعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمريكية لا تؤثر في أسواق الأسهم الأمريكية فقط بل إن تأثيرها يمتد الى الأسواق خارج الولايات المتحدة الأمريكية والى أسعار صرف عملات دول كثيرة وتؤثر أيضا في حركة رؤوس الأموال على مستوى العالم ككل. ولعل تزايد الانفتاح الاقتصادي وتزايد حرية حركة السلع والخدمات ورؤوس الأموال والتقدم الكبير في الاتصالات من العوامل التي ساهمت بشكل كبير وواضح وملموس في تزايد درجة التأثير والتأثر المتبادلين للاقتصادات المختلفة.
ويلعب العامل الأخير دورا بارزا في السنوات الأخيرة حتى ليظن المتابع ان التطورات المتلاحقة في الاتصالات ما هي إلا لخدمة الجوانب الاقتصادية. فقد سهل التطور في قطاع الاتصالات عملية انتقال المعلومات ووصولها في الوقت المناسب من مكان إلى آخر فما يحدث على سبيل المثال في الأسواق المالية في الولايات المتحدة الأمريكية يعرف في نفس الوقت في بقية الأماكن والأسواق ذات العلاقة وتبنى على ذلك القرارات المختلفة في أماكن شتى من العالم.
كما سهل التقدم في الاتصالات عملية انتقال رؤوس الأموال من دولة الى أخرى ومن سوق الى أخرى خلال دقائق قليلة. كما أصبحت عملية الاستيراد والتصدير أكثر سهولة ويسراً وسرعة من ذي قبل بفضل التجارة الإلكترونية، وأصبح بإمكان الشخص ان يشتري بعضا مما يحتاجه من أماكن متفرقة من العالم، فبدلا من التسوق داخل الحي الواحد أو المدينة الواحدة أصبح التسوق متاحا في العالم كله في جميع الأوقات. وكذا بالنسبة للبائعين أصبح السوق أوسع وأرحب من ذي قبل حتى ليكاد يشمل جميع أنحاء الدول المتقدمة صناعيا وكثيرا من الدول النامية.
والأمثلة على حالات التأثير والتأثر المتبادلين بين الدول كثيرة ومتعددة ولا تقتصر على جانب بعينه فكما ان التقلبات في أسعار الأسهم في اليابان أو في الولايات المتحدة الأمريكية تؤثر في أسعار الأسهم في بقية دول العالم فهي تؤثر كذلك في قيمة المحافظ الاستثمارية وفي إعادة هيكلتها في دول متعددة.
ويمتد تأثيرها ليشمل حركة رؤوس الأموال على مستوى العالم.
والركود الاقتصادي الذي يحدث في مكان ما من العالم ينتقل بشكل طبيعي الى أماكن أخرى من العالم عبر التبادل التجاري والمالي بين الدول. وتسهم الاتصالات في نقل الكثير من المعلومات والتي تؤثر على قرارات المستثمرين والمستهلكين في دول لمّا يصلها بعد الركود الاقتصادي وتجعلهم يتخذون قراراتهم كما لو أن الركود واقع فعلا.
ويتصور كثيرون ان الانفاق الحكومي والتغيرات فيه أمر داخلي ولا تؤثر إلا على المتغيرات الداخلية لكن الواقع غير ذلك، فالتغيرات في الإنفاق الحكومي للدول الفاعلة في الاقتصاد العالمي تؤثر في أسعار الفائدة على مستوى العالم وداخل الدول وتؤثر كذلك في مستويات الأسعار في العديد من الدول وفي كميات صادراتها وفي أسعار صرف عملاتها الى غير ذلك.
* قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية - جامعة الإمام محمد بن سعود
|
|
|
|
|